القاهرة 29 سبتمبر 2024 الساعة 11:48 ص
بقلم: د. حسين عبد البصير
كانت هناك نظرة عامة في مصر القديمة والشرق الأدنى والعالم القديم بشكل عام، تمقت السلوكيات الجنسية المنحرفة، بما في ذلك المثلية الجنسية، أو ما يُطلق عليه "الشذوذ الجنسي"، وقد تعاملت المجتمعات القديمة مع ذلك الموضوع بناءً على القيم الدينية، والأخلاقية، والعرفية التي كانت سائدة في كل حضارة، وكان للملوك والحكام دور بارز في ضبط وتوجيه السلوكيات التي تتعارض مع الأعراف الاجتماعية والقيم الدينية.
في مصر القديمة، كان المجتمع متدينًا للغاية. وكان للملوك والحكام دور مهم وكبير في الحفاظ على قيم الـ"ماعت"، والتي كانت عبارة عن مفهوم النظام والعدالة والتوازن في الكون. واعتقد المصريون القدماء أن الانحراف عن القيم الاجتماعية والدينية، بما في ذلك السلوكيات الجنسية غير المقبولة، كان خرقًا كبيرًا لقيم الـ"ماعت". وعلى الرغم من أن الأدلة النصية حول المثلية الجنسية قليلة، يوجد بعض من النصوص القليلة التي تشير إلى رفض مثل تلك السلوكيات الجنسية المؤثمة والمرفوضة.
لقد كانت الحضارة المصرية تحض على الأخذ بالفضيلة واتباع مكارم الأخلاق والقيم الراقية، واعتبرت مصر القديمة السلوكيات المنحرفة، إن حدثت أو وُجدت، انتهاكًا صارخًا للعلاقات الإنسانية في المجتمع المصري القديم، وكانت تلك السلوكيات المشينة مرفوضة بالكلية من الملوك والآلهة والناس. وكانت تمت معاقبة الشخصيات المرتبطة بتلك السلوكيات الانحرافية، إن حدثت أو وُجدت، والتي كان من المعروف أنها تخالف النظام الإلهي والديني والملكي والبشري.
وعلى الرغم من أن النصوص والقصص والأحداث والوقائع عن تلك الانحرافات السلوكية نادرة، فإن الانحراف الجنسي كان يُعتبر خروجًا عن النظام العام للمجتمع في مصر القديمة، وكان الملك يُشرف على الحفاظ على سلوكيات المجتمع وتطبيق قيم الـ"ماعت" في أرض مصر، باعتباره ابن الآلهة وممثلهم على الأرض. وكانت الملكية في مصر القديمة مسؤولة تمامًا عن الحفاظ على التقاليد الأخلاقية والدينية. واعتُبر الملك نفسه في مصر القديمة "راعيًا للأخلاق".
في الشرق الأدنى القديم، وبالتحديد في الحضارات السومرية، والأكدية، والبابلية، كان هناك تعامل صارم مع السلوكيات الجنسية المنحرفة عن المعايير الأخلاقية. وتضمن قانون حمورابي، الذي يُعتبر واحدًا من أقدم القوانين المدونة في العالم، موادًا تتعلق بالسلوكيات الجنسية. وعلى الرغم من أن القانون لا يحتوي بشكل صريح على إدانة للمثلية الجنسية، فإنه يحدد العلاقات بين الأفراد وفقًا لحقوق وواجبات معينة، ويضع عقوبات على الجرائم الجنسية التي تعتبر خرقًا للنظام الاجتماعي. ولعب الملوك البابليون والحيثيون دورًا كبيرًا في تطبيق القوانين التي كانت تهدف إلى الحفاظ على "النظام الاجتماعي". وكانت السلوكيات المنحرفة عن الأعراف يُعاقب مرتكبوها عليها بشدة.
وفي حضارات مثل حضارات الحيثيين والآشوريين، كان هناك تعامل صارم مع أية سلوكيات تنحرف عن النظام الديني والاجتماعي. وكان الملك يمثل الحامي للأخلاق والقوانين التي كانت تحافظ على تماسك المجتمع. وتحتوي النصوص الآشورية على قوانين كانت تعاقب مرتكبي الجرائم الجنسية بما في ذلك الزنا والانحرافات عن الزواج التقليدي. وكانت السلوكيات المنحرفة تخضع لعقوبات مشددة؛ لأنها كانت تعتبر تهديدًا للنظام الاجتماعي العام.
كما انتقدت الفلسفات اليونانية في اليونان القديمة، خصوصًا عند أفلاطون وأرسطو، مثل تلك العلاقات المشينة، واعتبرت أنها لا تخدم مصلحة الدولة والمجتمع. في روما القديمة، ومع صعود المسيحية في الإمبراطورية الرومانية، بدأت النظرة للمثلية الجنسية تتغير بشكل جذري. وأصدر الإمبراطور قسطنطين، أول إمبراطور مسيحي، الكثير من القوانين الصارمة التي كانت تحرّم السلوكيات الجنسية التي لا تتماشى مع التعاليم المسيحية. ومع انتشار المسيحية في العالم الروماني، تم النظر إلى المثلية الجنسية على أنها خطيئة تتطلب العقاب.
في معظم الحضارات القديمة، كان الدين والملكيات مترابطين بشكل كبير. وكان الملك يُعتبر ممثلاً للإله أو وسيطًا بين الآلهة والبشر، وبالتالي كان مسؤولًا عن الحفاظ على القيم الأخلاقية والدينية. وكان أي سلوك ينحرف عن تلك القيم يُعتبر تهديدًا للنظام العام، وبالتالي كان يتم التعامل معه بصرامة. وفي العالم القديم، كانت محاربة السلوكيات الجنسية المنحرفة جزءًا من دور الملوك والحكام لإقرار النظام المجتمعي السوي القائم على الفضيلة ومكارم الأخلاق والسلوكيات الأخلاقية السوية.
في مصر القديمة، كانت المثلية الجنسية تُعتبر مخالفة لقيم الـ"ماعت" – أي النظام الكوني - الذي كان يجب أن يحافظ عليها الملك. وفي الحضارات السومرية والبابلية، كانت القوانين تعكس محاولة الملكيات لضبط الأخلاق العامة ومنع أية سلوكيات تنتهك النظام الاجتماعي.
ومع صعود الأديان السماوية مثل المسيحية، أصبحت المثلية الجنسية تُعتبر خطيئة يجب مكافحتها بقوة، وهو ما انعكس في سياسات الملوك الرومان والمسيحيين الأوائل.
في معظم الحضارات القديمة، كان الدين والملكيات مترابطين بشكل كبير. وكان الملك يُعتبر ممثلاً للإله أو وسيطًا بين الآلهة والبشر، وبالتالي كان مسؤولًا عن الحفاظ على القيم الأخلاقية والدينية. وكان أي سلوك ينحرف عن تلك القيم يُعتبر تهديدًا للنظام العام، وبالتالي كان يتم التعامل معه بصرامة.
وفي العالم القديم، كانت محاربة السلوكيات الجنسية المنحرفة جزءًا من دور الملوك والحكام لإقرار النظام المجتمعي السوي القائم على الفضيلة ومكارم الأخلاق والسلوكيات الأخلاقية السوية.
وكما قال أمير الشعراء أحمد بك شوقي:
والصدقُ أرفع ما اهتز الرجالُ لهُ وخيرُ ما عوّدَ ابنًا في الحياةِ أبُ
وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبَوا
|