القاهرة 30 اكتوبر 2024 الساعة 09:29 ص
ملف أعده للنشر: مصطفى علي عمار
استشهد البطل الفلسطيني يحيى السنوار وهو يدافع عن أرضه وعرضه ضد الاحتلال الصهيوني، ليسطر بنهايته ملحمة بطل وفارس عربي حر نذر حياته كلها للدفاع عن قضية وطنه فلسطين المحتلة ضد العدو الغاشم والمحتل المعروف بالكيان الصهيوني الإسرائيلي...
وكان يوم استشهاده يوماً حزيناً للعروبة كلها، فبكى لرحيله الشيخ والطفل والمرأة، وكان الخبر كالصاعقة التي أذهلت كل الأحرار في ربوع الوطن العربي.
وما أن انتشر الخبر صرخت القلوب وبكت العيون على بطل مغوار.
وسطرتِ الأقلام بمداد الدموع أشعاراً فيه ونثراً كالسيل المنهمر، يرثون فيه فارساً عربياً أصيلاً
جمعنا من ذلك هنا ملفاً قليلاً مما قيل فيه بأقلام الأدباء والشعراء العرب:
• مقالات:
• شهيد الكرامة العربية
بقلم: الكاتب الصحفي أسامة الألفي - مصر
الحزن الذي استقبلت به الشعوب العربية خبر استشهاد قائد المقاومة الفلسطينية يحيى السنوار، يكشف ما للشهيد من مكانة في قلوب الجماهير، التي رأت في أعمال السنوار البطولية إحياء لذكرى القادة العظام، وقد توقف العالم متعجبًا كيف استطاع السنوار أن يواجه الآلة العسكرية الصهيونية العاتية، ويرعبها بمجموعة من الشباب المسلحين بأسلحة خفيفة، فيما هو لم يدرس يومًا فنون القتال والخطط العسكرية، وهنا تتبدى عظمة القائد الراحل، إذ إنه استغل فترة سجنه التي أخذت ثلث عمره، في دراسة عدوه ولغته، وبذكاء أدرك أن هذا العدو قد يكون قويًا عدة وعددًا، لكنه ضعيف في إيمانه، وكل جندي فيه يتمنى عند المواجهة الفردية أن يفتدي حياته برفيقه، لهذا عمد إلى بث الإيمان في صفوف مقاتليه وتسليحهم بأقوى سلاح ألا وهي كلمات القرآن الكريم، وكان يتقدم صفوفهم متمنيًا الشهادة، وعلى مدار عام أعيا مخابرات جيش الاحتلال وحلفائه من الناتو، الذين وصفوه بالشبح لأنهم عجزوا عن إيجاد مكانه، وكان مرجع هذا العجز بحثهم عنه في المكان الخاطئ، إذ توهموا أنه مثل قادتهم يختبئ بالأنفاق تاركًا مقاتليه يحاربون العدو، ولم يعلموا أنه لا يهاب الموت بل يتمنى الشهادة، وكان له ما أراد، إذ أكرمه الله بالشهادة مقبلًا لا مدبرًا.. يرحم الله الشهيد السنوار والشهداء كافة وتحيا فلسطين حرة.
• أسطورة المقاومة
بقلم: الروائية بشرى أبو شرار - فلسطين
هل لي أن أرثيك؟.. كيف يرثى البهاء والكبرياء.
حين رأيته من البعد، عانق نور عينيه مرايا الكون، مثقل بالهم يا صاحبي، سلام روحك في ميدان القتال، هناك روحك تركتها تتقد بعشق وطن لن يغادرنا، وطن هو منك وأنت منه...
تعانق روحي رسومات "ناجي العلي" في عيني دمعات من ملح، أكتب بحروف الأبجدية "قتلتم ناجي ولم يمت حنظلة".
"يحيى السنوار سيظل حنظلة الأسطورة الخالدة فينا، أكثر من عشرون عاما لم تعانق الشمس ملامح وجهه، حيث معتقلات الكيان المحتل، ملامحك تعيدني إلى الذاكرة البعيدة حين كان والدي يأخذني معه إلى المحاكم العسكرية ليدافع عن الفدائيين، وأنا أحث الخطى أحمل كتبه القانونية، هل كان والدي يدافع عن "السنوار" كما رفاق دربه، كان يتركنا في العيد ليذهب إليهم يقول لهم: نحن معكم، أنتم العيد والفرح والنصر.
هذا هو أنت يا يحيى، مضيت عنا حيث دربك الطويل، تركت لنا مطارح أقدامك، نمضي إليك ولا نضل الطريق، هذا هو أنت ...
هل لي أن أكتب من حروف روايتك "الشوك والقرنفل" التي كتبتها في المعتقل حين غابت الشمس، تحاكي روح والدتك:
"الآن جاء موعدنا يا أماه، فلقد رأيت نفسي أقتحم عليهم موقعهم، أقتلعهم كالنعاج، ثم أستشهد، ورأيتني بين يدي رسول الله في جنات النعيم، يهتف لي "مرحى بك".
هي حروفك المسكونة بالألم والأمل، هو أنت الذي ستظل من روح شمسنا الأبدية، شمس لن يطالها أفول.
• السنوار.. ولادة من رحم الموت
بقلم: سيد محمد سيد كرم - العراق
خان يونس، أي مخاضٍ شهدت حتى أنجبتِ رجلاً بعيارِ جيلٍ كاملٍ؟ عائلة عسقلان أي مجدٍ توشحت وأنت تمنحين البطولة اسماً آخر لم تناد به من قبل؟ مقاعد الدراسة في جامعة غزة، أي شرف شُرِّفتِ به ولم يهديك إياه الحرم الجامعي؟
شيخنا المبجل أحمد ياسين، نِعمَ ما ربيت؛ وهل للتربية بيت أطهر من بيتكم؟ حماس، من أي الأغصان برعمت يا نبتة الجهاد؟ هل تخبرنا كيف تذوقت المجد يا جهاز المجد؟ وكم مضى على ميلادك يا انتفاضة الثمانينيات؟
وكيف بعد أشهرٍ فقط تودعينه مؤبد السجون؟ ثلاثون عمراً أمضاها يتعلم العبرية وكل أسرار بني صهيون.
غزة، ذاك السنوار ليس قائداً تقليدياً، مذ كان معتقلاً مسموعةً كلمتهُ، كان يقود المفاوضات داخل زنزانته، كان حرّاً قبل أن يُقايض بجلعاط، وحين قاد الحركة في غزة، تحدى علنا الصهاينة أن يطالوه، تحداهم بمقولته الخالدة، ولن يرمش لي جفن، ومقولته الخالدة أيضاً أن سيف القدس الذي امتشقناه في رمضان لم يغمد أبداً.
السنوار، ذاك البطل المقاوم المناضل المجاهد الشهيد..
استشهد في رفح في قلب المعركة.. بالصدفة، لا بالرصد ولا بالاختراق.. اشتبك ولم يهرب.. في رقبته كوفية، وبين يديه بارود، وفوق صدره جعبة حرب.. صوره الأخيرة بيان ناطق.. استقبل الرصاص في الجبهة والرأس، لا في الظهر ولا في الذراع.. استشهد مقبلا غير مدبر.. أقام الحجة، وبيّن الخذلان، وأكدّ التبعية والمذلة.
لم تصل إليه المخابرات العالمية، لأنهم لم يفهموا شجاعته، ولم يخطر ببالهم أنه في الصف الأول، مرتدياً بزته منتطقًا بسلاحه، استعصيت على هذا العالم الجبان حتى آخر أيامك. وُلدت في الميدان، واستشهدت فيه!
رحمك الله يوم ولدت، ويوم استشهدت، ويوم تبعث حيا.
• نهاية بطل
بقلم: ريما البرغوثي - فلسطين
من هناك حيث السقوف قابضة على أرواح قضت لم يدرك أحد عمق آلامها وحيث الجدران ساجدة على جثامين من استظلوا بها، وحيث الدمار الذي أطبق على الأماكن كان يتنقل هنا وهناك كصياد ماهر يتربص بصيده فلا يخطئ الرمية، وحيث اصطاد الكثير الكثير من أعدائه وظل شامخا جبلا لا تهزه يد المنون ولا تخيفه النهايات المحمومة، فهو الذي وضع روحه على كفه بائعا إياها لله وفي سبيل الله، وهو الذي كانت ترتعد فرائصه خوف ألا يموت في الميدان ..
ها هو الحلم قد جاءه كفلق الصبح إذ غردت جراحه النازفة وأطرافه شبه المبتورة تردد أنشودة الشهداء المقبلين غير المدبرين، وفي اللحظات التي كانت الروح عالقة فوق رأسه تنتظر الإذن بالانطلاق نحو السماء، كان اللقاء الأخير مع آلة تصوير تافهة انطلقت من أيدي الجبناء، كغراب بين ينعق بوجود قائد عظيم هنا، ولكنهم لم يكونوا يعلمون عز عليه أن ذخيرته نفدت ولا يملك ما يقذف به وجوها ساء مرآها، فكانت له تلك العصا ألقى بها في وجوه مصوريه، وهو لا يعلم أن عصاه ستذهب مثلا يهش بها على كل من اتهمه بأنه يختبئ تحت الأرض متحاميا بأرواح الأبرياء، وها هو يرتقي إلى ربه كما أراد واشتهى، تزفه الملائكة وتستقبله الحور العين في مقعد صدق عند مليك مقتدر .. فلا نامت أعين الجبناء.
• يحيى السنوار.. روحٌ لا تنطفئ
بقلم: أيمن دراوشة - قطر
في عيون يحيى السنوار، لم تكن غزة مجرد أرض، بل كانت وطنًا ينبض في صدره بكل شهيد وكل طفل يحمل حجارة المقاومة. كان يعرف أن الحياة ليست بالأيام المعدودة، بل باللحظات التي تُسطر فيها الأقدار. عاش رجلًا يخشى الأعداء اسمه، ويخشاه السجن كما يخشى البحر ربانًا لا ينكسر.
لم يكن السنوار قائدًا خلف المكاتب المغلقة، بل كان صوتًا للذين لم تُسمع صرخاتهم وسط الصراع. تراه يمشي في الأزقة التي نُسجت على جدرانها حكايات الفقر والمقاومة، ينظر في وجوه الناس كأنه يقرأ قصصهم المخبأة خلف الابتسامات المرة.
مقتله لن يكون النهاية، بل شرارة جديدة توقد قلوب الملايين. يظنّون أن الرصاص يُسكت الروح، ولكنهم لا يعلمون أن روح السنوار كانت أعمق من أن تنطفئ.
• مع الشعر..
• لا لم تمت
شعر: د. عيد صالح - مصر
لا لم تمت
لم يقتلوك وإنما
في كل ركن في الوجود توزعت
أنفاسك الحري
وعطر من دمك الذكي
من حمضك النووي ألف ألف قذيفة الياسين
وألف ألف قنبلة شواظ
وصاروخ سنوار
يقض مضاجع النتن الجبان
ومضجع الخرف العجوز
وكل من بالصمت خان.
• قم يا زمان
شعر: د. أشرف السيد سالم - مصر
قُمْ يا زمانُ وأوقدِ الأنوارا
لتـَزُفَّ فارسَ عِزِّنا السِنوارا
طلبَ الشهادةَ واصطفاها مُقبلًا
بعزيمةٍ لا تعرفُ الإدْبارا
ما ماتَ في فرشٍ وثيرٍ إنما
بينَ الركامِ يقارعُ الغدَّارأ
في قلبِ معمعةِ الوطيسِ مجاهدًا
قومًا طغوا واستكبروا استكبارَا
ظـَنـُّوكَ في نفقٍ تخافُ عُلوجَهُم
فخرجتَ ترْجو الواحدَ القهارا
قاتلتَهم ودماكَ تنزفُ مِسكَها
وصمدتَ تُشْبِهُ جعْفرَ الطيارا
فاظفرْ بجناتِ النعيمِ بمِيتَةٍ
كالنصرِ تشعِلُ عِزةً وفَخَارا
• مقبلا لا مدبرا
شعر: هيثم محمد النسور- فلسطين
سَـهـمُ المَنايا سَديدٌ ليس يَنحَرِفُ
مَا مِنْ مَناصٍ لِمَنْ حَاقَتْ به الحُتُفُ
ما مَاتَ سِنوارُ في السِّردَابِ بَل أَسَدٌ
كأَنَّـهُ الطَـوْدُ في وَجهِ الرَّدى يَـقِـفُ
كَالسِّندِيانَـةِ تَلقَـى الرِّيـحَ شَامِخَةً
لا تَنحَنـي للِمَنايَـا حِينَمَـا تَــزِفُ
رَبَاطَـةُ الجَّـأْشِ والإِقـدَامِ نِـلتَـهُـمَا
مَا رَاعَكَ العُنْفُ مِن أَعدَاكَ وَالصَّلَفُ.
قَارَعـتَ بـالصَّبـر نـِدًّا لا هَـوانَ بِـهِ
وَبَـأسُهُ فـي عُـتُـوٍّ فَـوقَ مَـا أَصِـفُّ
قَـابَلتَهُم مُـقْـبِـلًا لَا مُدبِـرًا أَبِقًـا
وخُضْتَ جَهرًا غِمارَ الحَربِ لا تَخَفُ
أرهِقتَهُم بَعدَما بَدَّدتَ شَأوَتَهُم
فَالعَزمُ وَالحَزمُ في رُؤيَـاكَ تَـأتَـلِـفُ
إنْ يَبقَ فِي العُمرِ يا سِنوارُ متَّسَـعٌ
لا تَحسَـبَـنَّ سَها عن ثَأرِكَ الخَـلَـفُ
لَئِـنْ رَحَلـتَ ذُرَى الْعَليَـاءِ تَبلُغُهَـا
طُوبَى لِمـَنْ في جِـوارِ اللـَّـهِ يَزدَلِفُ
بِضْعًا وعِشرينَ عامًا في زَنَـازِنِـهِم
وكُـنتَ فيمـا يُـرَاؤُوا فيـه تَختَـلِـفُ
ظَنُّوا بِموتِكَ قد أَردَوْكَ مَا عَـلِـمُوا
لايَثـبُتُ القِدرُ إِنْ لم تَرسَخِ الرُضُفُ
إِنِّي لَأسْـتَحـيِـي أَنْ أَرثِيكَ يا عَلَمًا
لَن يـَستَـطيعَ يَرَاعي خَـطَّ ما يَصِفُ
لَولاكَ مَـا فَـاهَ بينَ الخَانِعين فَـمٌ
ولا يَـرُفُّ لـهم جَـفْنٌ ولا طَـرَفُ
بَـيـاضُ شـَعرِكَ كالإِصبَاحِ مُنْـبَـلِجٌ
ونـُورُ وَجـهِـكَ بَدرٌ ما بِه خَسَـفُ
وَيْلي من العُربِ قَد شُدَّتْ قُيودُهُم
فَأَيقَظُـوكَ لِكـي تُعتِقْهُـمُ وَغَفُـوا
يا مَوتُ حَسبُكَ مَا أَبكَيتَ من مُؤَقٍ
هَـلَّا رَحمِـتَ قُلوبًا راعَهـا الوَجَـفُ
طَبـعُ اللِّيـَالي يُوالي صَفـوَهَا كَـدَرٌ
لا ضَيرَ إِنْ عَاقَنَـا للِقَصدِ مُنعَطَفُ
سَـيـُمخضُ اللَّيلُ عن صُبحٍ به فَرَجٌ
ويَنجَلي الغَيهَبُ الطَّاغي ويَنكَشفُ
يا مَنْ أَمِلتُمْ نَميرَ الماءِ من سَفَفٍ
ظَنَنـتُمُ بالأَماني النَصرُ يُـقتَطَـفُ
• يحيى
شعر: محمد عرب صالح - مصر
"يَحـيَى"
وخَلفكَ كُـلُّنا "زَكَريا"..
نَرِدُ الليالي سُجَّدًا وبُكِّيا
أَقْسى من الموتِ الحياةُ
إذا بَدَت في عينِ صاحبِها الغَيُورِ
بَغِيَّا
لَما رَأَيْتكَ ناظرًا نحوَ السَّما
أَبْصرتُ فيكَ نُزُوعَكَ العلوِيَّا
لمَّا رَأيْناكَ ارتَمَت أَحلامُنا
صَرعَى.. وضايَفْنا أَسًى لَـيْلِـيَّا
لا شيءَ غَيرَ الدمعِ والكلماتِ نَملكُهُ
وكُـلٌّ قالَ: خُذْ عَيْنَيَّا
لِتَرى عُلُوَّكَ مِثلما يَبدُو لنا..
ونُعِدَّ مَوتَكَ، بَعدُ، تَمْثيلِيَّا
لا تَغْفُ يا "يَحيَى" فإنَّا هاهُنا..
شَجَرٌ يُقَطَّعُ بُكْرةً وعَشِيّا
لا تَغْفُ يا "يَحيَى" _تقولُ رصـ ـاصةٌ_
لم تُـرمَ بَعدُ وتَرتَجِيكَ رمِيَّا
قُمْ يا جِدارًا قد عَهِدتُكَ رافِعًا سَقفَ الليالي أن يَخِرَّ عَلَـيَّا
أَكرمتَ مَـ ـوتَكَ حينَ جاءَكَ سَائلًا..
ورَدَدتَهُ مُتَهَلِّلَا مَرْضِيَّا
أَبَواكَ لا بُـدَّ الشجاعةُ، والتُّـقَى..
ولذاكَ كانَ المَـ ـوتُ كَـنْعانِـيَّا
تَعلُو وخلفَكَ أَلفُ ألفِ حَمامةٍ..
وكأنَّ مُنْتظِرٌ لِقاكَ نَبِيَّا
أَرثِيكَ؟
كَيفَ!
وكُلُّنا مَوْتى ووَحدَكَ لم تَزَلْ في كلِّ قَلبٍ حَـيَّا
• ما قتلوه
شعر: نور الدين العدوالي - المغرب
لم يَقتُلوكَ و إنّما نَحْنُ الأُلَى
بِعناكَ بالخِذلانِ يا "سِنْوَارُ"
قَدَرُ الرّجالِ إذا قضوا أن يرتقوا
لِمَنازِلٍ ما نَالَهَا طيّارُ
لَكَأنّما نادَتْك مِن عَلْيائهم
جنّاتُ عَدْنٍ زَانَها الأبرارُ
لم يقتلوك، لَكِنّنا يا ويحنا
دوْمًا يُباعُ بأرضنا الأحرارُ
جُرحانِ والسّكّينُ غارَ بِخِصْرِنا
هَا ثالِثٌ قَدْ حَزّهُ الغدّارُ !
لا ، لا أعتراضَ على المَماتِ فَوَحْدَهَا
بِيَدِ الإلهِ تُقَدَّرُ الأعمارُ
هُمْ هَكَذَا ، كم يَبتَغُونَ بُكاءَنَا
وعلى الطّريدةِ يَرقصُ الأشرارُ !
أبكي ، نَعَمْ ، لكنّنِي أبْكِي العَقِي
دَةَ والعُرُوبَةَ مَا لَها ثُوَّارُ
أبْكِي القِلاعَ بأرْضِنا - يا وَيْلنَا -
فِي كُلّ يومٍ تَسْقُطُ الأسْوارُ !
أبكي و مِثْلِي لا يُزَعْزِعُهُ الرَّدَى
وَ تَهابُهُ الأقلامُ والأفْكارُ
أبْكِي على زَيْتُونَةٍ مِسْكينَةٍ
ضَحِكتْ على أحزانِها الأشْجارُ
أبْكِي لأنّي كمْ حَلمْتُ بِأمّةٍ
يَعلُو بِهَا الأشْرافُ والأخْيَارُ
وتَثُورُ فِيهَا نَخْوَةٌ وَ شَهامَةٌ
فَيَذِلُّ فِيها الظَّالِمُ الجَبَّارُ
وُ يُغَادِرُ الأنْجَاسُ رَغْمًا عَنْهُمُو
وَ يَطُوفُ فِي أقْدَاسِهَا الأَطهَارُ
لَكِنَّ صُبْحَ عَشِيرَتِي مُتَجَلْبِبٌ
وَ اللَّيْلُ لَا تَعْلُو بِهِ أقْمارُ
في كُلّ قُطْرٍ طَعنَةٌ وَ مُطَبِّعٌ
وَالخِزْيُ فِينَا رِفْعَةٌ وَوقارُ!
لَمْ يَقْتُلُوكَ حَقِيقةً يا بْنَ الفِدَا
لَمْ يَهْنَأُوا يَا فَحْلُ يا " سِنْوَارُ "
مِنْ تَحتِ هذِي الأرضِ يُولَدُ نَصْرُنَا
نَحْنُ الجِنَانُ هُنَا و نَحنُ النّارُ
فِي القُدْسِ نَعجِنُ صَبْرَنَا مَقْذُوفَةً
وَالثَّأْرُ سَيْلٌ مَدَّهُ الإعصارُ
فَإلَى اللّقَا يَا بْنَ الحَبِيبَةِ غَزَّةٍ
وَلْيَفْرَحِ الجُبَنَاءُ وَالأعيَارُ
وَسَلامُ رَبّي يا أخِي لِهَنِيَّةٍ
وَالحَسَنِ الّذِي طافَتْ بِهِ الأطيارُ
ولِكُلِّ رُوحٍ فِي الجِنَانِ طَلِيقَةٍ
النَّصْرُ وَعْدٌ خَطَّهُ القَهَّارُ
وَغَدًا يَعُودُ لقُدْسِنَا "سِنْوَارُها "
وَ لْتَخْسَإِ الأعرابُ و الأمْصارُ.
• يحيا السنوار وداعا
شعر: عبد الرحيم الماسخ - مصر
ما زلت حيا في بنيك جميعا
يا رمز شعب يرفض التركيعا
تحت احتلال غاشم متأزم
لا يستطيع لحقده تطويعا
من عاش دونك في الممات حياته
حتى يكون لما ترى موضوعا
لله يا يحيا هجومك حاسرا
رأس البسالة تابعا متبوعا
مسترجعا علم البطولة من يد
ألقت صلاح الدين عنه صريعا
ومضيت تحريرا لمجد تالد
بالقدس يرسم للصباح طلوعا
ليرى الجميع محمدا بعروجه
و نزوله يلقي السلام سريعا
والقدس باسمة تقبل موضعا
فيها أقام به فزاد سطوعا
في مقتل الأبطال خلد بلادهم
أملا يعيد لحضنه المقطوعا
لتظل بشرى الآملين بأمنهم
و سلامهم ملء المحيط قلوعا!
• شهيد القدس يحيى السنوار
شعر: ماجد المطري - اليمن
يا دَهرُ صارَ بكَ المدى صِفريَّا
تأبى الفواجِعُ فارِقاً زمنيَّا
من خضَّبَ الشيبَ الوَقورَ ومن رمى
الوجهَ النحيلَ أما شخَصتَ مليَّا ؟!
قبَسَاً أصبتَ من الشهيدِ ونورِهِ
قُل : طِب نقيَّاً مُخلَصَاً مَنقيَّا
بورِكتَ ياسنوارُ سيفاً لم تَزل
بوركتَ كفَّاً بالوفاءِ نديَّا
بورِكتَ ياسنوارُ وعياً كاسحاً
كيدَ البغاةِ على عِداكَ عصيَّا
بوركتَ روحاً بالجهادِ حفيَّةً
وبكَ الكريمُ اليومَ كانَ حفيَّا
بوركتَ تاريخاً نضالاً حافِلاً
ودَماً تضَوَّعهُ الثباتُ زكيَّا
بورِكتَ رمزاً للأباةِ وقائداً
طوداً إذا عتكَ الرِّجالُ كميَّا
قتلُوكَ ؟ لا واللهِ لكن خَلَّدُوا
حاشاكَ تُضحي بيننا مَنسيَّا
يحيى وما أدراكَ عن صِمصامةٍ
ما زالَ في عينِ الوجودِ سنيَّا
سنُحدِّثُ الأجيالَ عن هذا الذي
أخزى عِداهُ مُضرَّجاً مغشيَّا
فرداً كأنَّ اللهَ لم يجعل لهُ
من قبلُ في ساحِ الجهادِ سميَّا
بوركتَ يومَ وِلِدتَ في كنفِ التي
حِلماً سَقَتكَ لكي تشِبَّ تقيَّا
وخرجتَ من رحِمِ النُّزوحِ لتَستوي
عوداً وتزأرَ للكفاحِ صبيَّا
فقضيتَ يا ليثَ الوغى عهدَ الصبا
حُرَّاً أسيراً ثائراً جنديَّا
وسَموتَ كهلاً ماتضعضعَ عزمُهُ
ولعزمِهِ خرَّ الغُزاةُ جِثِيَّا
ولأنتَ حقٌ والعِدى أكذوبةٌ
وزوالُهُم وعدٌ نراهُ جليَّا
وثِقُوا بقوَّتِهِم .. وثقتَ بواحدٍ
أنعِم بهِ للصادِقينَ وليَّا
اللهُ يا يَحيى حباكَ شهادَةً
خُذ ما أتاكَ بِقوةٍ وتهيَّا
ورنوتَ للعليا بعينِكَ مُقبِلاً
وخلَصتَ والفتحُ القريبُ نجيَّا
ما زِلتَ تَسحَقُهُم تقضُّ منامَهُم
تجتاحُهُم تغتالُهُم يوميَّا
أرعَبتَهم حياً وحينَ تمكَّنوا
صُعِقُوا كما لو أبصَروا جنيَّا
في لامةِ الحربِ التي شرَّفتَها
متوسِّداً بجراحِكَ الكُرسيَّا
سجَّاكَ ربُّكَ بالمهابَةِ جُثَّةً
سُبحانَ ربكَ بُكرةً وعَشيَّا
لمَّا اصطفاكَ كما تشاءُ مُجاهداً
فارجِع إليهِ راضياً مَرضياً
عانِق أبا هادي متى ألفيتَهُ
ولتهنئا في الخالدينَ سَويَّا
والثُم أبا العبدِ الذي ماخنتَهُ
حياً ومن بعدِ الشهادَةِ حيَّا
يا مُبتدا الطوفانِ أضنيتَ العدى
ونكأتَ جُرحَ صدورِنا الأبَديَّا
بقلوبِنا جاوَزتَ أطرافَ الدُّنى
حُزناً وفخرَاً زاخراً ثأرِيَّا
ثقةً بوعدِ اللهِ نشحذُ بأسَنا
صَلداً لكلِّ نوائبٍ صخريَّا
ثقةً وإنَّ اللهِ مُنفِذُ وعدِهِ
من كانَ حقاً "وعدُهُ مأتيَّا"
عمَلاً بأمرِ اللهِ بالِغِ أمرهِ
مَن " كانَ حَتماً أمرُهُ مَقضيَّا"
وإليكَ باقاتُ السلامِ نزفُّها
في سندسٍ خضرٍ غشتكَ ورَيَّا
وإليكَ ميثاقٌ بيانعِ فتيةٍ
أُسدٍ تُناظِرُ وعدَها القُدسِيَّا
وغداً ترى الأقصى بحلَّةِ نصرِهِ
وغداً تُعانِقُ "غزَّةّ" "طِبريَّا"
وترى العدوَّ يئنُّ تحتَ سياطِنا
وعلى قوارعِ ثأرِنا مرميَّا
وتَرى ثمارَ عطاكَ كيفَ اسَّاقَطَت
رُطَباً من النَّصرِ السَّموقِ جنيَّا
موتاً على الجيشِ اللقيطِ ونَفرةً
عُظمى تدُكُّ كيانَهُ العِبريَّا
• سِنْوَارُنَا..
شعر: أحمد الجعمي - اليمن
فِيْ جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ يَا سِــــــــــنْوَارُ
بُجِـــــــــــــــوَارِكَ الْأَبْرَارُ وَالْأَخْيَارُ
إِنْــــــــعَمْ قَرِيْرُ الْعَيْنِ رِزْقُكَ دَائِمٌ
عِنْدَ الْإِلــ?ــهِ تَــــــــــــــــحُفُّكَ الزُّوَّارُ
لَاْ لَمْ تَـــــــــــــــمُتْ بَلْ أَنْتَ حَيٌ خَالِدٌ
فِيْ جَنَّةٍ مِنْ تَحْـــــــــــــــــتِهَا الْأَنْهَارُ
نِلْتَ الشَّــــــــهَادَةَ أَيُّهَا الْبَطَلُ الَّذِيْ
بِرَحِــــــيْلِهِ تَــــتَصَدَّعُ الْأَحْـــــجَارُ
نِلْتَ الْــمُنَى? يَــــــــاأَيُّهَا الَّليْثُ الَّذِيْ
بِدِمَائِهِ تَــــــــتَعَطَرُ الْأَمْـــــــــــصَارُ
فَحَضِيْتَ بِالشَّرَفِ الرَّفِيعِ وَأَنْتَ فِيْ
سَــــــــــــــــاحِ الْمَنَايَا فَارِسٌ مِغْوَارُ
مَنْ ذَا يَــــــذُودُ عِنِ الْكَرَامَةِ إِنْ غَدَا
تَحْتَ الثَّرَى? زُعَمَاؤُنَا الْأَحْــــــــــــرَارُ
سِنْــــــــــــــوَارُنا يَحْيَى? عَلَيْهِ سَلَامُنَا
مَا غَرَّدَتْ بِسَـــــــــــــــــــمَائِهَا الْأَطْيَارُ
• رثاء بطل
شعر: طارق محمود سيف الجدول - اليمن
ضَجَّتْ بِفقدِكَ أيُّها السِنوارُ
هذِي الضِفافُ وَهَذِهِ الأنهارُ
يَحيى وَتَستَعِرُ القَصِيدَةُ في دمِي
لَهَبًا، فَديتُكَ أيُّها الكَرّارُ
صَعَدَتْ إلى عَليا الجِنانِ زَكِيَّةً
روحٌ بِجَنبِكَ بَوحُها مِعطارُ
تَتأهبُ الفِردوسُ شَوقًا يا فتى?
نِعمَ الجوارُ وَنعمَ طهَ الجَارُ
يا أيُّها الأفقُ المُضِيءُ شِهادَةً
يُذكِي فَتِيلَ شُعاعِها الثُوارُ
شَوكُ القُرنفُلِ فِي اشتِياقٍ دائِمٍ
لا شوكَ بعدكَ فيهِ لا أزهارُ.
|