القاهرة 19 مايو 2024 الساعة 02:50 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
كتب الله لنا اللقاء مجددا، تمر أيامنا ما بين أمل في أن الغد قادم لا محالة حاملا معه رايات النص، وبين خوف من خذلان متوقع وأخبار محزنة دامية، لذا تجدنا ننتظر هذا الغد مهما طال انتظاره ومهما كانت التضحيات.
ما تزال عجلة الحرب تدور رحاها،
تدمر كل شيء، تخنق حتى الأمل الذي قد يلوح في الأفق، لكن ما يهون علينا ما نشهده من فظائع هو كونهم في معية الله وحده، هو من خلقنا وخلقهم وهو من سيخلصهم من عذاباتهم.
عزيزي عمر خورشيد،،
لأسباب لا أعلمهما تذكرت شيء خاص مررت به أثناء طفولتي البعيدة، ربما أعادني للذكرى، مشاهد التهجير من مدن القناة التي نقلتها السينما سابقا، وتناقلتها وكالات الأنباء في بث مباشر طيلة الشهور الماضية في أثناء تغطية الحرب في غزة، تذكرت أن بيتنا الذي نشأت به، كان يضم ثلاثة أسر، تم تهجيرهم من مدينة السويس الباسلة، في أعقاب العدوان الإسرائيلي وما تلاه من سنوات كفاح مسلح مستميت، هؤلاء كما قالت أمي، جاؤوا للسكن وهم لا يملكون من حطام الدنيا إلا ثيابهم فقط.!!
تم استضافتهم في بيتنا المكون من ست طوابق كل طابق به ثلاث شقق سكنية، سكن أحدهم الطابق الثالث، كانوا أفضلهم حالًا كون رب أسرتهم يعمل موظفًا في شركة بترول، أما الآخرين فكانوا بلا عمل بسبب التهجير، عمل أحدهم بالتجارة فأصبح يملك محلا لتجارة الأثاث، ومن ثم أصبحت حياته أكثر يسرًا، والأخر عمل سائقًا حتى زوّج ابنتيه من أثرياء عرب، ومن ثم تحولت حياته للأفضل، وأصبح يملك السيارة التي يعمل عليها.
تأملت حياتهم وتساءلت كيف كانت ستصبح حياتهم إذا لم يتم تهجيرهم وتركوا منازلهم عنوة؟!
لماذا لم يعودوا بعد انفراج الأزمة واستقرار الأحوال؟!
وكم منهم عاد؟ وكم منهم استقر وقرر اللاعودة؟ ماذا لو لم تقم المقاومة الشعبية بطرد العدو؟!
كيف كنا سنصبح وكيف سيكون الوضع؟!
أسئلة كثرة طرأت على ذهني بشكل مفاجئ.. مجرد التفكير بها يؤلم ويشعرني بالحيرة والتردد!
وسط كل هذا السيل من الأسئلة وجدتني أشعر بالفخر، أن هناك أبطال الظل، عاشوا وماتوا دون أن يعلم عنهم أحد، هدفهم الوحيد بالحياة كان المحافظة على الأرض واستعادتها بكرامة، مهما امتد الصراع لسنوات!
لا سيما أيام وسنوات حرب الاستنزاف التي أذاقت العدو الويلات، كنت من سعداء الحظ إذ قابلت بعض هؤلاء ممن ما زالوا بيننا.. عندما يتحدثون عن بطولاتهم ينصت الحاضرون بانبهار لما يقصون، انبهار بالجرأة والشجاعة والاستبسال الذي يتمتعون به.. يخبرونا عما فعلوا ببساطة، وكأنهم يقصون علينا قصة فيلم به العديد من الخيال والخدع السينمائية، سألته ألم ينتابك الخوف قط؟!
ليجيب ببساطة: بالطبع أخاف.
|