القاهرة 04 يونيو 2024 الساعة 11:12 ص
كتب: محمد العلي ـ عمان
إن التراث الحضاري لأي أمة يمثل جزءا مهمًا من هويتها الثقافية، لذا يسعى الباحثون إلى رصد الملامح الديموغرافية للقرى والمدن، بهدف الكشف عن جزء من الهوية الثقافية للأمة. وقد انشغل الباحث العماني محمود بن خليفة بن سالم البيماني برصد توثيق ملامح التراث الثقافي والاجتماعي في الحارات التراثية العمانية في كتابه "محلَّة الخضراء.. ولاية بهلا"، حيث ألقى الضوء على أحوال الحارات العُمانية القديمة في عمومِ عُمانَ، والتي تنفرد بتراثٍ حضاري عريق، يزخر بثقافةٍ وتاريخٍ وموروثات متأصِّلة، تبيِّن مدى علاقة الإنسان ببيئته ومجتمعه ووطنه، ويحتفي أيما احتفاء بالمفردات البشرية التي أسهمت إسهامًا محوريًّا في الحفاظ على الموروث والثقافة على مر العصور.
كما حاول الباحث أن يفصل القول في دور المحور البشري، استكمالًا لحديثه في الجزء الأول من كتاب الحارة العمانية -والذي ركَّز على المكان (الحارة والمحلَّة)، والسلوك (العادات والتقاليد)- متناولًا عددًا من الشخصيات والأعلام من مجلَّة الخضراء بولاية بهلا، وهم الشعراء والفقهاء والقضاة وأصحاب المراجع العلمية والتاريخية، مع ذكر نموذج التعليم في مدرسة القرآن الكريم.
ويقول البيماني في مقدمة كتابه: «وهذا الجزء من الحارة العُمانية يتطرَّق إلى الجانب البشري في فتراتِه القريبة، نهايةِ القرنِ التاسع عشر والقرنينِ العشرين والحادي والعشرين، مع وجود شخصياتٍ خارجَ هذه الفترة، ليُبرز زاويةً مهمة عزفَ عن توثيقها الجيلُ الجديد بسبب مشاغل الحياة وملهياتها، فما كان منَّا إلا الشروع والانطلاق في التوثيق والسرد لهذا الإرث العظيم، قبلَ أن يغيِّب الموت مَن بقي من كبار السن الذين يحملونه».
ويضيف البيماني: «هذا الجزء من الكتاب لا يمثِّل كلَّ الشخصيَّات الواجب ذكرها، وإنما كانت على أساس توافر المعلومات لدى الباحث، آملًا من العليِّ القدير في الطبعات القادمة تحديثَ المعلومات عمَّن هم في هذه الطبعة، وإضافة شخصيَّاتٍ أخرى، كما أودُّ أن أشير إلى أن هناك مجموعةً من الشخصيَّات ما زالت على قيد الحياة، لها من العلم الحظُّ الأوفر والمكانةُ العلميَّة والأدبيَّة العالية والإصداراتُ العديدة، قد اعتذرت عن إضافة أسمائها في هذا الإصدار تواضعًا منهم في هذا الشأن».
ويتابع البيماني: «حارة الخضراء هي بالتحديد المنطقة التي يحيط بها سورُ الحارة، وبها منازل ساكنيها، وقد تعارف الأهالي على ذلك الموقع بمصطلح "الحارة"، إلا أنهم في الوقت الحالي غادروها ولم يبقَ فيها إلا القليل من السكان، وذلك بسبب التوسُّعِ العمراني وتطورِ أساليب الحياة، وقد كانت المزارع والبساتين التابعة لهم تقع خارجَ ذلك السور، وتمتدُّ تلك المزارع والبساتين من سورِ الحارة إلى سورِ المدينة "الواحة"، الكبير من الجانب الغربي، وإلى الحارات من الجوانب الأخرى، وبعضها يقع خارجَ سور المدينة "الواحة"، ويخرج الناس من الحارة إلى مزارعهم عند ارتفاع درجة الحرارة حيث يُقيمون لهم مساكنَ مؤقَّتة من أجل جني التمور "التقييظ"، وحصاد المحصول "التصييف"».
|