القاهرة 20 اغسطس 2024 الساعة 01:17 م
كتب: محمود المصري
إن اللغة العربية هي اللغة السادسة الأكثر استخدامًا في العالم وهي غنية بـ "كوكبة" من اللهجات المختلفة، مما يزيد من تعقيد تدريب نموذج اللغة. تُستخدم اللغة العربية الفصحى الحديثة عادةً في الوثائق الرسمية والكتابة الرسمية، ولكن غالبًا ما تستخدم اللهجات المحلية في المدونات أو وسائل التواصل الاجتماعي. وقال بالدوين إنه من خلال التدريب على مجموعة متنوعة من البيانات، يستطيع جاي عادة التبديل بين اللهجات.
ولا ننكر أن اللغات التي تستخدم الأبجدية اللاتينية هي التي تهيمن على الإنترنت، وتعد اللغة الإنجليزية هي الأكثر استخدامًا على الإطلاق. وهذا يعني أن مجموعات البيانات تكون الأكبر بهذه اللغات.
وللأسف إن اللغة العربية تأتي في المركز الرابع بحسب انتشارها حول العالم. ومع ذلك كانت الأقل استخداما في مجال الذكاء الاصطناعي وهو ما يستحق التوقف قليلا لتأمل حالنا نحن العرب وعلاقتنا بالتقنية، ورغم أن ما يقرب من مليار ونصف مليون مسلم حول العالم يحتاجون إلى استخدام اللغة العربية في ممارسة عقائدهم الدينية، وعلى الرغم من أن ملايين العرب من المحيط إلى الخليج بحاجة لأن يستخدموا تقنية الذكاء الاصطناعي في مجالات التعليم والبحث العلمي والطب والاقتصاد وغيرها من المجالات إلا أن المخزون اللغوي العربي الذي أدخل لبرامج الذكاء الاصطناعي نسبته ضئيلة جدا مقارنة باللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات الأوربية الكبرى.
وقد عالج هذه القضية الدكتور محمد سليم شوشة في كتابه الذي صدر حديثا عن كتاب اليوم بعنوان" فخ الحضارة، ثورة الذكاء الاصطناعي" حيث يرى يتوقع أن تكون احتمالات تعامل نماذج الذكاء الاصطناعي مع اللغة العربية على احتمالين، الأول اكتمال قدرته على استيعاب اللغة بشكل طبيعي كما يتعامل مع أي لغة أخرى، لأنه مؤهل للاشتغال بشكل أساسي على كل اللغات البشرية، والثاني هو التعامل معها بنسبة فهم ضئيلة جدا، تجعله غير مجدي أو غير مفيد للمستخدم مما يضطره إلى البحث بلغات أخرى ولا سيما الإنجليزية.
ويرى في مقدمة كتابه أنه ربما لم يستوعب كثيرون منا جوهر التحول الجذري والجوهري في منظومة الذكاء الاصطناعي الفائق، وتصور الأغلبية منا أنها مجرد أداة جديدة مثل اختراع القنبلة النووية أو الطائرات والسيارات والغواصات والراديو والتلفزيون والكمبيوتر والإنترنت وغيرها من منتجات الثورة العلمية والصناعية. والحقيقة أنه تحول جذري ومختلف تماما عن كل ما سبق من مخترعات، فللمرة الأولى في تاريخ البشر يصبح حرفيا للآلة عقل فائق، وعقل ليس مجازا أو نوعا من التشبيه، فهو عقل غير بشري نعم، وغير مطابق، حتى الآن فقط، في كل وظائفه لما يتم في مخ البشر، ربما أيضا صحيح، ولكنه في أكبر درجة من التطابق والمحاكاة لما يتم في مخ الإنسان من عمليات، محاكاة لشبكاته العصبية، ووظائفه الدماغية الأخرى من الذاكرة المرنة المنفتحة على التشغيل بمستوياتها من المدى القصير والطويل، والذاكرة القابلة للتمدد كذلك بمرور الوقت وزيادة المخزون من البيانات والمعلومات. ولكنه يفوق عقول البشر ملايين ومليارات المرات في القدرة الاستيعابية لمعالجة البيانات وفي سرعة المعالجة.
ويرى شوشة أنه باختصار شديد يمكن القول إنه إذا كان البشر عبر كل تاريخهم السابق كانوا ينتجون آلات وأجهزة تغطي شئون الحياة كافة للسلم والحرب؛ في الزراعة والصناعة والأعمال المنزلية والمعدات الحربية والأسلحة فإنهم قد تمكنوا الآن مع ثورة الذكاء الاصطناعي من أن يصنعوا عقلا لكل هذه الآلات، نعم هذه هي اللحظة التي أصبحت فيها كل مخترعات البشر السابقة تمتلك عقلا.
|