القاهرة 21 مايو 2024 الساعة 11:16 ص
بقلم: محمود يسري حلمي
بعض البشر يتوهمون في أنفسهم قدرات ومواهب ليست لديهم ؛ فمنهم من يدعي أنه شاعر ؛ وهو لا يتوفر حتى على مجرد ذائقة الشعر . والطامة الكبرى حين يستسهل هؤلاء الكتابة للأطفال ظنًّا منهم أنها أداة طيعة وبسيطة ؛ يمكنهم أن يضطلعوا بها .
ومما يحزن ويؤسف له أن نجد في مجلات الأطفال نماذج شائهة تدعي أنها تنتمي إلى الشعر ، وتوصف بأنها قصائد ويوصف أصحابها بأنهم شعراء ؛ وهي نماذج عاطلة من الشعر ، ولا هي تستحق وصف القصائد و لا ينطبق على أصحابها صفة الشعراء بأي حال من الأحوال .
وإن كنت لم أعتد - ولم يكن من دأبي قط - مهاجمة أحد أو التعريض و التشهير بأي كان ؛ فأنا أرى نفسي – ويراني الآخرون – شخصًا مسالمًا .
لهذا ؛ لن أذكر هنا أسماء المجلات ، أو أدرج النصوص المدعاة ، أو الأسماء المنتسبة إلى هذه النصوص بزعم صفة الشاعر أو الشاعرة . وسأكتفي بمجرد الإلماح والتنبيه والنصح ؛ آملًا الاستجابة حتى لا أضطر إلى شن حملة شديدة الشراسة والضراوة .
وحين يتعلق الأمر بمجال الأطفال ؛ فأنا لا أقبل – بكل شراسة - أي درجة من درجات التنازل أو المجاملة ؛ فالأمر حينئذ جد خطير . نعم خطير وفي غاية الخطورة ؛ لأن ما يقدم للأطفال يحفر في وجداناتهم ويؤثر في تكوين شخصياتهم ويكبر معهم ؛ فإما ينتج شخصًا سويًّا متوازنًا ، أو تكوينًا شائهًا يمثل خطرًا على نفسه وعلى المجتمع . أولسنا مسئولين عن هؤلاء الأطفال مسئولية كاملة ؟
ويفرض السؤال نفسه فرضًا ؛ من المسئول عن حدوث هذه المهزلة ؟
ولن نجد إجابة إلا أن المسئول الأول هم السيدات و السادة رؤساء تحرير هذه المجلات !
ربما يكون المسئول عن المجلة لا يتوفر لديه القدر الكافي من المعرفة بالشعر لتمييز ما يصلح للنشر وما لا يصلح .
ألا تكفي الذائقة الشعرية لهذا التمييز ؟
ربما لا ، ولأن المعرفة بالشعر خبرة خاصة ؛ تستلزم الإلمام بأصوله ؛ فيما يتعلق بالأوزان والموسيقا الشعرية ، والخيال ، والمجاز ، وحساسية اللغة ؛ فقد لا تتوفر هذه الخبرة لدى بعض رؤساء التحرير . في هذه الحال يلزم أن يستعين بذي خبرة يستشيره فيما يجاز للنشر وما لا يصلح .
وقد يكون سبب النشر غير أن يكون المسئول لا تتوفر له خبر ة بالشعر و أصوله ، ولا قدرة لديه لتمييز الجيد والرديء منه . مهزلة أخرى إذا كان النشر مجاملة لسبب أو لآخر ، أو لمصلحة ما تنطوي عليها العلاقة الخاصة . إن من يجامل عليه أن يسدد حساب مجاملته من رصيده الخاص ، ولا ينبغي أن يجامل على حساب مصلحة الأطفال ، ويتسبب فيما ينتج من أضرار.
|