القاهرة 15 مايو 2024 الساعة 05:19 م
بقلم: أحمد محمد صلاح
عندما حاولت أن أكتب عن موضوع هذا المقال لم أجد الكثير حول بطله، وكأن هذا الرجل قد وضع فكره سريعا ثم مضى، ولم يترك ورائه أثرا كبيرا، بالرغم من أنه أحد السبعة الكبار في الفلسفة.. خيلون الأسبرطي، ذلك الرجل الذي وضع عددا من القواعد الأساسية في مجال السياسة أو بمعني أدق في الإدارة السياسية.
هو خيلون الإسبرطي بن داماغتوس، لمع نجمه خلال القرن السادس قبل الميلاد، كتب الشعر ووصلت الأبيات المنسوبة إليه إلى أكثر من مئتي بيت، انتخب مراقبا من ضمن خمسة مراقبين علي ملوك اسبرطة خلال عامي 556 و555 قبل الميلاد.
من أهم إسهاماته في الإدارة السياسية أنه ابتدع فكرة المستشارين المرافقين للملوك أو الحكام، وكان الهدف الأساسي لهذه المرافقة هي المراقبة في البداية، ثم تطور الأمر إلى الاستشارة في المسائل المتعددة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو غيرها، وكانت الفكرة في البداية محفوفة بالمخاطر في أن يقنع الملوك بأن هناك عقلا آخر بجانب عقل الحاكم يستطيع أن يري بشكل أوسع أو بطريقة صحيحة، كما أنه أدخل عددا من التعديلات على السياسيات التي كانت متبعة في اسبرطة في ذلك الوقت.
ومن أهم مقولاته التي خلدت اسمه وجعلته ضمن السبعة الكبار "اعرف نفسك"، هذه المقولة التي ما زلنا حتى اليوم ندرسها ونفندها، ومن خلالها خرجت علينا الكثير من العلوم.
ويقول الدكتور محمد عثمان الخشت في مقال بجريدة الأهرام حول هذه المقولة: "وفى رأيى أنهم ربما يخدعون أنفسهم؛ لأن معرفة النفس معرفة حقيقية من أصعب الأمور، وإذا نظرنا إلى هذا الأمر فى إطار تطوير العقل العام سوف نجده بالغ الأهمية، لأن من المتفق عليه أنه لا يمكنك تطوير شيء دون أن تعرفه معرفة حقيقية، بل لا يمكنك أن تحمى نفسك فى مواجهة العالم دون أن تعرف نفسك وحدودك وقدراتك ونقاط ضعفك."
وقد يكون للخشت أيضا وجهة مظر معتبره في مسألة نسب المقولة لأخيلون فيقول في نفس المقال: "وقد تنبه القدماء والمحدثون من الفلاسفة والأدباء إلى ذلك، فنجد أن مقولة اعرف نفسك حكمة يونانية قديمة مسجلة فى معبد أبولو فى دلفي حسب رواية الكاتب اليونانى باوسانياس، وهى الحكمة التى تبناها سقراط وطاليس وهيراقليطس وغيرهم من الفلاسفة، واستخدمها الشعراء والكتاب والأدباء فى أعمالهم الأدبية، وتنسبها بعض التواريخ إلى خيلون الإسبرطى أحد حكماء الإغريق السبعة فى القرن السادس قبل الميلاد، وفى الحقيقة لا يوجد يقين تاريخي بشأن مصدرها الحقيقى."
ومن وجهه نظري أن خيلون الأسبرطي كان اسهامه في المجال السياسي محددا عندما اقترح فكرة وجود مستشارين للملوك والحكام، لم تكن المسألة إيجاد وظائف للبعض، بقدر ما كانت المسائل لها هدف خفي، فعندما أطلق مقولة "اعرف نفسك" كان يقصد الملوك الذين يظنون أنفسهم أذكى من البشر وأكثرهم معرفة، فكان لابد من تحجيم دور هؤلاء الحكام بوضع مقولة "أعد البحث داخلك لتعرف نفسك" ثم وضع لهم مستشارين، وهو الإسهام الأقوى الذي مازال معمولا به في كل الدنيا.
|