القاهرة 03 ديسمبر 2024 الساعة 11:14 ص
بقلم: شيماء عبد الناصر حارس
إن الهروب من الواقع إلى الكتابة، مثل تذوق قطعة حلوى بعد طعام حريف، أذوب في الحروف، أترك العالم بالضوضاء في نهار العمل وأجلس إلى مكتبي، الشمس والحرارة في الخارج، وأنا معي الظل والكتابة.
وأن هذا العالم مليء بالظلم والحقد والألم وأن الكتابة هي الظل الذي تجده الروح وسط حرارة هذا البركان القاتل من شرور البشر، إنها تحرر النفس وتعيد الماضي وتحنن القلب السليم وترفع عن العين عبء البكاء بدون دموع.
فمرور الأيام والأزمات على القلب والروح بدون بكاء تنكسر النفس من كثرة الآلام، لكن الكتابة ترفع الأكتاف المنحنية.
أنا التي أرهقها الألم والحزن والبكاء بدون دموع، أنا التي أكتب كي أتحرر من الألم، أنا الموجوعة التي تستظل تحت شجرة القلم الوارفة وتنعم بظلها الهادئ العليل، لا أحداث والكثير من الصمت والهدوء، في نهار رمضان تخف حركة الناس قليلا، وحدي ومعي الكتابة وأحاول التغلغل داخل أعمق نقطة داخلي أناقش أحزاني في أمري وأحاول الخروج بحل يرضي جميع الأطراف ويأتي الليل.
يقود الليل حكايتي ويتلقفني الفجر ويأتي النهار مرة أخرى ومعه أمل جديد لي، رسالة من قلبي عبر الورقة والقلم، من سيأخذ بيدي نحو يوم جديد يطبطب على جراح قلبي سوى قلمي.
وهذا العالم يظلمني مرات ومرات، مرة وأنا انسان، مرة وأنا امرأة، لكني اكتشفت أننا جميعا مظلومون ولو بدرجات مختلفة، يظلمنا الأهل والمجتمع والمدرسة والشارع والعمل، وتظلمنا الرأسمالية الحمقاء ولهاث الميديا عن المظاهر ووضع الإنسان في فوهة بركان اسمه الموضة والترند.
هذه اللحظات البطيئة، المريحة في المنزل أو في غرفة مظلمة، البطء الذي يقف كأشجار ضخمة في وجه عاصفة الزمن الهادر، البطء الذي ينعش الروح ويحييها مرة أخرى في وسط قسوة السرعة والزمن المسروق، وهو أيضًا من يجعلنا نحتمل المشاهد الصعبة لأناس يبيتون في البرد يستظلون في النهار بقطعة قماش، يختلط لديهم الزمن وتحترق الساعات، والنوم يأتي كمسكن لطيف جدا، نضع يدنا على فم العالم ونصرخ في وجهه بأن اسكت ولو لسويعات داخل الليل.
|