القاهرة 26 نوفمبر 2024 الساعة 10:06 ص
إعداد: مصطفى علي عمار
يوم 29 نوفمبر هو يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، وقد وقع الاختيار على هذا التاريخ بالتحديد لما ينطوي عليه من معانٍ ودلالات بالنسبة للشعب الفلسطيني، إذ اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نفس هذا التاريخ في عام 1947، قرار تقسيم فلسطين.
ويقدّم اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الفرصةً لاسترعاء انتباه المجتمع الدولي على حقيقة أن القضية الفلسطينية لا تزال عالقة حتى يومنا هذا، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتنازل.
• نشيد الحرّية
بقلم: خديجة مسروق - الجزائر
لا قيمة للحياة بدون حرّية. الحرّية هي الأمل الذي ينشده الإنسان منذ الولادة .فكيف يمكن لنا أن نتصور حياة شعب بأكمله وليس فردا واحدا يفتقد لنعيم الحرّية والسّلام؟ ما يحدث اليوم للشّعب الفلسطيني الذّي هو جزء من الأمة العربية جلل عظيم. إن السّلاح إذا فقد صاحبه بصيرته سيأتي على الأخضر واليابس، لأن لغة الحرب هي التّي ستتكلّم، ولغة الحرب لا تعرف سوى الدّمار والقتل.كيف لإنسان عاقل أن يتقبّل جنون الحرب؟ الأمر يتعلق بالمشهد الدّموي الذّي يسبح فيه أبناء غزة وشعب فلسطين كلّه، وهو الذّي لا يملك سوى حبّه للوطن وبعض الحجارة يقذف بها أعداءه الذّين اغتصبوا أرضه، فيكون الرّد من العدو بأسلحة فتاكة تستبيح دماءه ظلما. يقتّل الشيوخ والنّساء والأطفال وتجهض الأجنّة قبل أن تولد. مأساة شعب يعيش يومياته على دوي المدافع، نهاره بدون نهار وليله يفتقد للسكينة. ينتظر يوما تشرق فيه شمس الحقّ مع صباحات هادئة لا وجود فيها لدماء ولا لدمار.حين يصرّ هذا الشّعب على المقاومة، الحرية والموت يصنع من الحروف بنادق ويتحول الألم إلى كلمات تجعل من المستحيل يقينا ثابتا بأن القضية العادلة ستنتصر يوما، وتتحول الدّماء التّي أراقتها آلة العدو إلى زلال يروي الأرض العطشى لأنهار الحرية، حينها تعلو راية الحقّ ترفرف خفاقة في كلّ شبر من أرض الوطن.
• حول المقاومة
بقلم: د. عوني تعوج - الأردن
لست رومانسيا أحلم ولست طفوليا أضخمالبطولات. ولست ممن يشتمون إسرائيل ويلعلعون ولا أحد يسمعه. لكني أسألكم.. وبخاصة أولئك الذين ينتقصون مما أنجزته المقاومة التي قادتها حماس.. أسألهم كم مرة حلقت فوقكم طائرات إسرائيل وكنتم عاجزين مكتفين بالدعاء.. وكم من عاصمة عربية كانت تستطيع حماية أجوائها وهل تخيل أحدكم ولو في المنام أن يهرع الصهاينة إلى جحورهم خوفا وهلعا. هل كان هذا يخطر ببال أحد.. هل كانت ثمة قوة عربية أو إسلامية أو حتى غربية قادرة على إيقاف هجرة الصهاينة إلى دولة الاحتلال.. وقد فعلتها حماس وشركاؤها بظرف أسبوع. نحزن ونتأثر على ضحايا العدوان. ولكن نقول لمن يجدون ذلك مأخذا على حماس.. نقول لا تكونوا على حد قول المثل... (أهل الميت صبروا والندابات كفروا).. وأهل غزة احتسبوا شهداءهم في الجنة وما طلبوا منكم دمعة حزن ولا تعزية.. لقد صبر أهل غزة عقودا.. وتلفتوا حولهم ألف مرة ولم يسمعوا سوى صدى كلماتكم التي لم تغن من جوع ولم تجد شيئا.. تلفتوا فلم يروا إلا العدو يقتل منهم كل يوم ويهين ويذل.. فقاموا بواجب الجهاد.. وهم أدرى بحالهم.. وأدرى بما يصلحهم.. فلماذا يلوم بعض المتشدقين المقاومة.. هل تنتظر سبعين سنة أخرى.. أم تنتظر اتفاق الأخوة والجماعات واتحاد العرب ولو بعد قرون.. أم تنتظر تنظيراتكم وتحليلاتكم العسكرية العميقة.. أم تنتظر إقامة الخلافة الإسلامية.. أواستجابة دعواتكم في المساجد كل جمعة.. وأعود إلى تاريخنا القديم؛ إلى الدولة الحمدانية.. وإلى سيف الدولة.. وأقول لو أخذ سيف الدولة أنداك بمنطق المتخاذلين وانتظر اتحاد المسلمين لضاعت بلاد الشام كلها.. لكنه قاوم وجاهد وأوقف الروم وصد هجماتهم..سطوري هذه طبعا موجهة لمن يلومون حماس، أما إيجابيات ما حدث فيعرفها كثيرون ويعرفون أن شعبا قدم كل هذه التضحيات لن يكل ولن يهدأ ولن يستكين.. وهذا وعد الله طال الزمن أو قصر.
• رسالة من اليمن إلى فلسطين
بقلم: جميلة خشافة - اليمن
من اليمن السعيد أرسل رسالتي هذه إلى أبطال، وشيوخ، ورجال، ونساء، وأطفال فلسطين الحبيبة، صاحبة العزة، والكرامة، والبطولة، والتضحية، والفداء، فلسطين الحرية، والإباء، فلسطين المعطرة بأطهر وأزكى الدماء، فلسطين قضيتنا الأولى، ومسرى نبينا أقول لكم يا أهل الرباط إننا معكم، ولن نترككم وإن فرقتنا الحدود والجغرافيا، فلن تفرقنا الأخوة الدينية ولن تفرقنا الحمى الوطنية، ولن تفرقنا الأحزاب العربية نحن معكم بالدعاء، والابتهال، والكلمة والمقال، نحن معكم بالاحتجاجات، والمظاهرات لن نكل أو نمل.
يا أهل الرباط، يا أهل فلسطين وغزة نعاهدكم على الوقوف معكم، ومناصرة حقوقكم، نحن معكم حتى النصر، وتحرير فلسطين، واستعادة القدس عاصمة فلسطين، وتطهير كل شبر من دنس الصهاينة المحتلين.
• في القدس
شعر: أحمد قنديل - مصر
في القدس ِ
لَو ْ ماتَ المؤذِّن ُ
قبل َ أن ْ يصل َ النداء ُ
إلى فلسطين البطولة ِ
عبر منحدر ِ السهول ِ
وفوق َ هامات ِ الجبال ْ
ستقوم ُ ألف ُ كنيسة ٍ
في (بيت ِ لحم ٍ)
ترفع ُ الاّذان َ خفاقاً
على الأقصى
تقول ُ لِكل ِّ من مروا هنالك َ:
ارفعوا هاماتِكم ْ
الريح ُ لا تثني
الرِجال ْ
سَيُؤذِّن ُ
القسيس ُ في قدَّاسه ِ
ويقول ُ للريح ِ العَتِيَّة ِ:
زمجري حول َ المآذن ِ
أيقظي للفجر ذراتِ
الرمال ِ
سَيُؤذِّن ُ
القسيس ُ في قدَّاسِه ِ
ويقول ُ : للريح ِ العَتِية ِ ردِّدِي
(الله أكبر ُ فوق كيد ِ المعتدي) ...
الله ُ أكبر ُ يا (بلال ْ)
• بلا مأوى
شعر: نورالدين بنعيش- المغرب
رمل أنا بينالأصابع
تلعب بي الريح
تنسف حياتي
فأتناثر وحدي في البقاع!
أنا صرت وحيدًا
بلا مأوى!
كشجرة زيتون يابسة
تعفنت ثماري قبل موسم الجني
بيد الجياع!
أنا ذاك البارود المدوي..
بصوت الثائر أضج
في آذان السفلة
الرعاع!
أريدهم أن يتركوني
أن يرحلوا عن وطن أصيل
لا يقبل التفاوض..
لا تحت النار
ولا بدون نار
لا هو ولا شعبه
الشامخ الرافض بقوة
للانصياع
جبل على عشق
الموت...
يقبل بحرارة عليه
بكلّه متنافسا في اندفاع
يقاوم في كل الجبهات...
يسد الثغرات
يعيد الابتسامة لأطفال
من قطاع الشمال
وأرض الجنوب
شتتوهم وحيدين في الأصقاع.
• أصداء الأمل في زمن الألم
بقلم: د. أيمن دراوشة- قطر
(1)
في زوايا البيوت
صدى ضحكات الغائبين
حكايات لا تموت
(2)
الزيتون يبكي
تحت خناجر الاحتلال
أرض بلا سلام
(3)
فجر ينكسر
أحلام الأطفال تنام
في جرح الوطن
(4)
خطوات الخوف
تتردد في الشوارع
عيون تراقب
(5)
الليل طويل
وقلوب الأسرى تحترق
أمل ينتظر
(6)
رائحة البارود
تختلط بعبير الأرض
أسطورة لم تمت
(7)
فلسطين تنزف الجراح.
لكن في قلبها شعلة الانتصار
لن تنطفئ أبدًا
(8)
ذكريات تنتحب.
تسكن في زوايا القلب
عبر الزمن
(9)
أطفال الشهداء
يرسمون في السماء
أحلامًا مهجورة
(10)
في كل حجر
قصة من الألم والأمل
صوت الحرية.
• شهداء
بقلم: فرح تركي- العراق
(1)
قرب النافذة
طفلة تمسك
دميتها المحروقة
(2)
صفارة الانذار
في القرية
الشظايا تبحث عني
(3)
قتيلان
خلف عباءة أمي
يختبئان من القصف
(4)
تنافس الخنساء
تلك الأم.. أولادها البنين
كلهم شهداء.
(5)
علبة حليب فارغة
تصفر فيها الرياح
عند ناصية الشارع.
(6)
في المستشفى
الجرحى يبكون الشهداء
لا يشعرون بالألم.
قصة قصيرة جدا
بقلم: غادة رشاد - مصر
ترقب
تنهيدات تزلزل الأرض، تتعالى صيحات الغضب.. قاسٍ ذلك الألم الذي نهش جسدها، وهي ترى الزهور التي روتها بدماء أبنائها، غلفها السواد، على عتبات جدار الفصل صرخة مدوية زلزلت المشرق.. استشهدت مآذن الحق.
• قصص قصيرة جدا من وحي القضيةللدم النازف من ضمائر السبات
بقلم: المصطفى الصغوسي- المغرب
1948
يكاد يسمعُ صوتَ أحذيتهم على السلالم الحجرية وهم يمشطون بيوت القرية بيتاً بيتاً، يحس اقترابهم، يلملم على عجلٍ أشياءَه القليلةَ، يدس بينها علبةً خشبيةً حرص على أن تكون في قلبِ بقجته، اقتادوه والعديدَ من شبابِ قريته والقرى المجاورةِ نحو الحدود.. الآن وقد مرَّتْ سبعون سنة، ما يزال الجرحُ مفتوحاً يُفَتِّقُه حنينٌ للوطن، الآن وهو يحس بدنو ساعاته الأخيرة يطلب من حفيده الصغير أنْ يُدنِي منه العلبَةَ الخشبية كما تعودَ، يفتحها يملأ صدرَهُ من شذاها، ويكَحِّلُ عينيْه من تراب الوطن البعيدِ ويسلمه ذاك المفتاح.
مُرار
بتثاقل كبير ركب الأدراج المؤدية إلى مكتب الهجرة، حاول الابتسام في وجه موظفة الاستقبال لكن وجهه الحجري لم يطاوعه، بابتسامتها العريضة سلمته بطاقة اللجوء السياسي وتمنت له مقاماً طيباً، ندَّت عنه تنهيدةٌ حَرَّى ترثي وطناً بات بعيدا، دسَّها دون اكثرات في جيبه وتمنى لوبقي مع الخوالف ليشهد الفجر الوليد!
انحناءة بامبو
تأبط ذراعيه الفتيتين، جاهد كي لا يجعله يرى دمعتين ملحاحتين تفران من عينين زائغتين، هو الذي كثيرا ما عبأ ذهنه الصغير بحكايات عن الأرض المعطاء وحلاوة الدفن بالوطن، اليوم وهو يتوسل مهربي الحدود كي يسمحوا لهما بالانحشار في المركب الضيق هربا من حرب قطاعة الأرحام، همس لحفيده أول دروس الاغتراب: الوطن يصنعه البشر، وأن الطائر الحر قد يفقد بعض ريشاته، ولكن أبدا لن ينسى كيف يحلق من جديد.
لاجئ
صنع لنفسه أجنحةً من شمع، نحا صوبَ الغروب، سقطتُه كانت مدويةً وخواؤه النفسي كان أكبر، استفاق على هول خسارتِه: خيمةٌ تغتالُها الرياحُ وعيونُ صغارٍ تسيح أسئلةً لوامةً: أين أمانة الأجدادِ؟ لملم شظاياه وعادَ، لعله من رماد الوطن يولد من جديد!
• خط أحمر
قصة بقلم: ميسون نزال - فلسطين
لم تكن لروحهِ ثمنا أثناء نزوحه من الشمال إلى الجنوب، بل كان يحاول ضم آخر ما تبقى له من جسدِه، وذكرياتهِ التي تركها خلفه تلتهم أخضره ويابسه.
كان يسيرُ في خطٍ مستقيم دون أي انكسارٍ مع جمع من النازحين أمثاله، حينَ أشار إليه ذلك الجندي من بعيد بأن يقترب، اندفعت يده بحركة لا إرادية إلى جيبه تتحسس ذلك الحرز الجميل الذي يحمله، حيث كان صف التفتيش طويلا، اصطف بجانبهم، يداه على الحائط، والتصق أنفه بالحجر بعد أن دفعه أحد الجنود بكفه، راح يشم رائحة الحجارة..
آه كم هي جميلة رائحة حجارة غزة، ودفء الطين أيضا جميل، والطريق الموصل بين باب الداروم والمغارة التي جمع منها الخليفة سليمان بن عبد الملك أعمدة جامعه الذي بناه في الرمله، كطريق باب العامود في القدس، فأنت تشم بحواري غزة قدسية التاريخ ودفء الحضارة.
استفاق على كف الجندي يعانق عنقه من جديد، والتصق أنفه بالطين مرة أخرى، وتذكر حرزه والجندي الذي يفتش الجيوب، تمنى لو أنه تنازل عن طفولته هذه المرة ولم يلتقط شعراتها الثلاث ليحتضنها في جيبه وفوق القلب مباشرة، القلب الذي يحملها معه دائما كالحلم أينما ذهب.. تمنى لو أنه تنازل عن حلمه بأن يشم أنفاسها ورائحة شعرها مدة أطول.
دفعه الحارس إلى الأمام، جاء دوره للتفتيش، ألصقوه مرة أخرى بالحائط، رفعوا يده إلى أعلى، بحذاء أحدهم باعد ما بين قدميه، بينما راح آخر يبحث في جسده بطريقة مؤلمة جدا دفعته لأن يصرخ فتلقى ركلة بحذاء الجندي على ظهره، المهم أن يد الجندي انتهت ممسكة بالحرز الجميل، ورقة زرقاء سماوية من اللون الذي يعشقه مرتبة بعناية فائقة وبها ثلاث شعرات، أحس بصدره يخفق وهو يسمع بخشخشة الورقة بين أصابعه المعتدية، شعر أنه يتعرى وسط الشارع العام رغما عن أنفه، هذا الجندي يقتحم خصوصياته، يخرجه من تحت غطائه ويفضح أحلامه.
أغمض عينيه خجلا من حيطان الداروم، ماذا ستقول لها حين تراها تمر من نفس الشارع؟ فهي الشاهدة على أن الغرباء اقتربوا بأنوفهم من رائحة شعرها، أحس أن كل ذرة من التراب تعاتبه.. لماذا أنت صامت ؟ لماذا لا تدافع عن حبك؟ عن رائحة شعرها عن اللون الأزرق السماوي لمخدعها الذي اخترته لها؟؟ لماذا وألف لماذا ؟
استفاق على صوت الجندي يسأل... ماهذا؟
لم يجب، ليس هناك ما يصلح لإجابة جندي الاحتلال به، وحين استدار مع كف الجندي الذي أمسك ساعده ليواجهه بالسؤال، فاجأته الشعرات الثلاث عارية هكذا بدون ساتر بين كفي الجيش.
ما هذا ؟، كرر الجندي سؤاله، بينما ظل صامتا محملقا بثلاثيته التي تشوهت رغما عن أنفه، انتظر الجندي لحظات ثم هز كتفه صارخا.. ما هذا؟
لم يجب، واندفعت كفه لتنتزع ثلاثيته من بين أصابع الجندي، فبادر الجندي بصفعة على وجهه، ركله آخر وآخر حتى وقع على الأرض، وراح أحدهم يدوس الأزرق السماوي وثلاثية حبه بحذائه أمام عينيه، أحس أنهم يدوسون بأقدامهم الحنّون والياسمين، ويعتدون على لون السماء، انتقل يحبو بين بساطيرهم يلتقط ثلاثيته، وفتات الأزرق الملطخ بسواد بساطيرهم، بينما راحوا هم يقهقهون ويصرخون من حوله، تماما مثل أكلة لحوم البشر قبل الإتيان على وليمتهم.
|