القاهرة 07 يوليو 2024 الساعة 02:10 م
كتبت: نهاد إسماعيل المدني
يقدم مسرح مركز الهناجر للفنون، بدار الأوبرا المصرية، العرض المسرحي «نساء بلا غد»، من تأليف الكاتب والمخرج العراقي جواد الأسدي، وإعداد وإخراج نور غانم.
يناقش العرض قضية مهمة (اللجوء بسبب الحروب) وتتجسد الفكرة بسفر ثلاث سوريات إلى ألمانيا، وينتظرن الحصول على حق اللجوء، وتبدأ الأحداث فى غرفة التحقيق، وتكشف اللاجئات الثلاث بعض المعلومات عنهن أمام المحقق وتتداخل الأحداث وتتتابع وتنشأ الصراعات داخل الملجأ، لتتضح العلاقات بينهن وما يسودها من توتر، خاصة بين مريم وأديل نتيجة اختلاف أفكارهما وطريقة حياتهما، مما جعلهن فى صدام دائم يصل إلى ذروته عندما تهاجم مريم أديل، وتدخل فاطمة بينهما، ليبرز المشهد إسقاطًا على الوضع في سوريا.
"نساء بلا غد" تمثيل نهال الرملي، بسمة ماهر، لونا أبو درهمين، ديكور أحمد جمال الجيمي، إضاءة أبو بكر الشريف، عروض مناضل عنتر، أزياء رحمة عمر، مكياج خلود محمود، مونتاج يوسف أبودان، موسيقى مصطفى منصور، فيديو مابينغ لمحمد ال. بدري، مساعد المخرج فادي رؤوف، محمود علاء، المدير التنفيذي محمد جلال، إخرج نور غانم.
والعرض من إنتاج مركز الهناجر للفنون، وسبق عرضه في المعهد العالي للفنون المسرحية وعدة مهرجانات أخرى.
وبعد العرض التقت مصر المحروسة بالمخرجة نور غانم وكان لنا معها هذا الحوار:
*حدثيني عن نفسك وعن تجاربك المسرحية؟
*نور غانم حاصلة على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع. بدأ شغفي بالمسرح في إطار حبي للتمثيل، فحلمي كان أن أكون ممثلة، وبدأت أولى خطواتي كممثلة بالمسرح الجامعي، ثم التحقت بقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية بمصر، وتجربتي الأولى كمخرجة كانت مصادفة، فقد كان لدي نص أعددته للمشاركة بمهرجان المسرحيات القصيرة بدولة الإمارات وكنت أريد تجسيد دور به كممثلة، ولكن كان من الشروط أن من يقدم النص لا بد أن يخرجه، وتحول حلمي بأن أمثل بالعرض بعد أن أعددته إلى مسار آخر وهو تمثيل وإخراج العرض معا، وكان العرض عبارة عن كولاج من المشهد الأخير لمأساة صمويل بيكت وعرض اسمه الطوفان وكانت تجربة جديدة أفصحت عن قدراتي الإخراجية، وحصد العرض جائزة أحسن إخراج ونال إعجاب الجميع وتبعتها تجربة أخرى وهي مسرحية تخريف ثنائي وتوالت التجارب بين كوني ممثلة ومخرجة. لعبت عدة أدوار في مسرحيات في مصر والإمارات وسوريا.
وقدمت عروضًا أخرى من إخراجي وهي: الانتهاك المزدوج، والأقوى، ونساء بلا غد، وحصلت على جائزة المخرج الصاعد في مهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب. وجائزة أفضل إخراج في مسرح المرأة ومهرجان الإبداع. ولكن لا زال عشقي الأول والأخير هو التمثيل وعرض نساء بلا غد قدمته من قبل ولكن طورته وقدم بشكل مختلف على مدار سنوات.
*حدثيني عن تجربتك الإخراجية لهذا العرض؟
ومدى الاختلاف بينه وبين النص الأصلي لجواد الأسدي؟
النص يمسني بشكل شخصي وارتبطت به كثيرا لأنه واقع عشناه بشكل أو بآخر، مع اختلاف الأوضاع، فنحن وطن واحد عاش كل منا تجربة الحرب المريرة فيه، فكل منا له أصدقاء وأهل وأقارب، خاضوا الصراع عن قرب، لذا أتمسك بتقديم العرض ليراه عدد كبير من الجمهور.
يروي العرض ثلاث قصص مأساوية لثلاثة نساء سوريات محملات بثقافات مختلفة إحداهن متدينة والأخرى متحررة وبسيطة ومحبة للحياة والثالثة ممثلة ومثقفة ومن عائلة يسارية فتنشأ بينهن علاقة وتدور نقاشات فكرية وحالات من البوح عن حياتهم الخاصة. كان التحقيق والبوح مقسم إلى ثلاث مراحل في أول العرض والمنتصف وفي النهاية لأبرز الدمار النفسي نتاح الحرب أولا والمصاعب التي تبعتهم عندما نجحن في اللجوء إلى ألمانيا، وأمانيهم بغد أفضل، وانكساراتهم حين سقطت أحلامهم في هاوية إذ تعرضن لمضايقات أكثر، سواء من خلال التحقيقات التي تجريها السلطات، أو نتاج للتشوهات النفسية التي أصابتهن قبل النزوح من سوريا، لنجد أن العلاقة بينهن، محملة بالصراع والتوتر. ليتكشف عبر توهج الأحداث الصراع الداخلي الأكثر تأثيرا عليهن فالحرب الحقيقية لكل منهن كانت مع الذات، والموت الحقيقي تجسد في ضياع أحلامهن وتحطم آمالهن التي أردن تحقيقها في أثناء الهجرة إلى ألمانيا.
كنت أسعى إلى صياغة رؤية تخص الواقع السوري، وتبرز معاناة نسائه. وتشكيل صورة حقيقية وحية عنها انشغلت بالأداء التمثيلي الذي يميل إلى العمق داخل الشخصيات، وأضفت بعض تفاصيل وحذفت أخرى، وانشغلت برسم أحداث العرض بطريقة منظمة ومرسومة بعناية، في المكانين اللذين تدور فيهما الأحداث، وهما الملجأ المشترك الذي يقيم فيه اللاجئات، والمكتب الذي جرت فيه التحقيقات للسلطات الأمنية.
ليحدث دمج بين الأحداث في سوريا والتعرف على المآسي والمشكلات التي تتعرض لها المرأة السورية والعربية بسبب الصراعات والحروب، واللجوء وتبعاته وكل هذا يجتمع في صرخة تطلقها
كل منهن في سرد لمعانتهن.
* ما هي الرسالة التي تحرصين على وصولها للجمهور؟
الرسالة الأساسية للعرض أن الحرب شوهت الثقافة والفن والدين والفكر ومايشمله من حرية وبساطة وحب للحياة، فالحرب تنهي الكثير وكلنا أصبحنا داخل الدائرة سوريا والعراق واليمن وفلسطين، وعلى الرغم من كل ذلك نسعى بكل جهدنا للدفاع عن قضيتنا وحقنا في الحياة.
*ما الفكرة التي يشغلك تنفيذها عن قريب في عرض مسرحي؟
حاليا يشغلني فكرة الاستهلاك؛ استهلاك العواطف والاستهلاك المادي والتكنولوجي الذي باعد بيننا وبين أرواحنا وحقيقتنا الإنسانية، فالمجتمع الرأس مالي يضغط علينا بقوة لننجذب إلى احتياجات لا تعني لنا شيئًا، ولكن لو توقفنا وفكرنا لن نجد في ذلك السعادة الحقيقية.
|