|
مسرح |
"ب الأبيض" دراما نسوية في مهرجان آفاق مسرحية
|
|
|
القاهرة 19 نوفمبر 2024 الساعة 11:31 ص
كتب: جمال الفيشاوي
في إطار الدورة العاشرة من مهرجان آفاق مسرحية العربي)دورة الفنان الراحل نور الشريف)، والذي يقام على ثلاثة مراحل، المرحلة الأولى لمشاهدة واختيار العروض، والثانية ملتقي المسابقات التي يشارك بها عروض من مختلف فنون العرض المسرحي وتقام على مسرح آفاق وتشارك بها فرق محلية، والمرحلة الثالثة تقام على مسرح الهناجر من العروض التي فازت من المرحلة الثانية ويضاف إليها عروض مسرحية من الوطن العربي.
وضمن العروض التي فازت في المرحلة الثانية قدمت فرقة ميزانسين ضمن مسابقة عروض المرحلة الثالثة على مسرح الهناجر بالأوبرا العرض المسرحي "ب الأبيض" تأليف (مهرائيل نخلة) ومن إخراج (مايكل نصحي)، وقد رشح العرض لعدد من الجوائز منها: أفضل ملابس (مريم عادل)، أفضل موسيقى (ماريهام صبحي) أفضل ممثلة دور أول (مارجريت مسعود)، وقد فاز العرض بجائزة افضل عرض قصير، وجائزة أفضل ممثلة (مريم عادل) على مستوى المهرجان.
تدور الفكرة الرئيسية حول أربعة فتيات يتطلعن إلى تغيير واقعهم المعيش، وتحقيق رغباتهن.
تدور الحكاية حول قصص مختلفة لأربعة بنات كل منهن لها حكاية، وحالتها مختلفة عن الأخرى، وتوجد شخصية خامسة تعتبر هي الشخصية الرئيسية التي تربط الحكايات الأربع معا وهي شخصية الفستان (كريستين مجدي)، هذا الفستان هو فستان الفرح في ليلة الزفاف ذو اللون الأبيض، فماذا لو كان هذا الفستان شخصية من لحم ودم يشعر ويتحدث كالإنسان، فماذا يقول لكل بنت ترتديه..
فالحالة الأولى من هذه البنات عروسة الأمومة (مريم عادل) لديها حلم الأمومة، لكن لديها مشكلة معينه في الرحم تمنعها من الحمل، تتخيل هذه الفتاة أن لديها ولدًا يكبر أمام عينها منذ أن كان طفلاً إلى أن يصبح شاباً عريسا يرتدي بدلة الفرح، وتتحدث معه وتنهره لعدم رده عليها، تظهر فجأة الطبيبة (مونيكا مجدي) على خشبة المسرح وتبلغها بأن كل التحاليل والتقارير الطبية تؤكد أن احتمال فرصة الحمل والولادة لديها ضئيلة جدا، وكان الحل لهذه المشكلة أنه من الممكن أن تتبنى طفلا من ملجأ أطفال.
والحالة الثانية عروسة الفقر (مريم وجدي) فتاة تعاني من الفقر المدقع، ولذا كان حلمها أن تتزوج علي بابا حتي يغمرها بأمواله الطائلة، فهي تعتقد أنها بهجر منزل والديها والزواج من العريس الذي ينشلها من الفقر سوف تحل كل مشاكلها المادية، لكننا نشاهد أن هذا الحلم لم يحقق، والحل بأنه كان يجب عليها أن تعمل لتستقل بنفسها.
أما الحالة الثالثة وهي عروسة الجنس (ماريهام صبحي) فقصتها أنها عندما كانت طفلة (جسدت الشخصية رحمة وليد) ومن عدم الحرص وإهمال الأب والأم وعدم مراعاة وجود الطفلة معهم بالمنزل، مما أدى إلى أن شاهدت هذه الطفلة والدها (مينا عادل) ووالدتها (جورجيا عزت) في وضع الممارسة كزوجين بعلاقة شرعية، لكن هذه العلاقة، أو هذا الوضع من وجه نظر الفتاة أن هو وضع مخل، ويقوم كلٌّ من الأب والأم بنهرها وتوبيخها بدلاً من أن يوضحا لها أن هذه علاقة طبيعة بين الزوجين وأنها جاءت نتيجة هذه العلاقة ويعالجاها نفسيا؛ لكن نهرها وإهانتها أثرا فيها وتركا عقدة نفسية للفتاة، وبالتالي بدأت بالدخول إلى عالم السوشيال ميديا مستخدمة الإنترنت لتستقي المعلومات واكتشاف الأمر، وفي إحدى المرات ضبطتها أمها متلبسة تشاهد إحدى المشاهد المخلة، فما كان منها إلا إهانتها ونهرها وتوبيخها للمرة الثانية بدلا من إيضاح الأمر، وأن ما فعلته خطأ وتصحح لها معلوماتها، مما أدى إلى أن هذه الفتاة أدمنت مشاهدة الأفلام الإباحية، ولم تكتف بالمشاهدة فقط بل قررت أن تمارسه في الحقيقة، ولكن السؤال كيف يحدث ذلك؟ فكانت الإجابة والوسيلة الوحيدة هي البحث عن عريس لتتزوج، وكان الحل بدلاً من البحث عن زوج، كان ولا بد أن تبحث عن طبيب يعالجها من هذا المرض.
أما عن القصة الرابعة والأخيرة فهي تعتبر من أخطر القصص، والتي ظهرت في المجتمع بشكل فج، وهي ضياع الأبناء بعد انفصال الوالدين بالطلاق، ويذهب كلاهما لتكوين بيت وأسرة جديدة مع آخرين وتعنتهما وترك الأبناء ثمرة الزواج لمستقبل مجهول، ومن عناد الوالدين لا يقبل الأب أو الأم حضانة الأبناء والإقامة مع أحدهم، وفي حكاية عروسة التحرش (مارجريت مسعود) نرى فتاة يتشاحن والديها يوم عيد ميلادها وينفصلا بالطلاق، فلم تجد من يحنو عليها وخاصة يوم ميلادها، ويقرر الوالدان بأن تذهب الفتاة للعيش عند خالتها وزوجها، وكانت تحب حواديت الأميرة والوحش، وتبناها زوج الخالة وكان يحكي هذه الحكايات، واعتبرته والدها، لكنها عندما أصبحت فتاة يافعة نظر إليها زوج الخالة (عاطف وجيه) نظرة أخرى، وتحرش بها، لذا أصبحت تبحث عن عريس حيث إنه لا يوجد مأوى لها بعد أن تحرش بها زوج الخالة، فكان الحل بأنه يجب عليها أن ترفض وتصرخ في وجه المتحرش بدلا من البحث عن عريس، والجري وراء سراب لم يتحقق، فلا يوجد أمير ينقذها من الوحش.
يعرض لنا المخرج القصص السابق بطرق مختلفة، ومن الممكن أن نعتبر أن القصص الأربع السابقة هي قصص لأربعة عروض مونودراما ولكن قدم العرض بإضافة شخصيات مساعدة مختلفة تدخل على خشبة المسرح، ووجود شخصية الفستان، وهي الشخصية الرئيسية التي ربطت بين الأحداث، وهذا الفستان يتحول إلى مشنقة تشنق به كل فتاة نفسها لكنها لا تموت، ثم يتحول الفستان إلى كفن، وينتهى العرض بجملة: (ته مربوطة بكفن بالأبيض كام أدفن).
الديكور(جوزيف بهاء) عبارة عن خمسة أبواب موجودة في مكان غير محدد، يعبر الباب الأوسط عن باب الأمل ويشبه باب شقة من التراث القديم حيث الشراعة الزجاج الطويلة المحيطة بالحديد، تخرج منه عروسة الفستان وهو رابط الحكايات بعضها بعضا، والأربعة أبواب كل منها يرمز لباب شقة؛ لكن نرى الشراعة عبارة عن مستطيل قصيرة محاط بالحديد يشبه باب السجن تخرج منه كل عروسة لتبحث عن الأمل في أن تلبس الفستان الأبيض لتزف لعريس منتظر، وعندما ننظر أعلى نهاية كل باب من الخمسة أبواب نجد أنه مصمم على شكل شاهد قبر، وهذا المنظر يدل على هروب الفتيات من السجن، لكنها ذهبت لتدفن في القبر، ويفصل بين الأبواب قماشة بيضاء تشبه الحائط رسم عليها بعض الورود والزرع شبه جاف ويعني أن بين القبر والآخر حواديت لزيارات البشر لهذه القبور ومن الممكن أن يكون بعض من هؤلاء بنات سوف ترتدي أو ارتدت الفستان الأبيض وماتت ودفنت في تلك القبور.
وضعت كنبة أنتريه أمام الأبواب في مشهد عروسة الأمومة ووالدها عندما تمثل منزلها، وقد حضر دودي (بافلي أشرف) ووالدة (عادل عماد) لخطبتها، وانتزع هذا المشهد ضحكات الجمهور حيث إن الحوار الكوميدي نفذ بشكل بسيط، وتم استخدام حبل قيدت به عروسة الفقر (ربط في وسطها) ويشد الحبل بعض الشخصيات وكلاً منهم مرتبط معها بقصة معينة فمنهم الكاشير الذي طلب منها 750 جنيه ثمن فستان كانت تريد شراءه ، فتركته لأنها لا تملك ثمنه ، وأصرت أمها (يوستينا مينا) بأن تترك الجامعة على الرغم من تفوقها في التعليم وكان أملها أن تصبح دكتوره في الجامعة، ونظرًا لضيق ذات اليد، وعدم القدرة على سداد المصروفات ترك الدراسة في الجامعة، وتقوم بتجسيد دور الفتاة وهي صغيرة (جينا أدوارد) وتشد معهم الحبل وتظهر معانيها المادية منذ الصغر، وتجسد (يوستينا رأفت) دور صديقتها، ونرى شخص ما لم يذكر عنه شيئاً، أو من هو؛ لكنه شخص ما مر في حياتها ولا تتذكره.
أما ملابس (مريم عادل) كانت عبارة عن فستان زفاف لكل عروسة، وترتدي عروسة الفستان فستان زفاف أبيض يدل على أنه غالي الثمن، وأغلى عن الفساتين الأخرى، فشخصية الفستان تفكر دائما بالعقل ولديها دائما حلول للمشاكل والعقبات، وترتدي باقي الشخصيات ملابس عصرية تدل على الزمن الحاضر (ملابس خروج أو منزل أو بالطو طبيب) على حسب الموقف.
بالنسبة لإضاءة (مايكل نصحي) نرى اللون البرتقالي المائل إلى النحاسي خلف شبابيك الأبواب ليصبح اللون قاتم ليؤكد على السجن الذي يقيد هؤلاء الفتيات، وخلف باب عروسة الفستان لون أزرق فاتح (لبني) يؤكد على أنه باب الامل، كما ظهر اللون الأزرق الفاتح (اللبني) والروز في مشهد عروسة الأمومة للتعبير عن اللا واقع أو الحلم، و استخدم اللون الأحمر والبرتقالي في مشهد عروسة الجنس حيث المشاهد التي بها حرارة والمعبرة عن المضمون، واستخدم مجموعة من الألوان مع عروسة الفقر التي لديها نوع من التمرد على معيشتها والحقد والغيرة دائما، ومن هذه الألوان اللون البرتقالي والأحمر والأزرق علي حسب الحالة الدرامية، وسيطرت الألوان المبهجة مع عروسة التحرش والتي تعبر عن حبها للحكايات الكرتونية مثل الجميلة والوحش، وفي نهاية مشهد لف عروسة الفستان بالكفن نرى مؤثرًا بالإضاءة يرتد من أعلى إلى أسفل يُشعر المتلقي بأن الروح تخرج من الجسد ثم ينزل على الجسد والذي عبر عنه هذا الفستان حلم كل عروسة والذي يحملها إلى القبر.
أما الاستعراضات (فادي سمير) كانت عبارة عن رقصة واحدة لفتاة الجنس مع ثلاثة أشخاص غطت وجوهم بماسكات معبرة عن شخصيات ما غير محددة، كانت تتنقل هذه الفتاة من شخص لآخر ثم يجتمعوا معا في رقصة واحدة في دلالة على تنقلها بينهم واجتماعها معهم دون أي اعتبارات لما سوف يحدث من أضرار.
بالنسبة للموسيقى التي أعدتها (ماريهام صبحي) فقد عبرت عن الوجع والمعاناة والشجن لكل شخصية واستخدمت الآلات الوترية مثل الكمان والتشيللو والعود في بعض الأوقات لتعبر عن كل حالة على حدة، أما المشاهد الجماعية في بداية ونهاية العرض فكان موتيفة واحدة استخدم فيها أيضاً الآلات الوترية خاصة التشيليو ليظهر صراخ وبكاء الفتيات، ومدى الألم والحزن الذي أصابهن.
|
هل لديك تعليق؟
الاسم : |
|
البريد الالكتروني : |
|
موضوع التعليق : |
|
التعليق : |
|
|
|
|
|
|
|
|
|