القاهرة 23 يوليو 2024 الساعة 01:26 م
بقلم: د.ماهر أحمد سليمان
"شيء من الخوف".. عندما يُذكر هذا العنوان يتبادر إلى الذهن الفيلم السينمائي وليس الرواية الأدبية التي قام عليها هذا العمل، فالرواية التي كتبها الأديب ثروت أباظة لم تحظ بهذه الشهرة الواسعة إلا بعد ظهور العمل السينمائي، فمن يقرأ الرواية لا يتخيل أن تصل المعالجة لهذا المستوى، بل ربما لم يتخيل ذلك صاحب الرواية الأدبية ثروت أباظة نفسه.
فالعمل السينمائي قد حلق في آفاق أوسع وبرزت فيه خطوط إبداعية مذهلة، ووظفت الإسقاطات السياسية توظيفا ذكيا مبهرا.
ظهر العمل السينمائي "شيء من الخوف" في عام 1969 وأحدث زخما وصدى وجدلا واسعا في الأوساط الفنية والسياسية.
تتناول القصة فكرة الخوف وكيف تسيطر على الفرد وعلى المجموع، فالقصة تدور أحداثها في قرية قد استسلمت للخوف وخضعت خضوعا تاما لسلطة عتريس وإرهابه وجبروته، وقد ورث عتريس هذه السلطة عن جده.
ثم نجد جدار الخوف يبدأ في التصدع بخروج صوت يتمرد على هذا الخوف وهو فؤادة والشيخ إبراهيم لينتهي الأمر إلى خروج القرية عن صمتها وتغلبها على خوفها وتمردها على عتريس.
مخرج العمل حسين كمال مخرج متمكن من أدواته وأجاد في اختيار فريق العمل وكأنك لا تتخيل أشخاصا آخرين في هذه الأدوار ، وجاء الحوار النادر العبقري لعبد الرحمن الأبنودي يحمل هذا الكم المبدع من الإسقاطات السياسية، ليكون درة مسيرة الأبنودي الإبداعية.
وجاءت الموسيقى للمبدع بليغ حمدي لنجد الموسيقى للمرة الأولى بطلا أساسيا في عمل سينمائي مصري وجزءًا أصيلا من العمل وكأنه سيمفونية متناغمة.
لقد توافرت لهذا العمل عوامل عدة جعلت منه أيقونة نادرة في تاريخ السينما وضمن قائمة أفضل مئة فيلم، فجاء و كأنه ملحمة تراجيدية، خاصة في مشهد النهاية الملحمي الذي يعد من أفضل النهايات في السينما المصرية.
وربما من المرات النادرة أو المرة الوحيدة التي نجد فيها عملا سينمائيا مأخوذا عن عمل أدبي يتجاوز النص الأصلي و يفوقه إبداعًا وشهرة.
|