القاهرة 02 يوليو 2024 الساعة 01:35 م
بقلم: كاردر ستاوت Carder Stout الولايات المتحدة
إعداد وترجمة: د. فايزة حلمي
نحن نعيش في عصر الإدمان، إنه وقت الرغبة الجامحة والاستهلاك المفرط غيْر المحدود، يبدو أن المدمنين بكل مكان، ربما يكون الإدمان قد تسلل إلى عائلتنا المباشرة والدائرة المُقرّبة للأصدقاء أيضًا، هذا هو الإدمان الذي نتحدث عنه على مائدة العشاء ونهمس في ساحة المدرسة، إنه النوع الصريح والمُحدّد، بينما هؤلاء هم الأشخاص الذين وصفهم المجتمع بأنهم مدمنون حقيقيون، فإننا غالبًا ما نغفل حقيقة بسيطة؛ وهي أننا قد نكون نحن أيضا مدمنين.
أقام صديق مقرب لي مؤخرًا؛ حفلة عيد ميلاد لابنته البالغة من العمر 16 عامًا، كان هناك اثنا عشر من المراهقين يجلسون بجانب المسبح، وكانوا جميعًا على هواتفهم. كانوا في الواقع يراسلون بعضهم البعض بدلاً من التحدث، كان المشهد صامتًا تمامًا حتى وصلت الكعكة وبدأوا في الغناء، سرعان ما أصبح الآن مثل هذا السلوك هو القاعدة.
هناك أيضًا زيادة في الاهتمام المُركّز على تحسين مظهرنا الجسدي، يبدو أننا لم نعد نريد قبول عملية التقدّم بالعمر، أن نُصبح في شيخوخة لم يَعد رائعًا، والخطوط على وجوهنا هي العدو الظاهر، أتعرف الشخص الذي أتحدث عنه، التجاعيد الصغيرة فوق جبينك؛ يحدق فيك بلا توقّف؛ ويبدو أنها تنتشر كل يوم، لا يمكنك النظر إلى المرآة دون رؤيتها، أنت الآن منخرط في دائرة من التفكير القهري، أن تبعدها وتدفعها بعيدا وتمسحها لكنها موجودة لتبقى، أنت تدرك أن جرعة صغيرة من مادة البوتوكس ستجعلها تختفي تمامًا، هنا يكمن الفعل القهري، بعد بضعة أشهر تكرر الدورة نفسها، نعم ، هذا إدمان.
لقد أصبحت معتمدًا على جرعة البوتكس لتجعلك تشعر بتحسن، بدونها تشعر بعدم الأمان وتضيع ثقتك بنفسك، تتخيل أن النجاح يتوقف على نعومة جبهتك، هذه أمور خاصة يتم قبولها بشكل عام، يدعّم المجتمع فكرة أن المظهر الأصغر أمر حيوي بغض النظر عن كيفية تحقيقه، لذلك؛ يتم التخلص من الإدمان من أجل الحفاظ على الطلب الاجتماعي الأكثر انتشارًا.
"لا يوجد شيء يمكنك القيام به لوقف الانهيار، سواء كنت في إعادة تأهيل أو تتعامل بهدوء مع مشاكلك في المنزل، لا يوجد سوى حل حقيقي واحد، اعترف بوجودها واعرض صداقتك ".
خلال العقد الماضي كنت معالجًا في بعضٍ مِن أشهر مراكز العلاج في العالم، لقد عملت مع الإدمان على المخدرات وموسيقى الروك أند رول، لقد عالجت الإدمان على الإباحية ومدمني الحب والعلاقات والأزواج المدمنين على الخيانة، لقد عملت مع الإدمان التكنولوجي، ومدمني وسائل التواصل الاجتماعي، وزوجات مدمنات على عملهن، لقد ساعدت مدمني القمار ومدمني الكحول والمرضى الذين يعانون من الإدمان على الطعام.
بغض النظر عن نوع الإدمان، الطاقة هي نفسها، تشع من المصدر النموذجي نفسه الذي يتبع نمطًا مميزًا من التفكير الوسواسي مُصاحَبا بالسلوك القهري، حاول العديد من هؤلاء المدمنين تجاهل هذه الطاقة والحفاظ على حياتهم غير المتوازنة سرًا، ازدهرت الطاقة، لكنهم لم يحاولوا قط فَهْم أصولها، كان هذا سقوطهم.
حتى يتم الاعتراف به؛ سيستمر الإدمان في اكتساب القوة، لا يوجد شيء يمكنك القيام به لوقف الانهيار، سواء كنت في إعادة تأهيل أو تتعامل بهدوء مع مشاكلك في المنزل، لا يوجد سوى حل حقيقي واحد، اعترف بوجوده وقدم صداقتك، هذا هو فعل حسن النية والقبول، قد يبدو هذا غير بديهي، كيف يمكننا أن نصادق شيئًا مدمرًا وأنانيًا؟ لماذا يجب أن نتعامل معه بإجلال واحترام؟ الجواب أساسي ومطلوب تمامًا لفهمنا للطبيعة البشرية.
إن الأشياء التي نحتقرها ونستاء منها هي التي تستنزف قوتنا وقدرتنا على العمل، بدلاً من ذلك، فإن اللطف والرحمة هي التي لديها القدرة على تفريق الطاقة السلبية، يجب أن نتعلم كيف نقترب من أنفسنا بطريقة غير مُدينة.
الإدمان هو جزء من كل منا، ولذلك يجب احتضانه كواحدة من صفاتنا العديدة، عندما نبدأ في حب تلك الجوانب من أنفسنا التي تبدو غير جذابة وغير مرغوب فيها؛ عندها يمكننا البدء في الشفاء، إنها طاقة المحبة التي تشفي كل الجروح وتُصلِح كل الأشياء التي تحطمت.
أنا أشجعك على تسمية إدمانك، تخيل كيف يبدو، ادعوه لتناول القهوة والمحادثة، ستندهش من أن القليل من الاعتراف والاهتمام الإيجابي سيُبدّل علاقتك به، سوف يستسلم إدمانك ولن يسيطر عليك فيما بَعد، سوف يصبح إدمانك حليفك، وسيتم استعادة السلام في نفسك.
|