القاهرة 07 سبتمبر 2024 الساعة 08:30 م
كتبت: إنجي عبدالمنعم
* د. محمد المديوني: فنانة شاملة كان لها الريادة في فن الأداء الجسدي.
* د. أمينة الدشراوي: تصورها عن الأداء الجسدي لم يكن جماليا فقط وعبرت عنه اجتماعيا.
* حاتم التليلي: استحقت الخلود في الحياة قبل الموت.
أقيم ضمن محور "رد الجميل" الذي يقام ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الحادية والثلاثين (دورة د. علاء عبد العزيز) برئاسة الدكتور سامح مهران، ندوة عن "المخرجة التونسية رجاء بن عمار، وشارك فيها د. محمد المديوني، الباحث حاتم التليلي، د. أمينة الدشراوي، وأدار الجلسة الكاتب إبراهيم الحسيني.
وفي بداية الجلسة تحدث الكاتب المسرحي إبراهيم الحسيني، مؤكدًا أن رجاء بن عمار هي فنانة شاملة عملت فى الإخراج والتمثيل وفنون الأداء الجسدي والاستعراض، وكانت من أوائل الفنانات التونسيات اللواتي كان لديهن اهتمام بالاداء الجسدي، لافتًا إلى أنها تأثرت بما تعلمته في ألمانيا في جميع أعمالها المسرحية، ورحلتها إلى برلين كانت من أسباب تكوينها الفني والجمالي.
من جانبه قال د. محمد المديوني الأستاذ بالمعهد العالي للفن المسرحي في تونس، بإن رجاء بن عمار كانت فنانة متنوعة إذ امتدت تجربتها لمختلف فنون الأداء بجانب عملها في الإخراج، مشيرا إلى أن الراحلة تحتل مكانة كبيرة في الحياة التونسية، وعرفت بطاقاتها الفياضة وفي كل ما ذهبت إليه من آراء ومواقف، مشددًا على أنها تمثل صورة رائعة لجيل من أجيال تونس الحديثة.
وأضاف "المديوني" أن الأثر الاجتماعي والشخصي كان سببًا كبيرًا في تكوينها أيضًا، فهي ابنة لعائلة فنية، فكان خالها من أفضل الموسيقيين في وقته، وكذلك معايشتها للحياة المسرحية في ألمانيا، والتي خصصت لها ربع ما عاشته في مسيرتها الذاتية، إذ إن جزءا من تجربتها اكتسبته من خلال ما رأته في برلين، ورؤيتها لما يدور في المؤسسات الثقافية هناك، وتابع الأستاذ بالمعهد العالي للفن المسرحي في تونس، بأنه يُنسب إلى رجاء بن عمار تأسيس مدرسة الرقص والريادة في فن الأداء الجسدي ومزجه بالمسرح، فهى امرأة نجحت في فرض نفسها فرضًا على الساحة المسرحية، وقادت أعمالها إلى آخر نفس في حياتها، وتحدت كل العوائق التي أدت إلى تأسيس مدرستها في الرقص والأداء، واستطاعت أن تنجزه وتمارسه لفترة ليست قصيرة، كما استطاعت أن تكتسب المهارات التي تجعلها راقصة اتقنت فن التمثيل وهو ما كانت تعرف نفسها به، بل تحولت إلى داعية لهذه الرؤية حتى طلب منها أن تقوم بالتدريب.
واتم د. محمد المديوني، بأن رجاء بن عمار، كانت حاضرة حضورًا في المسرح الجديد، وارتبطت ارتباطًا وثيقًا بمؤسسات المسرح المستقل، ومن هذا المنطلق أسست فرقتها "فو" المسرحية، وقد حظيت أعمالها بالتقدير في تونس وخارجها، مشيرًا إلى أنها خاضت عددا من المعارك المصيرية باعتبارها فنانة تحققت لها الكثير من المكاسب في تونس الحديثة، ولم تتوان عن المشاركة في الثورة التونسية، وكتبت نصًا عن مشاركتها مع الثوار في ثورة الياسمين، لتصور صورة رجاء بن عمار المنغمسة في مجتمعها والحالمة بنهضته.
بينما اكتفت المخرجة والباحثة التونسية أمينة الدشراوي، بقراءة عدد من المقتطفات التي ترجمتها كانت قد صرحت بها الراحلة رجاء بن عمار أثناء مداخلة لها باللغة الفرنسية تتحدث فيها عن رؤيتها لوطنها تونس بعد اندلاع ثورة الياسمين، مشيرة إلى أن هذا التكريم من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي هو تكريما لروحها الطاهرة وكان لا بد من أن ترد الجميل لها.
وأضافت "الدشراوي" أن رجاء بن عمار كنت أول من جمع بين المسرح والكوريغرافيا في تونس، وعبّرت من خلال أعمالها عن رفضها لكلّ ما هو سائد في مختلف الأصعدة، لافتة إلى أن رؤيتها لفن أداء الجسد ليست جماليًا وفنيًا فقط بل أيضًا اجتماعيًا لتصور الجسد تحت تأثير الحزن والسعادة، لتهدم الجسد جمالي وتعيد بنائه من خلال تصورها للأثر الاجتماعي على الجسد، مؤكدة على أن الراحلة عاشت الانكسارات التي عاشتها الشعوب العربية ولم تجد سبيلًا للتعبير عما خالجها من شعور بالغضب والأسى إلا عبر المهنة التي طالما أجادتها، المسرح، ورحلت رجاء بن عمار ولكنها خلّفت مدرسة فنية يستلهم منها الكثيرون وأعمالًا خلّدت اسمها في التاريخ التونسي كأحد أهم قاماته الفنية المتمردة على واقعها.
بينما قال الناقد المسرحي التونسي حاتم التليلي، إن رجاء بن عمار التي ولدت في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي ورحلت قبل 7 سنوات، ولدت مع بالتوازي مع إعلان نبأ الاستقلال، بينمت ماتت حين ازدحمت الأفكار الذكورية في المجتمع، مشيرا إلى أن "بن عمار" التي لم تتوانى في المشاركة في الثورة التونسية كانت ترى أن المسرح هو الانتماء الجمالي الوحيد عندما تسقط جميع الأجهزة.
وأضاف "التليلي" أن رجاء بن عمار تسير خطوة وراء خطوة خلف المهمشين حتى أصبحوا مبدعين، مشيرا إلى قال الفنانين الذين تعاملوا معها كانوا يروا بعلاقتهم بها، بأنهم ينتمون إلى الجمال، مشددًا أنها فنانة نقية بقيت في بقعة ناقية من الخطاب السلطوي، وكانت جديرة بالخلود في الحياة قبل الموت.
|