القاهرة 26 سبتمبر 2024 الساعة 09:12 م
بقلم: د. ماهر أحمد سليمان
"الوتد" هي إحدى روايات الكاتب "خيري شلبي"، ومن أشهر أعماله الأدبية، وهي رباعية تتكون من أربع حكايات هي بالترتيب: الوتد، المنخل الحرير، العتقي، أيام الخزنة.
قصة الوتد تدور أحداثها في الريف المصري في نهاية النصف الأول من القرن العشرين، يقدم شلبي من خلال سرد شعبي حكاية السيدة " فاطمة ثعلبة"، المرأة الريفية المحافظة التي تمكنت بحكمتها من مضاعفة ملكية أراضي زوجها البسيطة، كما تمكنت كذلك من المحافظة على تماسك أسرتها الكبيرة بالعطف أحيانا وبالشدة في أحيان أخرى. يأخذنا شلبي من خلال قصة "ثعلبة والعكايشة" في رحلة سردية حول كل تفاصيل ويوميات هذه العائلة وعلاقاتها. قدم لنا فيها خيري شلبي شخصيات مثيرة ومركبة وقوية ورغم قصر القصة نسبيا إلا أن الشخصيات فيها خصوصا الحاجة فاطمة رسمت بدقة وواقعية غريبة لكل منها طبيعته الخاصة ولغته الخاصة وأسلوبه المختلف.
جاء عنوان الرواية "الوتد" مُختصرًا ومحملًا بالدلالات والرموز في الوقت ذاته مثيرا في نفس القارئ الكثير من التساؤلات، إذ تعني كلمة الوتد ما ثبت في الحائط أو الأرض من الخشب، ويلاحظ أن وتد هذا النص الأدبي هو المرأة.
وتدور الأحداث في الريف المصري، الذي صور الكاتب من خلاله حياة الأسرة الريفية وطقوسها، وتحولاتها الموازية لتحولات الواقع المصري في أربعينيات القرن الماضي.
اتبع الكاتب أسلوب السرد الشعبي الأقرب إلى اليوميات والراوي كأنه أحد أفراد الأسرة مما أضفى على الرواية واقعية شديدة الخصوصية، وإلماما واعيًا بمفردات البيئة الريفية كعادة الكاتب في رواياته التي تتناول المهمشين، وحياة الفلاحين البسطاء، وكأنه عاش هذه الحياة وليس مجرد راصد لها، فالقارئ لا يمكن أن يتخيل أن الراوي لا ينتمي لهذه الأسرة.
تعبر الرواية عن قوة المرأة المصرية البسيطة، وإرادتها التي صنعت هذه الأسطورة، دون شعارات براقة زائفة عن دور المرأة وحقوقها، فقد استطاعت "فاطمة ثعلبة" أن تصنع إمبراطورية أسرية بحكمة وفطنة وحسن تدبير، فالرواية تقدم مثالا عظيما يجب أن يحتذى، ويقتدى به في مجتمعنا.
لذلك كانت رواية "الوتد" من أنضج تجارب خيري شلبي وقد حصل عنها على جائزة الدولة.
|