القاهرة 11 يونيو 2024 الساعة 10:35 ص
كتب: صلاح صيام
"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا»، ما زلنا مع أحد أبطال مصر، مهندس وحدات الكبارى بسلاح المهندسين، وقائدها فى حرب أكتوبر 1973، ونائب مدير السلاح، أعطى لمعركة العبور كل حياته، وعبر مع جنوده من الهزيمة إلى النصر، وكانت قصة حياته واستشهاده رمزًا لنضال شعب عظيم، وقادة أعظم.
لقب بـ«اليد النقية» نظرًا لتعامله مع آلاف العمليات لتفكيك الألغام دون أن يفشل فى عملية واحدة، كما أنه مهندس العبور الذى أنشأ الكبارى التى مر عليها الجيش المصرى من غرب القناة إلى شرقها، وصاحب فكرة إقامة نقاط للمراقبة على أبراج حديدية على الشاطئ الغربى للقناة بين الأشجار لمراقبة تحركات العدو.
يوم استشهاده.. تم اختياره ليكون عيدًا للمهندسين.. كما أطلق الرئيس الراحل أنور السادات اسمه على أهم نفق يربط سيناء بباقى المحافظات، وحصل اسمه على وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى، كما أطلق اسمه أيضًا على إحدى دفعات الكلية الحربية، وذلك نظرا لما أظهره من شجاعة فائقة فى ميادين القتال بداية من العدوان الثلاثى على مصر، وانتهاءً بيوم استشهاده فى 14 أكتوبر 1973.
ولد الشهيد أحمد حمدى فى 20 مايو عام 1929، وكان والده من رجال التعليم بمدينة المنصورة، تخرج فى كلية الهندسة جامعة القاهرة قسم الميكانيكا، وفى عام 1951 التحق بالقوات الجوية، ومنها نقل إلى سلاح المهندسين عام 1954، وحصل الشهيد على دورة القادة والأركان من أكاديمية «فرونز» العسكرية العليا بالاتحاد السوفيتى بدرجة امتياز.
روى عن الشهيد البطل العديد من القصص والروايات الحقيقية من أرض المعركة، والتى أظهرت حنكته وصلابته وإرادته القوية فى دحر العدو واستعادة أرض الفيروز من أيدى المغتصب وتنفيذ المهام الموكلة له بكل دقة وحرفية، كان أبرزها ما فعله خلال الهجوم الثلاثى على مصر عام 1956، وقتها قام الشهيد البطل بعمل فدائى كاد أن يكلفه حياته، وذلك عندما قرر منع العدو من العبور للضفة الأخرى، وقام بنفسه بتفجير كوبرى الفردان شمال مدينة الإسماعيلية بـ11كم، ومنع بذكائه العدو من المرور عليه، وأيضا كان سببا فى إبطال أكثر من 2200 لغم فى صحارى مطروح.
فى خضم حرب 1967 التى كان الجيش وقتها فى حالة يرثى لها، تلقت الوحدات كافة تعليمات بالانسحاب من سيناء، إلا أن البطل كان له رأى آخر، وقرر تنفيذ خطته بخنق العدو قبل الانسحاب الكامل من منطقة سيناء حيث كان متمركزًا هناك برفقة جنوده ومعداته، حيث قرر منع العدو من استخدام أي نقطة مياه من خلال المحطات الرئيسية، وقام بتدمير معظم خطوط المياه فى سيناء.
وعندما اتخذ الرئيس الراحل أنور السادات قرار الحرب لإعادة الأرض، كلف الشهيد أحمد حمدى عام 1971 بتشكيل وإعداد لواء كبارى كامل ليتمكن الجيش الثالث من العبور عليه وقت الحرب، بل وعمل على تطويع الكبارى السوفيتية الصنع لتكون ملائمة للظروف وسهلة الفك والتركيب خلال الهجوم.
منذ انطلاق ساعة الصفر وعبور جنودنا للضفة الشرقية من القناة، ظل الشهيد أحمد حمدى لمدة أسبوع تقريبا يشارك جنوده التفاصيل الدقيقة كافة خلال تركيب الكباري على طول الضفة، وينتقل من معبر إلى آخر طوال الليل والنهار، وفى يوم 14 أكتوبر 1973، كان يشارك فى إعادة إنشاء كوبرى لضرورة عبور قوات لها أهمية خاصة وضرورية لتطوير وتدعيم المعركة.
خلال ذلك ظهرت مجموعة من الخراطيم متجهة بفعل تيار الماء إلى أحد أجزاء الكوبرى الذي تعرّض تماسكه للخطر، ومن خلال ناقلة برمائية كانت تقف بجوار الكوبرى، قاد الشهيد العربة المائية واستطاع إنقاذ الكوبرى من الدمار رغم القصف الجوى والمدفعى المستمر.
وخلال عودته لجنوده أصيب بشظية قاتلة، ولقى ربه صائمًا ليستشهد وسط جنوده كما كان بينهم دائمًا.
|