القاهرة 18 سبتمبر 2024 الساعة 11:20 ص
بقلم: عمرو خان
في أفق عام 2024، تحت السماء المتقلبة والمزاجية، كان الشرق الأوسط وأفريقيا مسرحًا لتحولات دراماتيكية تجسد معالم الكوكب المتغير، فالهواء لم يعد يعكس السكينة المعهودة، بل أصبح مزيجًا من القلق والغضب الطبيعي، وكأن الأرض نفسها تعلن عن شدة الألم الذي تحمله. هذه العواصف والتغيرات ليست مجرد ظواهر طبيعية، بل هي نذير لأزمة مناخية تتسارع نحو النهايات غير المعروفة.
* التحولات المناخية: في قلب العاصفة
تفاقم آثار التغير المناخي خلال العام 2024 كان واضحًا ومؤلمًا، حيث شهدت شمال أفريقيا سلسلة من الظواهر الجوية غير المسبوقة، فقد ضربت عواصف رعدية شديدة الأراضي التونسية والجزائرية متسببة في فيضانات هائلة في أغسطس 2024، كما اجتاحت عاصفة رعدية العاصمة تونس، مما أدى إلى مقتل 42 شخصًا وإلحاق أضرار بالبنية التحتية تقدر بمئات الملايين من الدولارات، ولم تكن هذه العاصفة سوى بداية لمجموعة من الأحداث المناخية التي توالت على المنطقة.
في مصر، كانت آثار التغير المناخي أكثر وضوحًا مع اشتداد حرارة الصيف، حيث تجاوزت درجات الحرارة 50 درجة مئوية في بعض المناطق، وقد أدى هذا الارتفاع غير المعتاد في درجات الحرارة إلى مقتل 88 شخصًا نتيجة لأزمة صحية ناتجة عن الحرارة الشديدة، كما عانت الزراعة في دلتا النيل من تدهور كبير، حيث أثرت الجفاف وارتفاع درجات الحرارة على المحاصيل بشكل حاد، مما زاد من أزمة الأمن الغذائي.
* الشرق الأوسط والخليج: شبح التصحر والحرائق
الشرق الأوسط والخليج العربي لم يكونا أقل معاناة، في سبتمبر 2024، اجتاحت حرائق غابات هائلة أراضي لبنان وسوريا، مما أسفر عن تدمير 25% من المساحات الخضراء في لبنان وتسببت في إخلاء آلاف السكان من منازلهم. الحرائق، التي اشتعلت بفعل موجات الحرارة الشديدة والتي تفوق معدلاتها الطبيعية، ألحقت أضرارًا كبيرة بالبيئة وأثرت سلبًا على جودة الهواء.
وفي الخليج العربي، كانت الأمطار الغزيرة غير المألوفة سببًا في ظهور سيول مفاجئة في دبي والرياض، وقد تسببت السيول في شل حركة المرور وإغراق الأحياء السكنية في أكتوبر 2024، مما أدى إلى تضرر آلاف المنازل وتكبد الاقتصاد المحلي خسائر فادحة تقدّر بمئات الملايين من الدولارات.
* القرن الإفريقي: صراع الماء والجفاف
في القرن الإفريقي، كانت الأزمة أكبر من أي وقت مضى. فقد أثر الجفاف الطويل والمستمر بشكل مدمر على منطقة الصومال وإثيوبيا، حيث عانى الملايين من نقص حاد في المياه والموارد الغذائية. في نوفمبر 2024 أعلن عن حالة الطوارئ الغذائية في الصومال، حيث ارتفعت معدلات المجاعة بشكل ملحوظ، مما أدى إلى وفاة أكثر من 1000 شخص بسبب نقص الغذاء والماء.
* الأسئلة الكبرى: هل اقتربت نهاية العالم؟
بينما نشهد هذه الكوارث المتسارعة، يطرح الكثيرون تساؤلاً محوريًا: هل اقتربت نهاية العالم؟ التغيرات المناخية والظواهر البيئية التي نشهدها تمثل جرس إنذار عالمي. وتظهر الأبحاث أن العوامل الرئيسية وراء هذه التحولات تشمل الانبعاثات الكربونية المفرطة، قطع الغابات، والتوسع العمراني غير المدروس.. كل هذه العوامل تساهم في تفاقم تأثيرات التغير المناخي.
في ختام هذا المشهد المأساوي، يبدو أن الأرض تتحدث بصوت عالٍ، تنذرنا بخطورة الوضع وتطلب منا تغيير سلوكنا.. قد تكون نهاية العالم كما نعرفه على الأبواب، لكن التغيير الإيجابي ما زال ممكنًا، إذا عملنا جاهدين على معالجة جذور هذه الأزمات، والتكيف مع الواقع الجديد الذي تفرضه الطبيعة علينا.
|