القاهرة 17 سبتمبر 2024 الساعة 11:19 ص
 

بقلم: سماح عبد السلام

عبر رحلة فنية طويلة امتلك الفنان التشكيلى جلال الحسينى قدرة بارعة فى التعاطي مع المنظر الطبيعي بصور متباينة، ومن ثم تميزت رؤيته عن العديد من الفنانين الذين تعاملوا مع الطبيعة الصامتة والمشاهد الحياتية كأيقونة أساسية فى عالم الفن التشكيلى، بأسلوب يتسم بالبساطة والاختزال دون الثرثرة على المسطح التى تعيق وصول الرسالة المبتغاة منه.
رسام المناظر ليس مطالبًا بأن يقدم للمتلقى المشهد الذى يراه بشكل يومي، وإلا حينها لن يكون قد قدم شيئاً. لا بدَّ أن يكون له وجهة نظر ورأي، وهو ما حرص الفنان جلال الحسينى على إبرازه بلوحاته..
بدأ الحسينى ممارسة الفن التشكيلي عبر معرضه الأول عام 1967 بأتيليه القاهرة، كما تمسك بعمله كمهندس معمارى ولم يتفرغ للفن بشكل كلي إلا بعد التقاعد، ومن ثم جاءت معارضه فى العقدين الأخيرين بشكل غزير، يكشف عن رغبته فى استعادة نشاطه الفنى الذى تقلص بشكل ما إبان انشغاله بمهام عمله الوظيفية.
جاءت أحدث معارض "الحسينى" تحت عنوان "60 عامًا مع الفن"، ليتضمن مختارات من رحلته الفنية التى بدأها فى الستينيات، فقرر إقامة معرض شامل من هذه الفترة والأزمنة المختلفة والأحاسيس المتباينة، مكونا أعمالاً متنوعة لكى يطرح معرضًا تضمن تنوعًا فى الخامة والوقت والإحساس الذى رسم به.
يكشف المعرض عن تباين الأسلوب الفني من فترة لأخرى لدى الفنان، وإن كان الفنان لا يحدد الأسلوب، ولكنه يعمل حسب الزمن الذى يمارس العمل خلاله، ويقدم ما بداخله من مخزون فني بالآلية التى يستسيغها خلال تلك الفترة، فتخرج أساليب مختلفة. ومن يحدد الأسلوب هو المتلقى لتك الأعمال، لكن الفنان ربما يقصد أسلوب معين بالتالى انطلق فى التعبير بكل سلاسة وتلقائية.
 بتأمل التجربة الفنية لجلال الحسينى طيلة 60 عامًا نلحظ تنوعًا فى المنظر الطبيعي وبين التشخيص والتجريد والواقعي، ربما يعُزى ذلك لسفرياته المتعددة عبر مناطق مختلفة. وكلما عاد من المكان يرسم مخزون المكان بداخله، انطباعه عن المنظر وليس المنظر نفسه. 
أما أبرز الخامات الخاصة بأعماله فقد بدأ الرسم بخامة الجواش، وبصفته معماريا وجد فى الكلية أقلام المياه إلى جانب الزيت، وعندما رأى النقاد ذلك أثنوا على رسوماته، حيث أن معارض الأعمال المائية كانت عزيزة وبالتالى سلك هذا الاتجاه، علمًا بأنه يعُد من الفنانين القلائل الذين يتعاملوا مع الألوان المائية بحرفية شديدة كونها خامة صعبة المنال.