القاهرة 08 اكتوبر 2024 الساعة 10:14 ص
بقلم: شيماء عبد الناصر حارس
قابلت في حدث ضخم تنظمه مؤسسة مشهورة، إحدى صانعات المحتوى المشهورات على تيك توك، كان لها كلمة على المنصة في المبنى العتيق لمدة خمس دقائق، بعيدًا عن سعادتي الخاصة لرؤيتها بشخصها بعد مئات المرات التي شاهدت صورها وفيديوهاتها على منصة تيك توك الإنترنتية، لكن لم تجهز كلمة تقولها تحت العنوان الذي وضع لها، هكذا قالت، لكنها تكلمت بطلاقة وجاهزية معروفة بها، كانت لطيفة بروحها الشفافة وعقلها المستنير، وكنت سعيدة لمجرد رؤيتها.
حينما أراجع فيديوهاتها وهي تتحدث عن تجربتها وتجارب آخرين، أقول: ماذا لو أنها تكتب؟
ماذا لو أنني أرى وجهها على صفحات كتاب وهي تتكلم، لكن النتيجة واحدة، فهي أحيانًا تجهز هذه الحلقات مكتوبة، وهي تنطلق من رؤية ذاتية وتعبر عن نفسها، فهي تقرأ ما يدور داخلها بصوت عالٍ، مرة أمام ميكرفون على مسرح صغير في مبنى عتيق، ومرة أمام مايك صغير في غرفتها أو سيارتها لمنصة تيك توك.
هل تفهم نفسها؟
هل تكتب؟
الأمر يبدأ عند النفس وينتهي بالكتابة، فصباح الخير لكل الكلمات والحروف القديمة والجديدة، سأكتب لكن كالعادة ماذا أكتب وما هي الطريقة؟ وهذه الكتابة تجلدني وتقتلني وتعذبني وأبكي حينما أكتب، وحينما لا أكتب، ومع ذلك يوجد داخلي هذا الشعور بالامتنان والذي يجعلني أشعر برغبة في البكاء، كنت أرغم نفسي على التعامل معها في أوقات معينة، العوالم تلك البعيدة والغريبة، لماذا كنت أخشى على نفسي منها، ماذا كان سيحدث لي، ربما كنت تعلمت شيئًا جديدًا، وربما خرجت من التجربة بلا شيء على الإطلاق!
الكاتب الذي يستطيع التعامل مع أكبر قدر من البشر كاتب محظوظ والكاتب الذي يتقبل الجميع ويتعايش معهم يكون لديه رصيد هائل من الشخصيات التي يكتب عنها لكني أبتعد عن الأشرار، التقي مثلما هذه التيك توكر الجميلة بأناس طيبين، ومع انسياب الكلمات يغمرني شعور بالهدوء والانسجام، اليوم مع الساعات والدقائق، الجميع في حالة هدوء واسترخاء، وأمنية دفينة داخل أعماقي تتمنى البقاء، راحة الإنسان وفكرته عن الخلود وعن أمنياته بأن تستمر اللحظة المعاشة الجميلة إلى الأبد.
رغم ما تحمله منصة تيك توك أحيانًا من سمعة ليست الأفضل على الإطلاق، لكن وجوه مثل صانعة المحتوى هذه، تطل من هذه المنصة، تصنع عالمًا جميلا، تحكي عن نفسها وأحزانها وحبها وغيرتها، تتحدث وتكتب بفمها وعلى شاشة وليس بورقة وقلم، اختلفت الأساليب لكن كتابة النفس هي النتيجة، وفي نهاية الأمر، أعرفها، وربما هي تعرف نفسها، وأقضي أمام شاشة الهاتف بصحبتها وقتًا جميلا، أعود بعده إلى نفسي وإلى الكتابة وإلى اللاب توب، أبحث عني وأجد جزءا مني يمت بصلة بها، كلمة، معلومة، فكرة، خاطرة، موقف، آخذ موقعها وآخذ تجربتها، تذوب كل الأشياء معًا.
|