القاهرة 05 نوفمبر 2024 الساعة 10:15 ص
قصة: أندريس ريبيرا - الأرجنتين (1928 - 2016)
ترجمة: أسامة الزغبي
كنت أعمل أنا وهي في جريدة ذات رأس مال أوروبي، والتي كانت تتباهى بأنها أول من نشرت الإنجيل الذي يستخدمه الآباء الجزويت في الأراضي المكسيكية.
في وقت الغداء، كنا نجلس معًا. كان المصححون الآخرون، ورسامة الخرائط (هل كانت واحدة فقط؟)، والفتيات اللاتي تقمن بالكتابة على الآلة الكاتبة، والنساء ذوات الأصابع السريعة لمكتب التحصيل، وسكرتارية المديرين، يخرجون لشغل مناضد الحانات التي يعج بها محيط المجلة، ويطلبون، وهم جالسون، سلاطات خفيفة وكوكاكولا.
هي، في تلك اللحظة، كانت تُخْرج، من حقيبتها، مجلات تظهر منها صور صارخة بأسماء، ربما، كانت بمثابة عقاب لشيء ما أكثر من جهلي كرجل قارب على الشيخوخة.
كانت في تلك اللحظة، تبصق، في صندوق من الكارتون يقبع تحت مكتبها، علكة مضغتها أثناء الصباح، ثم تستبدل العلكة بساندويتش من الخبز، ولحم الخنزير المطبوخ، والجبنة.
كانت أيضا تضع قدما على الأخرى وتتأرجح فردة حذاء على طرف القدم الموضوعة فوق الأخرى.
في يوم الجمعة هذا، كانت تحمل ووكمان.
لم أنظر لوجهها في ظهيرة يوم الجمعة هذا من شهر يوليو الخالي من أى بهجة: رأيت خيطاً معدنياً رفيعاً يلمع أعلى الغطاء الخفيف فوق رأسها بقليل، ثم نظرت إلى رأسها، شاهدت شعرها الأصفر الطويل والمنسدل.
توقفت عن محو صيغ اسم الفاعل المهجورة من النسخة الأصلية لرواية باعت في طبعتها الأولى خمسة عشرة ألف نسخة، قبل أن تنشر الرواية وتنجو أسماء الفاعل من التنقيحات العقيمة للمراجعة، ومؤلفها، الذي يتقاضى أعلى سعر في مجال السرد الأدبي في بلدنا، هو رجل يعشق الخمر والملاكمة، ويقدر النكات الذكية، ومشيت حتى مكتبها. وعندما وصلت إليه، نظرتُ، فوق رأسها، وفوق الهوائي القصير الخاص بالووكمان الذي تحمله، إلى سماء ظهيرة يوم الجمعة هذا. شاهدت، من خلال النوافذ العريضة للصالة الفارغة والهادئة، السماء الزرقاء، وسقف موحش، وملاءات منشورة لتجف يضربها الهواء البارد والعنيف.
انحنيت، ثم قمت وأنا منحن، بالزحف تحت مكتبها، وهناك، في برودة متربة، قمت بمداعبة قدمها، وأنا جاثم على ركبتي. استمر الإحساس بالليونة الناتج عن مرونة متوترة وباردة ما شاءت هي له أن يستمر.
ألبستها حذائها، ونهضت، بعد ذلك، وسألتها، بصوت خفيض، إذا كنت قد ضايقتها.
نظرت إلى. ووعدتني شفتاها، المغطاتان بالزبدة والجبن المطبوخ، بشتاءٍ أبدي.
ـ قم بذلك مرة أخرى ـ قالت، ولمعت أسنانها، التي كانت، لا تزال، مغطاة بالخبز، والزبدة، والجبن المطبوخ.
|