القاهرة 27 اكتوبر 2024 الساعة 02:08 م
بقلم: د. حسين عبد البصير
كانت الملكة تاوسرت إحدى الشخصيات المهمة في نهاية الأسرة التاسعة عشرة في مصر القديمة، وقد لعبت دورًا بارزًا في التاريخ المصري بسبب صعودها إلى العرش وتوليها مقاليد الحكم، وكانت تاوسرت في الأصل زوجة الملك سيتي الثاني، وعُرفت بمهارتها في إدارة شؤون الدولة، فتمكنت من ترسيخ نفوذها بشكل تدريجي حتى أصبحت الفرعون الأخير من هذه الأسرة.
وقد واجهت تاوسرت تحديات كبيرة عقب وفاة سيتي الثاني للوصول إلى العرش، إذ كانت المنافسات على السلطة قوية. في البداية، حكم الملك سبتاح، الذي عُرف بحكمه القصير، وكانت تاوسرت تُعتبر بمثابة الوصية عليه. بعد وفاة سبتاح، قررت تاوسرت أن تتولى الحكم بنفسها، فاعتمدت على التأييد من نخبة الجيش والإداريين، وقامت بتقديم نفسها كفرعون شرعي لمصر.
وقد اعتمدت تاوسرت لقب "الملك" وليس "الملكة"، واتخذت لنفسها ملامح الملوك التقليديين في النحت والتماثيل، حيث ارتدت التاج المزدوج الذي يرمز لوحدة مصر العليا والسفلى. تميزت فترة حكمها بالتوترات الداخلية والأزمات الاقتصادية، ما جعل حكمها يشوبه بعض الاضطراب، لكنها تمكنت من الحفاظ على الاستقرار النسبي. وكانت تحرص على ترك بصمة معمارية وتوسعية من خلال إكمال بعض المعابد والأعمال الهندسية التي بدأها أسلافها.
لم يدم حكم تاوسرت طويلاً، إذ انتهى مع تولي الملك رعمسيس الثالث بداية الأسرة العشرين، التي شهدت إعادة ترتيب القوى في مصر. تعرضت آثارها للطمس المتعمد من قبل خلفائها الذين سعوا إلى محو آثار فترة حكمها، غير أن علماء الآثار استطاعوا إعادة اكتشاف تاريخها من خلال الأدلة التي جمعت من مقبرتها (KV14) في وادي الملوك.
تمثل تاوسرت نموذجًا فريدًا في التاريخ المصري، فهي واحدة من النساء القلائل اللواتي وصلن إلى العرش كفرعون في نظام أبوي تقليدي.
|