القاهرة 03 ديسمبر 2024 الساعة 11:18 ص
أجرت الحوار: سماح ممدوح حسن
"لأن الثقافة الحق تنافذ، نفتح هذه الزاوية نافذة بيت الخيال. نافذة يطل علينا منها كل مرة كاتب يقدم لنا فكرة عن عمله الجديد ويأخذنا فى رحلة قصيرة إلى عوالمه الإبداعية الساحرة، لنكتشف معه خفايا الكتاب وجمالياته .نافذة حرة للمؤلف الحي. نصغي إليه أولا وقبل الجميع. هدفنا الترويج للكتب الجيدة والتشجيع على قراءتها وتبادل المعرفة. .
وهذه دعوة مني أنا كمال الرياحي للمشاركة فلا تترددوا فى طرق باب بيت الخيال لنفتح لكم النافذة. فالفن لا يدخل من الأبواب المشرعة، بل من النوافذ السحرية الخارقة. فأهلا وسهلا بكم".
بهذه الكلمات يوجّه الروائي التونسي"كمال الرياحي" الدعوة للجميع للمشاركة فى الحدث الثقافي الأسبوعي أو المشروع الأدبي المتألق الذى يقيمه فى بيت الخيال. فمن تونس إلى"تورنتو" يتنقل"بيت الخيال" وهو المركز الثقافي الذى أسسه كمال الرياحي منذ سبع سنوات فى تونس، أولا لتتفرع منه مشروعات ثقافية لا تقل أهمية. حيث لا يقتصر المشروع على استضافة الكتاب ومناقشة أعمالهم، بل صار أكاديمية لتدريب وتعليم الكتاب الجدد. وبعد أن انتقل الرياحي إلى مدينة تونتو الكندية لم يأفل نجم المشروع الساطع، بل توسع ليعمل كطاقة نور تضيء للأوروبي طريق الكنوز إلى الأدب العربى، ولتتعرّف ثقافة شمال العالم على جنوبه.
لكن لكي نتعرّف على مدى أهمية مشروع كهذا ونأمل فى تعميم تجربته كان لا بد أن نتعرّف على خلفية صاحب المشروع المعرفية، ونعرف من أين جاء شغفه بالكتابة. فيقول الرياحي فى تصريحاته "لمصر المحروسة" عن أهم الكتاب الذين أثروا فيه ودفعوه للعمل فى الكتابة:
"الكثير من الكتاب الذين كانوا وراء تعلقي بالكتابة منذ بداياتي ولا أنكر أن توفيق الحكيم وجبران وطه حسين وميخائيل نعمية ويوسف إدريس كانوا الأكثر تأثيرا فى سن المراهقة. وبعدها كان الأدب الأمريكي ثم بول أوستر وارنستو ساباتو، وتجارب الكتاب المغاربة من محمد شكري ومحمد زفزاف. ومن تونس جماعة تحت السور فى ثلاثينيات تونس، ثم كان اكتشافي لرواية دون كيخوته لميجال دي سرفنتس تلك الرواية التي أصبحت مثل الكتاب الديني الذي أعيد قراءته كل سنة ولا أمل قراءتها لأنها جُمّاع التجربة الروائية ولا يمكن تجاوزها أبدا وكلما قرأتها اكتشفت المزيد من الفن الروائي. وكل رواية جيدة أقرأها اليوم أعتبر أنها أثر في، فالوعي الروائي تراكمي عبر القراءات والتجربة.
أهتم منذ سنوات بكتابة الذات وأدير ورشات في هذا المجال وخاصة فن اليوميات الذي أنتجت فيه إلى الآن بالتوازي مع تجربتي الروائية ثلاث كتب إبداعية وكتابا نقديا يظهر قريبا عن فن اليوميات. أعتبر فن اليوميات حقلا توغلت فيه عالميا وعربيا مع عدد نادر من الباحثين العرب وهو مجال بكر إلى اليوم. ولم يكن تتويجي بجائزة ابن بطوطة لفن اليوميات عن كتابي"واحد صفر للقتيل" صدفة فقد انهممت بهذا الفن سنينا ونشرت كتابا حواريا مع المُنّظر الأول لليوميات والسيرة الذاتية الفرنسي فيليب لوجون. لا يمكن أن أرى الإبداع إلا معرفة ولا يمكن أن أثق في نصوص لا يعرف أصحابها ملامح الجنس الأدبي الذي يكتبون فيه".
وبما أن لكل كاتب طقوس فى الكتابة فقد قال الرياحي عن تلك الطقوس:
"لا أعتقد أن عندي طقوس باستثناء الكتابة في الظلام نتيجة قصة حدثت لي في الطفولة، ونشأة الكتابة عندي، كنت أستعير كتبا من المكتبة العمومية البعيدة عن بيتنا الريفي البعيد وأقضي الليل أقرأ تلك الرواية لكي أعيدها صباحا وأستلم رواية جديدة".
ويستطرد الرياحي عن ورشته الأولى فى تعلّم الكتابة ويقول:
"عندما كانت أمي تطفئ القنديل كنت أتخيّل نهاية القصة. شعرت أن أمي كانت تدربني على الكتابة بطريقتها وأعتبر تلك الأيام كانت أول ورشة كتابة بحياتي قادتها أمي الأمية دون أن تعلم، ولأني كنت أكتب في الظلام ما زلت إلى اليوم أطفئ أغلب الضوء أو أشد الستائر فلا يبقى أمامي إلا ضوء اللاب توب لأتخلص من كل تشويش الأثاث والأًصوات والحركة وأبدأ الكتابة، وأنا خلافا للكثير من الكتّاب الذين يتحدثون عن إدارتهم لأقراص الموسيقى والسمفونيات لا أطيق أي صوت بما في ذلك الموسيقى. أريد أن أكتب في صمت تام لا أسمع فيه إلا حركة أًصباعي على الطابعة. وقتها فقط أشعر مع تسارعها أنني أمتلك العالم في أصباعي وأني أشكله كما أريد. وهذا ينتج عنه طقس آخر هو التقمص لأنني أمثل روايتي بتقمص شخصياتها وبأكسسواراتها لكي أسمعها وأصدقها. وبعد كل رواية أنهيها يكون هناك صندوق من الأشياء ملابس ومسدسات وقبعات ونظارات..أكون قد لبستها وأنا أمثل شخصيات الرواية. هي لعبتي الذاتية أثناء الكتابة وتمتعي بها.
وعندما سألته عن النصيحة التى يمكن أن يوجهها لشباب الكّتاب فى بداية طريق الكتابة وما عليهم أن يتسلحوا به فقال:
"نصيحتى للكتاب الشباب من المبدعين أن يثقفوا أنفسهم بالتعرف أكثر على الأجناس الأدبية جيدا قبل خوض تجربة الكتابة أو أثنائها فالكتابة معرفة قبل كل شيء والموهبة وحدها لا تكفي. قد يهدر كثيرون فكرة رائعة بمعالجة فنية سيئة أو بسبب عدم معرفة الواحد منهم بخصائص الأجناس الأدبية، ومع ذلك، أنصح بالقراءة والقراءة اليومية لكلاسيكيات الأدب العالمي والعربي وأن يتمسكوا بالكتابة كهوية ولا يتعاملوا معها كترف ووجاهة اجتماعية".
يذكر أن كمال الرياحي، روائي وإعلامي وصحفى تونسي. من أهم أعماله: رواية "المشرط"، رواية "فرانكشتاين تونس"، وراية "الغوريلا"، ورواية "نادي القتال". وكتاب "الروائي العربي وأسئلة السرد".
حصل الرياحي على العديد من الجوائز المرموقة أهمها: جائزة الكومار الذهبي للرواية التونسية 2007 . جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة 2018.
كما اختيرت رواياته للترجمة إلى العديد من اللغات الأجنبية، مما يدل على القيمة الأدبية العالمية لأعماله.
|