القاهرة 23 يوليو 2024 الساعة 10:27 ص
بقلم: د. حسين عبد البصير
تعد الوشوم في مصر القديمة ذات تاريخ طويل ومعقد، وكانت لها استخدامات متعددة ودلالات متنوعة. وكانت تُستخدم كجزء من الطقوس الدينية والروحية، كما كانت تعتبر وسيلة للتواصل مع الآلهة والحماية من الأرواح الشريرة. وكان بعض الوشوم يعبر عن انتماء الشخص لإله معين أو يمثل قوة الحماية الإلهية له أو لها.
وجدنا بعض الأدلة على أن الوشوم كانت تُستخدم كعلاج لبعض الأمراض أو كوسيلة للتخفيف من الآلام. وكانت الوشوم توضع أحيانًا على أجزاء معينة من الجسم لتخفيف الآلام أو لعلاج أمراض معينة. وكانت الوشوم أيضًا تعتبر وسيلة للتجميل والزينة. وكانت النساء، خصوصًا، يزينّ أجسادهن بالوشوم لتعزيز جمالهن وجاذبيتهن. وكان بعض الوشوم يعبر عن هوية الشخص الاجتماعية أو وظيفته. فعلى سبيل المثال، كان بعض الوشوم يُستخدم لتمييز العبيد أو المحاربين. وتم العثور على وشوم على مومياوات مصرية قديمة، مما يعطينا فكرة عن الأنماط والأساليب التي كانت تُستخدم في تلك الفترة. فعلى سبيل المثال، عثرنا على واحدة من أقدم المومياوات الموشومة هي مومياء "آمونيت"، التي تعود إلى حوالي 2000 قبل الميلاد.
أما تصاميم الوشوم فقد كانت متنوعة وتمثل رموزًا دينية، وحيوانات، وأشكالاً هندسية. وكانت تتميز بالدقة والتفاصيل الدقيقة، مما يوضح لنا المهارة العالية للحرفيين المصريين القدماء. وكانت التصاميم تُستخدم في الوشوم في مصر القديمة غنية ومتنوعة، ومثال على ذلك الرموز الدينية مثل عين حورس التي رمزًا للحماية والصحة والقوة، وعلامة "العنخ" أو الحياة التي كانت رمزًا للحياة الأبدية، وصورة الإلهة باستت التي كانت تُستخدم صورتها أحيانًا في الوشوم للحماية والبركة. وكان منها على هيئة الأشكال الحيوانية مثل الثعابين التي كانت تُستخدم كرمز للحماية والتجدد، والقطط التي ارتبطت بالإلهة باستت، وكانت تمثل الحماية والمنزل، والجعران، والذي كان يُستخدم كرمز للبعث والحياة الأبدية. وكان منها على هيئة الأشكال الهندسية مثل الخطوط المتوازية، وكانت تُستخدم في التصاميم الزخرفية، والدوائر والأقواس، والتي كانت تُستخدم في الزخرفة وتزيين الجسم، والأهرامات الصغيرة، التي كانت رمزًا للقوة والاستقرار.
ولما كانت الوشوم المصرية القديمة تتميز بالدقة والتفاصيل الدقيقة، فإن هذا يبرز تلك المهارة الفائقة التي تمتع بها الفنانون والحرفيون في مصر القديمة الذين كانوا يقومون بعملها بكل احترافية. وكانت الأدوات المستخدمة في عمل الوشوم تشمل أدوات حادة من العظم أو الحجر، والتي كانت تُستخدم لإحداث ثقوب صغيرة في الجلد، ومن ثم يتم إدخال الحبر، الناتج عن حرق المواد العضوية مثل الخشب أو الزيت أو الفحم، أو الأصباغ النباتية.
خلاصة القول إن كان بعض الوشوم كان يُستخدم للإشارة إلى الانتماء إلى طبقة اجتماعية معينة أو مهنة محددة. وكانت الوشوم تُستخدم كثيرًا كجزء من الطقوس الدينية والشعائر، مما كان يعكس الاعتقاد في الحماية الإلهية والقوى ال في روحية في مصر القديمة. ولم تكن الوشوم في مصر القديمة مجرد زينة، بل كانت تحمل معاني ودلالات عميقة تعكس الثقافة والعقائد والممارسات الاجتماعية والدينية للمجتمع المصري القديم. وهكذا لعبت الوشوم في مصر القديمة دورًا مهمًا الحياة اليومية والدينية والاجتماعية، وكانت تعبر عن مجموعة واسعة من المعاني والأغراض.
|