القاهرة 06 اغسطس 2024 الساعة 11:11 ص
كتب: عصام محمد حسين
تعرّف العربية النذل أنه الخسيس الحقير، فتحت هذه الصفة الذميمة تندرج الكثير من الأفعال كالخيانة وإلحاق الأذى بالآخرين، وقد يكون النذل أقرب الناس أو شخصا أسديت إليه معروفا، فرده إليك من خسته ونذالته، وقصص النذالة كثيرة منها قصة الإمام طالوت والوزير ابن بسام.
يقال أنه عندما تولى الحكم بن هشام الداخل الحكم مالَ إلى أهل الفسق، واقترفَ الكبائر والمنكرات، فتحرّك الفقهاء وأرادوا الخروج عليه، فحصل ما حصل للفقهاء من قتلٍ وتعذيب، وشاء الله لبعضهم النجاة فهرب منهم من هرب وكان أحد العلماء المطلوبين "الإمام طالوت" وهو تلميذ الإمام مالك، وظل هاربا مختبئا حتى فكر في أن يذهب إلى الوزير ابن بسام، وكان الإمام طالوت أستاذه الذي علمه القرآن قال الإمام "طالوت" للوزير أبي البسام: اشفع لي عند الحكم حتى يؤمنني. فوعده الوزير بذلك، ثم خرج الوزير من فوره إلى الأمير، الحكم بن هشام وقال له: لقد جئتك بهدية، جئتك بطالوت رأس المنافقين، قد ظفرت به.
فقال الحكم: قم فعجّل لنا به.
فلم يلبث أن أُدخل الإمام "طالوت" على الأمير، وكان الأمير يتوقد ويشتعل غيظًا منه فلما رآه جعل يقول: طالوت؟ الحمد الله الذي أظفرني بك، ويْحك والله لأقتلنك شر قتلة. كيف استبحت حرمتي؟
فقال له الإمام "طالوت": ما أجد لي في هذا الوقت مقالاً إلا أن أقول لك: والله ما أبغضتك إلا لله وحده حين وجدتك انحرفت عن الحق، وما فعلت معك إلا ما أمرني الله به.
فأسكن الله غيظ الحكم ثم قال: يا طالوت! والله لقد أحضرتك وما في الدنيا عذاب إلا وقد أعددته لك، وقد حيل بيني وبينك، فأنا أُخبرك أن الذي أبغضتني له قد صرفني عنك، اذهب قد عفوت عنك.
ثم سأله: كيف ظفر بك الوزير أبى البسام؟
فقال: أنا أظفرته بنفسي عن ثقة، فأنا لي فضل عليه؛ فقد علمته القرآن والبيان، واستأذنته أن يشفع لي عندك، فكان منه ما رأيت. فأطرق الأمير رأسه، ثم نادى على وزيره "أبي البسام" وقال له: يالك من رجل سوء قاتلك الله، ألا أديت له حق تعليمه لك؟ ألم تعلم أنه من خيار أهلِ ملّتك، وأردتَ أن تزيدنا فيما نحن قائمون عليه من سوء الانتقام؟ اخرج عني.. قبّحك الله.. لا أرانا الله في القيامة وجهك. هذا إن رأينا لك وجها، ولا أريد أن أراك بعد اليوم، ثم طرده من الوزارة وضيّق أرزاقه.
والجماعة الشعبية ضربت الأمثال هجاءً للأنذال ومنها:
*عاتب الأصيل ولومه والندل له يومه.
*علاج الندل اجتنابه.
*علشان معروفك فيا أنسى أنا قلة أصلي؟
|