القاهرة 16 مايو 2024 الساعة 10:59 م
بقلم: رابعة الختام
الحياة امرأة، مقولة سمعناها مراراً وربما فقدنا البوصلة نحو الأصل الرئيس لهذه الكلمة، لكن الحقيقة الوحيدة أن الحياة بالفعل امرأة، وكما قال نابليون بونابرت أن المرأة التي تهز المهد بيدها اليمنى تهز العالم بيسراها، وقد أمسكت الكاتبة الشابة نورهان محمود بتلابيب هذه المقولة، ووضعتها حبرا سال حتى أنتج رواية فارقة بعنوان "ما حدث لكاميليا"..
حيث أصدرت مؤسسة أبجد للترجمة والطباعة والنشر في العراق، رواية الأديبة المصرية الشابة نورهان محمود راشد الأولى، والتي حملت عنوان "ما حدث لكاميليا...؟!"، لتدخل القارئ العربي حياة الأنثى في المجتمعات الشرقية، وكيف تتأثر إنسانيتها بهذا الوجود.
جميعنا نعلم أنَّ شخصية الإنسان تتشكل متأثرة بمحيطها، وحين يكون الحديث عن المرأة في المجتمعات الشرقية، نجد أن هذا المحيط يتعاطى بمعايير مختلفة مع الإنسان حينما يتم تصنيفه جندريًا (وفقا للنوع)، ومن هنا تدخلنا الروائية الشابة نورهان محمود إلى عالم الأنثى التي صاغتها الأعراف والتقاليد والبيئة المحيطة في روايتها، وهي رواية فانتازيا اجتماعية ترصد حياة البطلة "كاميليا" وما طرأ عليها متأثرة بطبيعة أسرتها.
الأم في رواية "نورهان محمود" هي المتحكمة الأولى في الأسرة، وما بين أسرة متحفظة ومجتمع مترصد تنمو الفتيات، تشكلهن بيئاتهن فتصيغ المحرمات والمباحات، وتضع القواعد، وتعدم كل مختلف حتى تصنع منهن أمهات لا يخالفن مسارًا خطه المجتمع، وينجبن فتيات لا يختلفن عنهن.
"كاميليا" بعدما أصبحت أمًا، تضع نقطة توقف عندها مسار حياتها المرسوم بعناية، وتذهب في رحلة أساسها البحث عن ذاتها، واكتشاف المحرك الأساسي لقرارتها، لكنها لم تختر البداية بمحض إرادتها، بل استيقظت يومًا لتجد كل شيء حولها يطاردها، فيساورها الخوف ليس على سلامة عقلها بقدر نظرة المجتمع لها لو فقدت عقلها، وما ستواجهه طفلتيها في مجتمع يجند النساء ضد بعضهن في النقد، فيصبح شعاره "المرأة لا تخشى إلا المرأة"!
يبدأ الصراع بين "كاميليا الفتاة" التي صاغها المجتمع، و"كاميليا الأم" التي ترفض أن تكون سيفًا جديدًا يسنه المجتمع فوق رقبة طفلتيها، بينما تنهال عليها نصائح زميلاتها في العمل ووالدتها وغيرهم.
ما بين تقريع المجتمع وتعاطف المقربين تخوض كاميليا الصراع وحدها، لتتفاجأ بمواجهة ذاتها الحقيقة وذاتها التي صاغها المجتمع والتي تعتبر المتسبب الحقيقي في ما يحدث معها.
* نورهان محمود تفتح خزائن المرأة في المجتمعات الشرقية
هل نحن كما خلقنا بفطرتنا أم أن المجتمع هو من حوّلنا لما أصبحنا عليه؟ سؤال تطرحه الرواية عن طريق شخصية شبيهة بالشخصيات النسائية الأكثر انتشارًا في مجتمعاتنا العربية.
"تستطيع كاميليا أن تقسم بأنها لم تفعل شيئا تستحق عليه ما حدث لها".. هي العبارة التي تحمل مفتاح أزمة الرواية والتوضيح المحوري لشخصية كاميليا، ونقطة الانطلاق التي انبثقت منها الأحداث.
تتناول الرواية عددًا من المشكلات أهمها ما يطرأ على النساء من تغييرات بعد الزواج والإنجاب، إلى جانب نظرة المجتمع لدور المرأة كأم وفتاة عزباء، كما تتناول الرواية الآثار الجانبية لما يزرعه الآباء والأمهات داخل أطفالهم من أفكار سلبية عن ذواتهم، فتجعلهم غير قادرين على اكتشاف حقيقتهم ومدى قوتهم.
عبر 316 صفحة، تعبر الأديبة نورهان محمود، في روايتها "ما حدث لكاميليا...؟!" الصادرة عن مؤسسة أبجد للطباعة والترجمة والنشر، عن محاولات البطلة لإعادة صياغة واقعها الذي بُني بعيدًا عن إرادتها.
|