القاهرة 30 اكتوبر 2024 الساعة 12:18 م
بقلم: عمرو خان
سوف يشهد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP29)، المقرر انعقاده في أذربيجان الشهر المقبل نوفمبر2024، تحولا جذريًا في اتجاهات تحديد الأهداف لمستقبل العمل المناخي، هذا التحول أعلنت عنه الدولة المستضيفة للمؤتمر في سبتمبر الماضي، وأوضحت أنها تأمل عند وضع خططها أن يواجه العالم تحديات المناخ بهدف تمويلي جديد، على أن يكون الهدف الرئيسي لـ (COP29): هو الوصول إلى اتفاق على أن يخصص تمويل سنوي جديد تدفعه البلدان الغنية لمساعدة الدول الفقيرة على التعامل مع تغير المناخ، شرط أن يكون هذا الاتفاق خارج عن سياق التفاوض بين الأطرف.
يبدو أن هناك هبوط في درجات عدم اليقين لدى علماء المناخ في الأمم المتحدة (UN-COP) والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، بشأن تفاقم الأزمات والكوارث الناتجة عن تغير المناخ في العالم خلال السنوات الخمس الأخيرة، مما جعل هدف الـ (COP29) -للمرة الأولى منذ انعقاد الدورة الأولى لمؤتمر الأطراف (COP) في برلين، ألمانيا، عام 1995- هدف تمويلي غير قابل للتفاض بين ممثلي الدول الأطراف، بل سيكون هدف ملزم وغير مطروح للنقاش.
ومن منطلق أجندة الأهداف الطموحة لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP29)، يمكن أن نلخص أعمال المؤتمر في عدد من الأهداف أو كما أطلقت عليها الدولة المستضيفة أذربيجان "مبادرات"، وتعمل طموحات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP29) على تعزيز الطموحات المناخية من خلال مبادرات جديدة لا تتطلب التفاوض وتبنى بالإجماع، وتتركز المبادرات في إنشاء صناديق طوعية وتعهدات لدعم جهود المناخ، مع استهداف الدول النامية بشكل خاص..
هذه المبادرات تشمل:
- صندوق للمساهمات الطوعية: يستهدف الدول والشركات المنتجة للوقود الأحفوري، لتوجيه تبرعات إلى مؤسسات القطاعين العام والخاص المعنية بقضايا المناخ.
- منح لدعم مواجهة الكوارث الطبيعية: سيتم توزيعها لمساعدة البلدان النامية المتأثرة بتغير المناخ.
- تعهدات بزيادة قدرات الطاقة المتجددة: على غرار تعهد كوب28 في دبي، الذي استهدف مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول 2030.
- تعهد بزيادة سعة تخزين الطاقة العالمية: طموح لزيادة السعة بستة أضعاف مستويات 2022، لتصل إلى 1500 غيغاوات بحلول عام 2030.
هذه الأجندة تهدف إلى تعزيز التحالفات بين أصحاب المصلحة وتعزيز الطموحات المناخية عبر أهداف ومبادئ مشتركة.
ويُظهر مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP29) في أذربيجان هذا العام اتجاهاً جديداً يسعى إلى استقرار مالي مستدام طويل الأجل للبلدان النامية لمواجهة تحديات تغير المناخ، كما يرتكز المؤتمر على التزامات مالية ملموسة من الدول الغنية عبر إنشاء آلية تمويل سنوية إلزامية لا تخضع للمفاوضات، في سابقة تهدف إلى تحويل الالتزام من التفاوض إلى التنفيذ الفعلي، الأمر الذي قد يؤسس لعصر جديد من العدالة المناخية.
من الواضح أن هذا التحول يأتي استجابةً لتزايد الأزمات المناخية خلال السنوات الأخيرة، والذي يتفق عليه علماء المناخ الآن بأقل قدر من الشكوك، هذا التوافق على واقع الأزمة يعزز توجهات مؤتمر COP29 نحو تفعيل الالتزامات المالية، وعدم الاكتفاء بوضع أهداف غير ملزمة.
إن تخصيص صندوق للمساهمات الطوعية، ودعم مواجهة الكوارث، وزيادة قدرات الطاقة المتجددة وتخزين الطاقة، تندرج جميعها تحت رؤية أوسع لتعزيز استجابة عالمية موحدة لتحديات المناخ. هذه الأهداف -التي تدعمها الدولة المضيفة أذربيجان- تمثل طموحاً يتجاوز آليات التفاوض التقليدية، ما يشير إلى أن المؤتمر يسعى لتحقيق إجماع عالمي على ضرورة التحرك بجدية نحو مستقبل أكثر استدامة وشمولية.
وأخيرًا؛ فإن COP29 يمثل محطة رئيسية في مسار العمل المناخي، وهو يعتمد نهجاً متقدماً يركز على التمويل المستدام والدعم غير المشروط، مما يعكس إدراكًا متزايدًا بأن حماية الدول الأكثر تأثراً هي مسؤولية جماعية تتطلب التزامات واضحة.
|