القاهرة 06 اغسطس 2024 الساعة 11:03 ص
بقلم: د. ماهر أحمد سليمان
"الحب فوق هضبة الهرم" لنجيب محفوظ هي قصة ضمن مجموعة قصصية تضم ثماني قصص قصيرة، وقد جعلها نجيب محفوظ عنوانا للمجموعة القصصية.
تتناول القصة معاناة الشباب في مواجهة قسوة الظروف والعجز عن تحقيق أدنى متطلبات الإنسان الحياتية وممارسة حقه الطبيعي في أن يعيش حياة كريمة، وذلك من خلال الشخصية الرئيسة في القصة الشاب "علي عبد الستار" .
تبدأ القصة بصرخة مدوية يطلقها بطل القصة قائلا : "أريد امراة، أية امرأة" صرخة تعبر عن معاناة شاب في أواخر العشرينيات يرغب في أن يعيش حياة طبيعية يتزوج وينجب ويقيم بيتا وحياة مستقلة. ولكنه يصدم بالواقع ويواجه صعوبات متعددة.
يبحث الشاب عن حل فيطرق جميع الأبواب ويسلك جميع الطرق، فيلجأ إلى أهل الخبرة والمشورة، فيلتقي بالصحفي الناصري " دعاطف هلال" يسأله المشورة وسرعان ما يدرك أنه من أصحاب الشعارات وأنه شخصية انتهازية، وأنه من أصحاب المصالح وأن كتاباته وما ينادي به مجرد وسيلة للثراء والشهرة، مما جعله يفقد الثقة في الجميع، ويتهاوى أمامه المثل الأعلى والقدوة.
وسط هذه المعاناة يطل شعاع ضوء متمثل في "رجاء" تلك الفتاة التي تسلمت عملها حديثا في المصلحة التي يعمل بها، رآها لأول مرة وجها بريئا رقيقا شعر معه بإحساس لم يتعود عليه جعله ينسى رغباته الحسية ويرتبط بها ويقوم بخطبتها رغم معارضة الجميع. ولكنه يصطدم بالالتزامات المادية وأهمها الشقة التي سوف تجمعهما، وتستمر المعاناة ويواصل الشاب إصراره ، فهو لا يريد أن يسقط كما سقط صديقه الذي باع شبابه لامرأة عجوز ولا صديقه الآخر الذي سقط في هوة أخرى، حتى أخته الجامعية "نهى" ارتضت عريسا أميًا يعمل سباكا ولكن لديه كل الإمكانيات، الشقة والسيارة والمعرض وغير ذلك.
عقد "علي" القران على "رجاء" ، لكنه لم يجد المكان لممارسة حقه الطبيعي، وتنتهي القصة عند سفح الهرم عندما اصطحب الشاب زوجته وأراد أن يمارس حقه الطبيعي فوق السفح، يتعرض الشاب وزوجته لابتزاز شرطي من حراس المنطقة ويقدم له الشاب رشوة كي يتغاضى ويبتعد عنهما في مشهد عبثي مأسوي، يشهده الأجداد العظام أصحاب الحضارة وبناة الأهرام ، اختار الكاتب هذا المكان كي يقارن بين الأجداد وما أنجزوه وبين الأحفاد وما وصلوا إليه .
القصة تعبر عن أزمة أجيال متعاقبة وليس جيلا بعينه ، فمن منا ليس "علي عبد الستار" ، لقد صدرت المجموعة القصصية عام 1979، ولكن كل شاب عبر أجيال مختلفة يشعر أنه "علي عبد الستار" ، عانى معاناته وتجرع مرارة ضياع حلمه وكبت رغباته.
نجيب محفوظ في هذه القصة أكثر شبابا وحيوية، ولكن العجيب كيف للكاتب أن يعبر بهذا الصدق عن تجربة لم يعشها ؟! فهو من جيل ظروفه تختلف تماما عن ذلك الجيل والأجيال التي تلته.
|