القاهرة 25 نوفمبر 2024 الساعة 09:47 م
كتب: المحرر الثقافي
شهد اليوم الاثنين إقامة جلسة بحثية بعنوان "نصر أكتوبر في الثقافة الشعبية"، وذلك ضمن فعاليات الدورة السادسة والثلاثين للمؤتمر العام لأدباء مصر، الذي يحمل عنوان "أدب الانتصار والأمن الثقافي.. خمسون عامًا من العبور"، والذي تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة، وتحمل الدورة اسم الكاتب الكبير "جمال الغيطاني"، ويرأس المؤتمر الدكتور أحمد نوار، والأمين العام للمؤتمر الشاعر ياسر خليل.
وشارك في مناقشات الجلسة البحثية: د. رشا الفوال، د. أسماء خليل أحمد، فيصل الموصلي، وأدار اللقاء د. أحمد الليثي
* أسماء خليل: حرب أكتوبر لم تأخذ حقها من الكتابة الأدبية
قدمت د. أسماء خليل أحمد ورقة بحثية بعنوان "العزاء الأخير أكتوبر والموروث الشعبي"، وقالت أن التأريخ لحرب أكتوبر في التراث الشعبي موضوع مهم حيث شكل روح الشعب لما حققه من انتصار وثأر واسترداد كرامة بعد هزيمة قاسية، والثأر كموروث اجتماعي وفكرة أتت إلى مصر من الموروث العربي، وقد كان الجندي المصري على الجبهة يعزي نفسه بالأمثال والحكم الشعبية، وقد تأزم الجندي المصري بعد النكسة فسعى للثأر والنصر، وفي حرب أكتوبر حرم الشعب على نفسه الكثير من متع الحياة وأقام عزاءا كبيرا تحفيزا للأخذ بالثأر.
ثم خلصت إلى توظيف الموروث في الحرب، وذكرت أنه رغم أهمية حرب أكتوبر إلا أنها لم تأخذ حقها من الكتابة الأدبية، فكانت تجليات التحفيز الشعبي للحرب في العديد الشعبي مثل: "كنت فين يا وعد يا مقدر دي خزانة وبابها مصدر"، "يا دود كل منه وخليلي خلي ذراع السبع يحميني"، حتى الأطفال تأثروا بالحرب في ألعابهم الشعبية مثل لعبة "حرب الشوارع"، حيث كانوا يمسرحون الحرب حتى قبل الانتصار، كذلك لعبة أخرى اسمها "أبونا قتلونا"، وهي لعبة ترسم بعدا خياليا للنصر.
كذلك الأمر في الحكايات الشعبية عن المقاومة الشعبية، وحكايات العبور من خلال الشعر مثلما فعل فتحي عبد السميع وهو يتحدث عن الحرب والنصر، فكان الجنود يغنون أغنية "وانا على البندقية بغني" مثل أغنية "وانا على الربابة بغني".
كذلك انتشار مرادفات النصر في أسماء الناس مثل: نصر، ومنصور، وانتصار، وناصر، ونصير، كذلك انتشار المقاومة حتى في المواويل، وكذلك الأمر في الأداء الحركي والتعبير عن النصر مثل كابتن غزالي في السويس.
وأخيرا حكايات "الملاك المحارب"، مثل حديث الجنود عن رموز التصوف، والحديث عن وجود ملائكة تحارب معهم، وأن أولياء الله يشاركون في الحرب أيضا بجانبهم.
* أحمد الليثي: يجب إعادة قراءة النصوص الشعبية وعلاقتها بحرب أكتوبر
وفي كلمته قال د. احمد الليثي أن ما كتب عن أكتوبر في الموروث الشعبي كثير جدا، لكن الكثير من هذه الأقوال تحولت إلى ما يشبه الأساطير وتم تحميلها بقصص تعدت المعقول إلى اللامعقول، فأسطرة أكتوبر في التناول حول الأمر إلى اساطير غير معقولة، لذا من المهم للباحثين أن يعيدوا قراءة النصوص الشعبية وعلاقتها بحرب أكتوبر.
* رشا الفوال: الشعب المصري يؤمن أن المقاومة الإنسانية تعلو على آلات الحرب
أما الباحثة د. رشا الفوال فتحدثت في ورقتها البحثية عن "أكتوبر والمقاومة اللاعنفية في الأمثال الشعبية والمقاومة اللاعنفية مقاربة نقدية من منظور نفسي اجتماعي"، حيث أشارت إلى أن التراث والذاكرة الشعبية وكذلك الامثال كل ذلك يمثل مقاومة لا عنفية، فالمثل الشعبي يعتبر مرآة لتصورات الناس، وقد استثمر الشعب من أجل استنهاض الوعي الجمعي في ظل حالة الاستلاب والانهزام، وهذه الدراسة محاولة لفهم قوة الصبر والصلابة النفسية التي ساعدت الشعب على تجاوز هزيمته النفسية.
وذكرت أن المقاومة من خلال الأمثال الشعبية نوع من المقاومة المسالمة أو اللاعنفية لتحقيق الانتصار، وقد ارتكزت على عدة متغيرات، مثل إيقاظ الوعي بتحفيز السعي لتحقيق الانتصار، ثم تأتي الصلابة النفسية التي تدفعها للمقاومة، ثم الإرادة الحرة.
كذلك مجابهة الشعب المصري وإسقاط الانطباع على العدو في رسم صور سلبية للعدو في الأمثال الشعبية، وبالفعل هناك حصر كبير لعدد من الأمثال الشعبية التي تصور العدو الإسرائيلي بالصورة السيئة والقاسية.
ثم نأتي لأنماط المقاومة اللاعنفية وهي الجيش الشعبي، والتي تتعدد أنماطها: أولا هناك المجموعات المسلحة التي تعمل خلف خطوط العدو لجمع المعلومات، والنمط الثاني هو المقاومة عبر المؤازرة للقوات المسلحة من الشعب.
ثم نأتي إلى آليات المجابهة مثل بنية الصلابة النفسية والصبر في الأمثال والمقولات الشعبية، مثل قولنا "الأرض تضرب ويا أصحابها"، "نصبر على الجار السو"، "اصبري يا ستيت لما تاخدي البيت"، "سكة ابو زيد كلها مسالك"، "شدة وتزول"، "صاحب الحق عينه قوية"، كل هذا يقال بهدف تقوية الشعب وهناك عشرات الأمثال.
ثم ينتقل المثل من بنية الصبر إلى بنية الانتقام، مثل "اللي تعرف ديته اقتله"، "اللي ما يقدر عليه القدوم يقدر عليه المنشار"، "اللي يرشك بالميه رشه بالدم"، وهكذا تتطور بنية الامثال للانتقال إلى حالة المجابهة.
وهكذا كانت المقاومة الشعبية تعبر عن الحراك المجتمعي، تحقيقا لإعادة النظر في حالة المقاومة وكيفية تحقيقها، وحث الجيش على العودة للقتال، فمن المهم إيقاظ الوعي كمرادف للتوعية الثقافية، فالشعب المصري يؤمن أن المقاومة الإنسانية تعلو كثيرا على آلات الحرب، فالشعب لم يستسلم للهزيمة بل قاوم ولكن بطريقة غير عنيفة.
يذكر أن فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته السادسة والثلاثين بمحافظة المنيا تقام لمدة أربعة أيام، ويرأس المؤتمر الفنان الدكتور أحمد نوار، والأمين العام للمؤتمر الشاعر ياسر خليل، ويقام المؤتمر بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية، وينفذ من خلال الإدارة العامة للثقافة العامة، بالتعاون مع إقليم وسط الصعيد الثقافي، وفرع ثقافة المنيا، ويشهد 6 جلسات بحثية، وعددا من الموائد المستديرة، بجانب الأمسيات الشعرية والقصصية، ومعارض الكتب والحرف والفنون، وندوات ثقافية، بمشاركة عدد كبير من الأدباء والباحثين والنقاد والإعلاميين ونخبة من الشخصيات العامة بالإضافة إلى ممثلي أندية الأدب، والأمانة العامة، وذلك بهدف دعم وتنشيط الحركة الأدبية فى مصر، وتسليط الضوء على الإبداع الأدبي والرموز الثقافية.
|