القاهرة 09 اكتوبر 2024 الساعة 11:45 ص
 

بقلم: د. حسين عبد البصير

تمثالا رع حتب ونفرت يعدا من أبرز التماثيل المصرية القديمة التي تم اكتشافها، وهما يمثلان زوجين من النبلاء عاشا خلال عهد الملك سنفرو في عصر الأسرة الرابعة (حوالي 2600 قبل الميلاد)، وقد تم اكتشاف هذين التمثالين في مقبرة رع حتب في منطقة ميدوم على يد عالم الآثار الفرنسي أوجست مارييت في عام 1871، وهما يعرضان حاليًا في المتحف المصري بالقاهرة، حيث يمكن للزوار رؤية هذه القطع الفنية المذهلة عن قرب، ويعتبر تمثالا "رع حتب ونفرت" من بين أبرز القطع التي تعرض في المتحف، وغالبًا ما يحظيان بإعجاب خاص بسبب واقعيتهما والألوان الجميلة التي ظلت محتفظة بجمالها على مدار آلاف السنين.

كان "رع حتب" أميراً مصرياً وواحداً من أبناء الملك سنفرو، شغل عدة مناصب إدارية وعسكرية هامة، وكان مسؤولاً عن العديد من المشروعات الكبرى في المملكة، أما "نفرت" فكانت زوجته، وكانت تحمل ألقابًا مثل "محبوبة الملك" و"سيدة المنزل"، مما يدل على مكانتها المرموقة في المجتمع المصري القديم. 
تمثالا رع حتب ونفرت مصنوعان من الحجر الجيري الملون، وهما يلفتان الأنظار بسبب التفاصيل الدقيقة والألوان الجميلة التي ما تزال تحتفظ بجمالها إلى اليوم، رغم مرور آلاف السنين. 
يظهر تمثال "رع حتب" الأمير جالسًا على كرسي، ويرتدي نقبة قصيرة بيضاء، عيناه مصنوعتان بشكل دقيق من الكوارتز، مما يعطي إحساسًا بالواقعية المذهلة، كما أن تعابير وجهه تُظهر قوة وشخصية صارمة.
أما تمثال "نفرت" فيظهرها جالسة بجانب زوجها، وترتدي ثوبًا أبيض طويلًا يصل إلى كاحليها، مع وضع غطاء رأس تقليدي يبرز ملامحها الجميلة، ويُظهر التمثال تفاصيل دقيقة للعينين والشعر والملابس، ما يعكس مهارة النحاتين المصريين في تلك الفترة.

وقد تم العثور على التمثالين في مقبرة في منطقة ميدوم، وهو الموقع نفسه الذي بُني فيه هرم ميدوم. كانت المقابر المحيطة بالأهرامات مخصصة للنبلاء وكبار المسؤولين الذين عملوا في خدمة الملك والأسرة الحاكمة، ويُعرض التمثالان حاليا في المتحف المصري بالقاهرة، 

تعتبر التماثيل من أفضل الأمثلة على الفن المصري القديم في عصر الدولة القديمة. حيث تظهر التفاصيل الدقيقة، مثل العيون المنحوتة بدقة والشعر والملابس، مما يدل على التقدم الفني الذي تم الوصول إليه خلال ذلك العصر.

وتُعد التماثيل رمزًا قويًا للأهمية الاجتماعية والاقتصادية للنبلاء في مصر القديمة، حيث كان تمثيل الشخصيات النبيلة والملكية في المقابر جزءًا من العقيدة المصرية التي تهدف إلى تأمين الحياة الأبدية للمتوفى. 

وهكذا فإن تمثالا رع حتب ونفرت يمثلان نموذجًا رائعًا للفن المصري القديم ويعكسان مكانة رفيعة لنبلاء تلك الفترة، بالإضافة إلى الأسلوب المتقن في النحت والتفاصيل الفنية الدقيقة.