القاهرة 10 اكتوبر 2024 الساعة 11:28 م
ترجمة وتحرير: سماح ممدوح حسن
منحت الأكاديمية السويدية، جائزة نوبل فى الأدب هذا العام 2024، للكاتبة الكورية الجنوبية"هان كانج"، وجاء فى عنوان الجائزة عن سبب منح الأكاديمية جائزتها للكورية وقالت: "منحت الجائزة لأسلوبها الشعرى المكثف الذى يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة الإنسانية".
وبحسب سيرة الكاتبة الذاتية والمنشورة على موقع جائزة نوبل فإن "هان كانج" وُلدت عام 1970 بمدينة غوانغجو الكورية الجنوبية، وانتقلت مع عائلتها إلى سيول عندما كانت في التاسعة من عمرها. تنحدر من خلفية أدبية، حيث كان والدها روائيًا معروفًا. وبجانب الكتابة، اهتمت بالفن والموسيقى، وهو ما ينعكس فى إنتاجها الأدبى.
بدأت هان كانج مسيرتها الأدبية في عام 1993 من خلال نشر عدد من القصائد المجلات الأدبية، ثم نشرت أول مجموعة قصصية "حب يوسو". ومن بين أبرز اعمالها رواية "يديك الباردتين" وهى الرواية التى عكست اهتمامها بفن النحت، حيث تتناول قصة نحات مهووس بصنع قوالب من الجص لأجساد النساء، كما تتناول الرواية تشريح الجسم البشرى والصراع بين الهوية والتجربة، حيث يظهر الصراع فى عمل النحات بين ما يكشفه الجسم وما يخفيه.
وكان أول بروز لأسمها دوليا بعدما تُرجمت روايتها "النباتية" إلى الإنجليزية عام 2015، تتكون الرواية من ثلاث مراحل تصور فيها العواقب العنيفة المترتبة على رفض بطلة الرواية الانصياع لثقافة تناول الطعام. ويُقابل قرارها بعدم تناول اللحوم بردود أفعال متنوعة ومختلفة تماما، فزوجها المستبد سيرفض سلوكها بقوة وكذلك والدها، كما أن شقيق زوجها سيستغلها جنسيا، وهو فنان مصور يُصاب بالهوس بجسدها، فى النهاية يدخلونها مصحة عقلية، وهناك ستحاول اختها انقاذها وإعادتها للحياة الطبيعية.
وفى روايتها "أفعال إنسانية 2016" تتناول هان كانج حدثا تاريخيا وهو الحدث الذي وقع فى مدينة غوانغجو، حيث نشأت، وهناك قُتل المئات من الطلاب والمدنيين العزل خلال مذبحة نفذتها القوات العسكرية الكورية الجنوبية عام 1980، تسعى الرواية إلى إعطاء صوت للضحايا الذين لم يُسمع صوتهم فى التاريخ، وتتناول هذا الحدث بطريقة وحشية تعكس الواقع، مما يجعلها تقترب من أدب الشهادة.
أسلوب "هان كانج" يتميز برؤيته وبلاغته المختصرة، يخالف توقعاتنا عن هذا الجنس الأدبي "أدب الشهادات" فهى تستخدم وسيلة معينة تتيح للأرواح الموتى الانفصال عن أجسادهم، مما يسمح لهم بالشهادة على موتهم. فى بعض اللحظات، عند رؤية الجثث التى لا يمكن التعرف عليها ولا يمكن دفنها، يستحضر النص الفكرة الأساسية لمسرحية "أنتيجون" لسوفوكليس.
أما فى رواية "الكتاب الأبيض" فيهيمن الاسلوب الشعري لهان كانج، والكتاب عبارة عن مرثية. وفى الرواية كانت المرثية للأخت الكبري التى ماتت بعد ساعات من ولادتها، من خلال سلسلة من الملاحظات القصيرة المتعلقة ببعض الأشياء البيضاء اللون، تبنى العمل بشكل غير مباشر حول هذا اللون الذى يرمز إلى الحزن. تستنتج الراوية أنه لو كانت الأخت المتخيلة قد عاشت، لما كان ممكنا أن تأتى هى نفسها إلى الوجود. وفى النهاية، عندما تتحدث إلى الموتى، تصل الرواية إلى كلماتها الأخيرة: "داخل ذلك الأبيض، بين جميع تلك الأشياء البيضاء، سأستنشِق آخر نفس".
أما أبرز أعمالها فهي الرواية الصادرة مؤخرا"لا نفترق"، وهى ترتبط بشكل كبير بالآلم المُعبّر عنها فى "الكتاب الابيض" وتدور أحداث "لانفترق" حول مذبحة حدثت فى أواخر الأربعينيات فى جزيرة جيجو بكوريا الجنوبية، وفيها قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم الأطفال والمسنون، بالتعاون إلى حد ما مع العدو، وتُصوِّر الرواية الحزن المشترك بين الراوية وصديقتها، وتحملهما الصدمة بعد الحادثة لفترة طويلة، والتى عبرت عنها هان كانج، بتصوير مدى قوة إلقاء ظل الماضى على الحاضر، وفى الوقت عينه تظهر المحاولات الدؤوبة للصديقتين لإحياء ما سقط فى نسيان جماعى وتحويل صدمتهما إلى مشروع فنى مشترك، ومن هنا استمد الكتاب عنوانه.
تتميز أعمال"هان كانج" بالتركيز على الآلم وتصويرها الصلة الوثيقة بين المعاناة النفسية والجسدية، وقوة الفلسفة الشرقية فى هذا الأمر. مثلما صوّرت هذا فى روايتها "التعافى" التى تتحدث عن البطلة المصابة بقرحة فى الساق لا تشفى، وعلاقة مؤلمة بين الشخصية الرئيسية وأختها المتوفاة. لا يحدث أي تعافِ حقيقى، ويظهر الألم كخبرة وجودية أساسية لا يمكن اختزالها فى عذاب عابر.
|