القاهرة 01 اكتوبر 2024 الساعة 11:00 ص
كتبت: هبة أحمد معوض
في زمن ما -لم تضح معالمه بعد- سيجوب الخلق الكون بعقولهم، وسيصبح التفكُّر وسيلتهم في الوصول إلى الحقيقة، وسيصبح السؤال الأكثر إلحاحًا عليهم هو.. هل نحن حقًا موجودون؟ وإذا كنا كذلك فهل نحن حقيقيون؟!
إن الحقيقة الوحيدة المطلقة التي اتفق عليها الخلق جميعًا هي حقيقة وجود الإنسان، لكن غير الأكيد إننا حقيقيون أو واقعيون.
لأن كينونة الإنسان لا تزال موضع شك، حيث لم ينته العالم بعلمائه وفلاسفته ورجال دينه حتى يومنا هذا إلى وجود إجابة واحدة محددة توضح التساؤلات الخلقية التي تحدد مستقبل الوجود.
إذ تكمن مشكلة البشر في البحث عن الماضي وليس الحاضر أو المستقبل، لأننا دائمًا ما نتوقف عند الأخلاقيات، ومن تجاوزها وبحث في الوجود يُتهم بالجنون أو الزندقة أو الهرطقة، وكأن البشر وُجدوا ليتفقوا!
إن مشكلة الوجود الحقيقية والأكيدة حتى الآن تنبع من أن كل ذي نسق يريدون توحيد العالم بنسقهم، بينما الأخلاقيات التي اتفقت عليها جميع الديانات السماوية والأرضية أن البشر مختلفون، وكأن الصراع ليس دينًا أو فلسفة أو علمًا بل صراع نفس تريد أن تَحكم وتعاقِب وتأبى أن تُحكم وتعاقَب، وكأن النفس البشرية أعلنت كونها إلهًا أرضيًا، نائب عن الذات الإلهية المؤمن بها.
وبعد ذلك! ما هو الإنسان؟ ما هي حقيقة ووجود الإنسان؟ الإنسان هو الخير والشر.. الحب والكره.. العطف والجحود.. العلم والجهل.. التفلسف والتدين، أما حقيقته فهي الخوف! نحن نخاف أنفسنا فننعزل ونخاف الغير فنطيع، ونخاف من الدين فنعبد الله خوفًا وليس حبًا، نحن ندرك الله بالحرب وليس الحب، نخشى أن نتدبر ونأبى أن نتفكر!
ولأن البشر لا يرون في أنفسهم إلا الصلاح، ولأن كل نفس تبرر لصاحبها كل شر، لم يجرؤ أحد بعد أن يرى نفسه بعين الحقيقة، وأن يستكشف حقيقة ذاته، لذلك نحن موجودون ولسنا حقيقيين!
|