القاهرة 15 اكتوبر 2024 الساعة 10:38 ص
كتب: أكرم مصطفى
حظي نص "ألف ليلة وليلة" منذ ظهوره مترجما إلى الفرنسية على يد أنطوان غالان، بما لم يحظَ به أي نص أدبي عربي ينتمي إلى الثقافة العربية إلا من خلال تعريف الغربيين لنا بها، لذلك لو قارنا ما كتب عن نص "ألف ليلة وليلة" في الأدبيات الغربية، وما كُتب عنها في أدبنا العربي، لوجدنا خزانتنا فقيرة جدا بصدد هذا النص الذي كان له أبلغ الأثر في الآداب الأوروبية، وفي امتدادها في أمريكا اللاتينية .
لذا يأخذ كتاب "خزانة شهرزاد، الأنواع السردية في ألق ليلة وليلة" للناقدة المغربية سعاد مسكين، والصادر حديثا عن دار رؤية للنشر والتوزيع بالقاهرة أهمية خاصة، لأنه لم يتعامل مع نص ألف ليلة وليلة من منظور علم اجتماع الأدب فقط، بل تعامل مع طرائق السرد أو الأنواع السردية في الليالي.
يقدم للكتاب الناقد سعيد يقطين بقوله: "تتناول سعاد مسكين في كتابها هذا موضوعا شائكا معقدا، إنه موضوع "الأجناس الأدبية" هذا الموضوع أشبع بحثا، ولكنه ما لا يزال يثير الأسئلة، وسيظل يستثيرها، وحين تنطلق من خزانة شهرزاد لقراءة الليالي فإنها تغامر، وتكمن المغامرة في صعوبة أو استحالة لملمة هذه الخزانة أو تنظيمها.. هناك من سعى إلى ذلك (ليتمان مثلا)، فقدم لنا تصنيفا بسيطا يرتهن إلى تصور القرن التاسع عشر للأنواع، وكانت هناك محاولات أخرى لكنها لم تتعد التصورات المكرورة لنظرية الأجناس".
تعمد سعاد مسكين إلى الحفر في الخزانة النصية لشهرزاد، وتعيد ترتيبها من منظور جديد للأنواع الأدبية، وتعيد النظر في النص السردي لليالي من خلال من خلال تجاوز التصورات القديمة للأجناس الأدبية مستفيدة من الرؤية الحديثة للأجناس الأدبية.
وانتهت إلى أن ما تحتويه الليالي هي أنواع وأجناس أدبية متعددة ومختلفة، بسيطة ومركبة، فحاولت أن تقدم للقارئ العربي هيكلا يتضمن ويستوعب العديد من المواد الحكائية، ومن خلال مقاربة الحكايات داخل هذا النص، استطاعت أن تكشف عن طبيعة الأنظمة والأنساق التي تحكم تكونه الحكائي، سواء على مستوى البناء أو على مستوى المحتوى.
انطلق عمل الباحثة من افتراضين طرحتهما في المقدمة:
-
الافتراض الأول أن ألف ليلة وليلة "خزانة" للأنواع السردية العربية، أنواع مختلفة التجلي النصي من حيث صيغ الخطاب، ومن حيث الوظائف الدلالية والجمالية.
-
الافتراض الثاني أن دراسة الليالي باعتبارها "خزانة" للأنواع السردية تستوجب النظر في كيفية تشكل حكاياتها انطلاقا من الحكاية الإطار، مرورا بالحكايات المتضمنة لمعرفة معماريتها النصية ومحاولة خلق "فهرسة" جديدة لها على ضوء التصنيف النوعي.
وقد اتخذ بحث سعاد مسكين في الأنواع السردية مسارا يزاوج بين ما هو تنظيري وما هو تجريبي، إذ سينطلق من نظرية الأجناس الأدبية وما تقدمه من قضايا تظهر تباين المرتكزات النظرية إن على مستوى تصورها العام لمفهوم الجنس الأدبي وموقعه داخل النظرية الأدبية، أو على مستوى مختلف العلاقات والروابط التي يعقدها الجنس مع النص ككيان يتجسد داخل الممارسة الأدبية كي تحدد موقعا للنوع السردي ضمن هذه النظريات يمكن الباحثة من طرح تصور نظري بخصوصه، ومن ثم استطاعت توليد تصورات عامة حول الأنواع السردية.
|