القاهرة 01 اكتوبر 2024 الساعة 10:30 ص
كتب جمال الفيشاوي
تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وفي إطار فاعليات الملتقى الدولي الثامن لفنون ذوي الاحتياجات الخاصة والذي أطلقته سهير عبدالقادر مؤسس الملتقى ورئيس مجلس أمناء مؤسسة أولادنا لفنون ذوي القدرات الخاصة لسنة 2024م، والذي حمل شعار بكره أحلى بينا، والذي أقيم بدار الأوبرا المصرية على مدار سبعة أيام في الفترة من 20 سبتمبر إلى 27سبتمبر، وشارك في الملتقى 53 دولة عربية واجنبية بفنونها المختلفة.
قدمت فرقة " صناع الحكاية " التابعة لقصر ثقافة ببا بمحافظة بني سويف العرض المسرحي ( صانع الأقنعة ) من إنتاج الإدارة العامة لثقافة الطفل التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، والعرض من تأليف الكاتب أحمد زحام ومن إخراج محمد فؤاد، وقدم العرض على المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية.
كان اهتمام الثنائي المؤلف أحمد زحام والمخرج محمد فؤاد منذ سنوات مضت بتقديم عدد من المسرحيات تم فيها دمج ذوي الإعاقة مع الأصحاء، ويتم الدمج من خلال تكوين فرق مختلفة الأعمار السنية و الإعاقات (بصري، سمعي، حركي، ذهني، وكذلك الأقزام)، فقام زحام وفؤاد بإنشاء فرقة إحنا واحد التابعة لإدارة التمكين الثقافي، بالهيئة العامة لقصور الثقافة، فرع ثقافة القاهرة، قصر ثقافة الريحاني، وقدما عدد من العروض التي دمج فيها بين الأصحاء والمعاقين، ومنها (كمان زغلول)، سندريلا المصرية عن (ردوبي الجميلة) والتي شاركت في الدورة 12 للمهرجان القومي للمسرح (دورة كرم مطاوع)، السفينة عن (هجرة شجرة)، كما قاما بأنشاء فرقة فنون مسرح الطفل في أسوان تتبع أيضا الهيئة العامة لقصور الثقافة قدما من خلالها العرض المسرحي فرح صاحب السعادة، وأخيراً فرقة " صناع الحكاية " التابعة لقصر ثقافة ببا بمحافظة بني سويف وجميع العروض من تأليف الكاتب أحمد زحام.
وتميزت العروض بتقدم رسالة مسرحية بسيطة وعميقة يستمتع بها المتلقي أولاُ، ثم الاستفادة من الرسالة الموجهة، فجميع العروض مقدمة للأسرة والطفل.
العرض المسرحي صانع الأقنعة تدور فكرته الرئيسية بقيام فرقة مسرحية بتقدم عرض مسرحي، يتخلله صراع ما بين الخير والشر من خلال الحكاية الأشهر في تاريخ القدماء المصريين وهي أسطورة إيزيس وأوزوريس، والتي استلهم منها المؤلف فكرة الصراع الأبدي بين الخير والشر ولكنه لم يتناول الحكاية كاملة كما نقلتها لنا الأسطورة التاريخية التي دونها القدماء المصريين، وقد تم تقديم الأحداث بطريقة التمثيل داخل التمثيل، وكانت شخصية ست التي تمثل الشر، وأوزوريس يمثل الخير والنماء، وإيزيس وهي أبرز إلاهة في الديانة المصرية القديمة إلاهة السحر والحكمة وقدسها المصريون كرمز للأم الحنون والزوجة الوفية، والتي كانت تبحث عن أشلاء أوزوريس الذي يمثل عند المصريون القدماء إله البعث والحساب طوال الوقت، وقدم العرض شخصية أوزوريس ممثلاً الخير والسلام، فهو الذي يحب الموسيقى التي ينتشر بواسطتها الحب والتأخي بين البشر، وبالتالي يسود الحب والعدل بين الشعوب، وشخصية ست إله الظلام والفوضى جاء بصورة جديدة فهو يحارب الخير ويصر على أن يصبح الشر هو الذي السائد والمسيطر على البشر، وست يكره الموسيقى وبالتالي يكره السلام ويدعو إلى الحرب والخراب والدمار، ولتحقيق ما اراده قام بمنع الفنون (الموسيقى والغناء، والرسم والنحت)، كما قام بمنع الفكر ومحو كل ما له علاقة بالقوي الناعمة ليصبح المجتمع جاهل، فجهل المجتمع يجعل الشر ينمو سريعا، وبذلك يسيطر ست بشره على الجميع، وهنا يظهر دور أصحاب الإعاقات بقيادة الثوري هادي ممثل الإعاقة البصرية لمنع شر ست وتقف له بالمرصاد، وتساعدهم رحمة وهي شخصية من الأصحاء، واتخذوا شعارا لهم، أنه بالعزيمة والإرادة نحقق ما نريد، وأصبح جميعهم أوزوريس الخير والنماء، وبذلك ينتصر الخير على الشر، وينشرون الفنون لانهم على علم بدور الفن في الحق والخير والجمال، وتعزف الموسيقى وينتشر السلام.
قام المخرج ببناء روايته على منهج المسرح داخل المسرح ( الميتاتير) وقام أمعاننا في ذلك باستخدام تقنية حدثيه فقد أستخدم الفيديو مابينج ( Video Mapping) في المسرح وفيها يتم استخدام الفيديو مابينج لإنشاء بيئات مسرحية متغيرة أو خلق تأثيرات خاصة دون الحاجة إلى تغيير الديكور الفعلي. وقد أفادت هذه التقنية من حيث تفاعل العرض مع الجمهور أو مع العناصر المسرحية وساهمت في إضفاء جو من التجديد والابتكار وأعطت العرض المسرحي طابعًا معاصرًا وتقنيًا، مما عكس تطور افكار المخرج وقدرته على استخدام التكنولوجيا ودمجها مع العناصر المسرحية.
وكذلك بتحويله لبعض الاحداث المسرحية إلى فيلم أنميشن
و ساعد بهذا العرض البصري على تَعزيز البيئة الدرامية والهروب من السرد القصصي وقد خلق هذا نوعًا من التفاعل بين العوالم الواقعية والرقمية، وكذلك إضفاء طابع معاصر على العرض والرؤية البصرية بشكل مبتكر وخاصة أن العرض في أساسه مقدم لجمهور الأطفال .
ومن نفس المنهج كانت الملابس حيث وحد المخرج ملابس الفرقة والتي ارتددت تي شيرت أخضر وبنطلون أسود دلالة على تعبيرية الشخصيات وتأكيد على أن الكل متحد في شخص واحد ولكن كانت هناك موتيفات ملابس لمن قام بتمثل إيزيس وأوزوريس وست، ملابس تعبر عن الحضارة المصرية القديمة.
كانت الاستعراضات ("منة فؤاد"، وتدريب "حنين جلال") تدفع بالحدث وتطوره فضلا على انها كانت وكأنها جزاء لا يتجزأ من الحركة المسرحية ودراما العرض وقد تناسبت الحركات والاستعراضات مع المؤدين لها من ذوى الإعاقة ولهذا وجب علينا الإشادة بالتصميم والتدريب.
جاءت الموسيقي وألحان الأغاني ل (عبد الله رجال) مواكبة وإضافة كبيرة للعرض بشكل مؤثر بنغمات وتوزيعات سهلة وبسيطة ولكنها أكثر عمقا من حيث تأثيرها، أما الأغاني والأشعار ل (بكري عبد الحميد) كانت مباشرة ومفسرة للمدلولات الدرامية وقد خلق ذلك حالة التفاعل بين العرض والجمهور، وتوجيه الرسائل الخطابية التي يهدف اليها العرض ووصولها للجمهور.
هذه النوعية من العروض تحتاج إلى جهد كبير وفترات تدريب طويلة لتظهر بهذا الشكل اللائق، وكذلك توفير الإمكانيات الفنية والمالية اللازمة.
وفي نهاية المطاف أتقدم بالشكر إلى كل الممثلين والذين قاموا أيضا بأداء الاستعراضات وهم من أصحاب الإعاقة هادي جلال (إعاقة بصرية) في دور هادي، وأحمد محمود (إعاقة حركية) في دور صانع الأقنعة، وامال صبحي (إعاقة بصرية) في دور إيزيس، ومن الأصحاء جيجي منير في دور رحمة، وعاطف سعد في دور أوزوريس، محمد حمزة في دور ست، عبد الرحمن صبحي في دور حتمور، وباقي الممثلين من أصحاب الإعاقة والأصحاء (أحمد قرني، فتحي يوسف، آلاء راشد، بسمة خلف، زهرة، فاطمة محمد، فاطمة حسني، فاطمة ناصر، مريم حسين، محمد عبد العظيم، فضل صبحي، سعيد علاء، مصطفي، ياسمين، منه جوده، شيماء جمعة، مشيرة صبحي، رانيا أحمد، سعاد جمعه، شهد خلف سما محمد ، ريهام ،سما).
كما توجه بالشكر إلى هيئة الإخراج (هند منصور، حمدية أبو سعيد، رحاب شكري) والشكر موصول لكل من ساهم في خروج هذا العرض للنور.
|