القاهرة 08 اكتوبر 2024 الساعة 10:56 ص
بقلم: أمل زيادة
"تتمتع مصر بموقع جغرافي متميز".. هذا ما درسناه طيلة سنوات حياتنا، جملة تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بمزاح، لا يعلمون أنه بسبب تميز موقعها هذا طاردتها لعنات على مدار تاريخها ومنذ فجر التاريخ، وما زالت تطاردها طيور الظلام والطامعون في كل زمان وأوان.
قد يرى البعض أن هذا نوع من الإفراط في الارتياب والمغالاة في صنع أسطورة المكانة المتميزة.. لا أظن أنه بعد ما يحدث حولنا، وما سبق وحدث منذ سنوات لدول الجوار من تفتيت وهدم، بشيء خفي أو مستبعد يمكن إنكاره أو تجاهله، لذا أبالغ في حبي لها مثلي مثل أبنائها كافة، ولماذا لا نفعل؟! ألا تستحق المغالاة والفخر، يكفينا فخرا وعزة التباهي بوعي وفطنة الشعب المصري الأبي، الذي قرأ المشهد واستوعبه جيدًا، مفسدا شتى المخططات الهدامة، وما زال يتحمل ويتكاتف.. قد يتذمر، لكنه يقف دائما وأبدا في ظهر بلده، خاصة وقت الشدائد، ناسيًا كل شيء واضعًا مصلحة الوطن أولا.
كل عشر سنوات يفاجئنا الطامعين بخطط جديدة لإسقاط البلاد، ومحاصرتها اقتصاديا، والتضييق عليها بشتى السبل، لا سيما محاولات الوقيعة بين نسيج الأمة، أو شن هجمة شعواء على حماة الوطن من رجال القوات المسلحة والشرطة، وغيرها من الأساليب التي يستحدثها الآخر، لعل أخطرها الشائعات التي يطلقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بمنصاته المختلفة، لذا وجب الانتباه والمزيد من الحذر..
لأن ما يحدث هدفه الوحيد زعزعة أمان واستقرار مصرنا التي عبرت كل شيء وما زالت تعبر إلى يومنا هذا، بفضل دعوات المخلصين من أهلها الذين يقدسون ثراها.
عندما بدأت تشييد الكوكب التاني، لم يكن التاريخ في الحسبان، من السهل العثور على أي بقعة جغرافية للسكن بها على ظهر أي كوكب، لكن ماذا عن الأصل؟ عن التاريخ؟!
تذكرت هذه الثغرة ونحن نحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر هذا العام، بعد مرور 51 عاما على هذا اليوم الفارق في حياتنا جميعا..
نحتفل هذا العام بنصر أكتوبر بشكل مميز وقوي وكلنا ثقة في قدرات جيشنا وحكمة قادته.. بشكل شخصي قضيت اليوم كله أتنقل بين القنوات، حتى استقريت على مشاهدة قناة "ماسبيرو زمان" التي أذاعت جلسة تاريخية لمجلس الشعب بعد انتهاء الحرب، حيث قام الرئيس أنور السادات بتكريم قادة الجيش، وناقش بعضهم في أكاذيب روجها العدو أثناء محاصرة مدينة السويس، كما كرم أبطال ملحمة كبريت.
كتبت الأسماء التي تم تكريمها، خاصة تلك غير المعلومة لنا والتي تعود لأصحاب الرتب الصغيرة، للبحث عنهم وللكشف عن بطولاتهم التي قد لا ندري عنها شيئا.
لا يمكن أن يمر اليوم دون مشاهدة فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي"، أفضل مشاهدة هذا الفيلم لأن به أكبر مساحة للمعارك الحربية قد توجد في عمل درامي، يكفي أن خلفية المشهد لحن عمر خورشيد الملحمي الذي يشاركني كل لحظات حياتي المميزة، هذا اللحن الذي ارتبط في ذهني وذهن كل من يحبه مثلي بالعبور، ليس عبور القناة فقط وإنما العبور من اليأس للنور.. انتهى الفيلم لكن المعركة الحقيقة لم تنته بعد، لذا ما زالت رصاصته حيه في القلوب، تحثنا على الاستعداد واليقظة الدائمة لأن هناك على الجانب الآخر عدو غاصب غدار..
ما زالت أصر أن لهذا اللحن سر خفي تطرب له القلوب، وأنه يداعب مخيلتنا برومانسية مفرطة، ثم يعيدنا لأرض الواقع بقوة وحزم، يذكرنا بقيمة ما نملك في وقت يُسلب من الجميع كل ما يملكون.
يقول ابني ورفاقه إنهم يشعرون بعاطفة شديدة تجاه الوطن في هذا اليوم، فأخبره بأنه يكفي أن هذا شعوركم حتى ولو كان مرتبطا بيوم واحد فقط، بمرور الوقت ستدركون بأن لكل شخص منا مهمة في الحفاظ على هذا الوطن، ستدركون حقيقة قد تتجاهلون وجودها لأسباب عبثية كثيرة، وهي أنكم على استعداد للتضحية بكل شيء من أجل تراب هذا الوطن، من أجل أن يظل علمه مرفرفا خفاقا عاليا فوق بيوتنا وسمائنا ومؤسساتنا، سيظل رؤية العلم في أي مكان خاطفا للعين والفؤاد..
يكفي أن لك رمز تتفاخر به وترفعه عندما تحرز تقدما في أي مجال، أمام الآخر الذي يستميت وينفق ببذخ للقضاء على أي بارقة أمل أو شعاع للنور..
يريدون أن يصطبغ باللون الأحمر والأسود، ولا يريدون أن يروا الأبيض في حياتنا، لأنه رمز للغد، للسلام، للطمأنينة..
رواد كوكبنا التاني أحب أن أعترف لكم أن لحن الرصاصة سيظل أفضل ما سمعت من ألحان، وأفضل ما وجد على الساحة الموسيقية عبر الأزمان، سيظل رمز لانتصاراتنا سواء في شهر أكتوبر المجيد أو حياتنا بشكل عام، ما يهم هو مشاركته لأدق تفاصيل حياتنا بحلوها ومرها، تمامًا كنغماته الحزينة والحاسمة..
أمنيتي الوحيدة المستحيلة في كوكبنا التاني، هي رغبتي في أن يعيش معنا الأسطورة الموسيقية الخالدة "عمر خورشيد".. قطعا كان سيواصل إبهارنا بألحانة الساحرة النادرة، التي تمس القلوب دون بذل أي جهد..
قال السابقون ان ما يخرج من القلب يصل للقلب، ولحن الرصاصة خرج من شغاف قلبه، ووصل قلوبنا جميعا، واستقر حبه فينا..
|