القاهرة 08 اكتوبر 2024 الساعة 12:19 م
 

كتب: صلاح صيام

يعد المتحف المصري الواقع في قلب القاهرة منارة تضيء طريق الحضارة المصرية القديمة، ورمزا دائمًا لعظمة المصريين عبر الزمن. تأسس عام 1902 ليضم أكبر مجموعة من الآثار المصرية التي تمتد عبر آلاف السنين، حيث تجد فيه أكثر من 160 ألف قطعة أثرية، من تماثيل وأدوات يومية ومومياوات. المتحف ليس مجرد صرح معماري أو مركز لعرض القطع الأثرية، بل هو رمز ثقافي يمثل هوية مصرية أصيلة ترتبط بتاريخ وحضارة لا تنقطع.

القطع الأثرية التي تحكي قصصًا خالدة داخل جدران المتحف، يقف الزائر أمام واحدة من أعظم وأشهر القطع الأثرية في العالم، قناع الملك توت عنخ آمون الذهبي، الذي يجسد فنون الحرفيين المصريين القديمة وعظمتهم. هذا القناع، الذي يعود إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة، هو تحفة فنية نادرة يعكس مستوى الإتقان والمهارة في صناعة الذهب والنقش.

وبالإضافة إلى قناع توت عنخ آمون، يحتوي المتحف على عدد من المومياوات الملكية التي تمثل الفراعنة العظماء الذين حكموا مصر، مثل الملك رمسيس الثاني، الذي يعد أحد أقوى الفراعنة في تاريخ مصر القديمة. اكتشاف هذه المومياوات لم يكن مجرد حدث أثري، بل لحظة تاريخية أسهمت في تقديم فصول جديدة من تاريخ مصر القديم للجمهور، وهي مواقف أثارت اهتمام علماء الآثار حول العالم وأثرت في دراسات الحضارة الفرعونية.

المتحف المصري يمثل أيضًا رمزًا للقصة الطويلة لكفاح المصريين لحماية تراثهم. تم بناؤه في فترة كانت مصر فيها تتعرض لاستنزاف مستمر لآثارها بسبب التنقيب غير القانوني والتجارة في الآثار. بناء هذا المتحف كان خطوة كبيرة لحماية تاريخ مصر من التهريب، وجعل القطع الأثرية متاحة للعامة وللعلماء من جميع أنحاء العالم لدراستها وفهم الحضارة المصرية.

• رمزية المتحف في العصر الحديث:

اليوم، أصبح المتحف المصري أكثر من مجرد مكان لعرض القطع الأثرية. إنه رمز وطني يشير إلى اعتزاز المصريين بتاريخهم وتراثهم. يزوره الملايين سنويًا من جميع أنحاء العالم، ويستمر في استضافة العديد من المعارض الدولية التي تبرز أهمية الحضارة المصرية القديمة على الساحة العالمية. في قلب القاهرة، يعبر المتحف عن الماضي الحي، ويشعر الزائرون بارتباط عميق بين الحاضر والماضي، بين المصريين القدماء وأحفادهم المعاصرين.

بمرور الزمن، يظل المتحف المصري شاهدًا على عبقرية الحضارة المصرية، حيث يحتضن في أروقته قصص الفراعنة وأسرارهم، ويمنح زائريه فرصة فريدة للعودة بالزمن والتعرف على حياة شعب صنع حضارة أبدية.