القاهرة 30 يوليو 2024 الساعة 10:55 ص
بقلم: محمد حسن الصيفي
كان عليّ التوجه إلى إحدى المصالح الحكومية قبل أيام قليلة لإنهاء ورقة مهمة لأحد أفراد العائلة، استيقظت مبكرًا حاملاً كل همومي وهلعي من المصالح الحكومية، وقلقي وخوفي من عدم الحصول على تلك الورقة المهمة في نفس اليوم، وهو قلق منطقي وطبيعي، كنت في المصلحة في تمام الثامنة والنصف صباحًا، والطابور يمتد من أول الدنيا لآخرها، والأنماط البشرية تفوق الحصر؛ المتدين والشيخ والمنفلت والمهرج، والمثقف الهادئ، المصري والسوري، الفلسطيني والسوداني، الشعبي وساكن الكومباوند، خليط من الصعب أن تراه بهذا الشكل وهذه الكيفية وهذا التشريح خارج مصر.
جمعتني صداقة الطابور وحظي السعيد/الحزين بشاب سوري وسيم وأنيق، مهتم بهندامه ومظهره وشعره المصفف بعناية، هادئ الصوت، له عينان ذكيتان ونظرة حادة، ويحمل همًا في نبرته لا يحتاج إلى شرح، ساخط على العالم وعلى كل شيء، فاقد الأمل، أحدهم قام بالسطو على حقيبته ممنيًا نفسه بالأموال، لكن الحقيبة لم يكن بها مليمًا واحدًا بل مجموعة من المستندات والأوراق الثبوتية.
أصابتني حكايته بالحزن على الريق، لم يدخل جوفي شيئًا سوى حكاية اللص، فلذت بالصمت، لكن الأصدقاء من حولي أدخلوه في الأجواء سريعًا، فتبددت تكشيرته، ولم يعد يسأل متى ينتهي هذا الطابور، انخرط في الضحكات والحكايات، أحدهم اختبره في إفيهات الأفلام المصرية، والآخر سأله عن الأماكن الشعبية فرد باعتزاز ( لا يا حبيبي أنا ليا أصحاب في الشرابية) وضحك، انتهى الطابور وودعنا بابتسامة جميلة لا تخلو من معاناة، وتبقت لي حكاية اللص، والحكاية الأكبر (مصر) فهذا يسرقه والآخر يخفف عنه ويضحكه، وما بين هذا وذاك نفتش عن الحياة.
|