القاهرة 14 مايو 2024 الساعة 12:48 م
كتب: صلاح صيام
«وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» آية قرآنية كانت آخر ما قاله لزملائه، وطلب منهم قراءتها قبل أن ينطلقوا بطائراتهم لتنفيذ الضربة الجوية الأولى فى الثانية إلا ربع من ظهر يوم السادس من أكتوبر عام 1973، دون أن يعلم أنه سيكون في أول قائمة شهداء أكتوبر.
إنه الشهيد النقيب عاطف السادات، الذي ولد فى 13 مارس عام 1948 م وتخرج فى الكلية الجوية عام 1966 وقضى عامين فى الاتحاد السوفيتى تطبيقا لبرنامج تدريبى على المقاتلات الجوية ثم القاذفات المقاتلة «السوخوى».
فى عامى 1969 و1970 شارك عاطف السادات فى عمليات هجومية مصرية ضد طائرات إسرائيلية فى اتجاه سيناء، وصفه زملاؤه بأن خبرته فى حرب الاستنزاف جعلته معلما على الطائرات السوفيتية فى تلك الفترة.
وفى يوم السادس من أكتوبر طلب عاطف السادات من قائد تشكيلة الشهيد زكريا كمال أن يشارك فى الضربة الأولى بدلا من الانتظار إلى ضربة ثانية كانت تجهز لها القوات الجوية وأمام إلحاحه استجاب قائده لذلك واشتركا معا فى مهمة جسور كللت باستشهادهما بعد أن قاما بعملية قصف قوات العدو فى منطقة «أم مرجم» ثم قصف الطائرات الإسرائيلية الرابضة فى «المليز».
انطلق النقيب طيار للمرة الأولى محلقاً بطائرته التى استقلها فوق سيناء المحتلة حيث أطلق صواريخ طائرته مفجرًا رادار ومركز قيادة صواريخ «الهوك» اليهودية للدفاع الجوى المحيطة بالمطار لحرمان العدو الإسرائيلى من استخدامها ضد قواتنا الجوية طيلة فترة الحرب، وقام باقى التشكيل بضرب وتدمير مطار «المليز»، وبعد ذلك قام النقيب طيار بعمل دورتين كاملتين للتأكد من تدمير الهدف المنوط به حتى لا يترك أى فرصة لاستخدام تلك البطاريات ضد الطائرات المصرية.
وفى الدورة الثالثة وفى نفس اللحظة التى انتهى فيها من التبليغ عبر أجهزة اللاسلكى عن تمام تنفيذ مهمته، أصيبت وتحطمت طائرته بصاروخ دفاع جوى إسرائيلي، ليحظى بالشهادة فوق أرض البطولة بعد أن أسهم مع العديد من رفاقه نسور الجو المصريين فى فتح الطريق للقوات المسلحة المصرية لتبدأ هجومها الكاسح نحو استعادة سيناء ورفع العلم المصرى فوق أرضها الغالية.
بعد انتهاء الحرب بشهور قليلة استدعى السادات قائد لواء «السوخوي» فاروق أبوالنصر عليش بعد أن علم أنه كان فى الطلعة التى استشهد فيها أخوه عاطف السادات وسأله كيف مات أخوه وعندما أخبره «عليش» بما قاله عاطف له قبل دخول دشم الطائرات والإقلاع من قراءة القران وتحديدا آية (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) بكى الرئيس السادات بكاء شديدا وقال: (لقد كان ابني، لقد كان أغلى من أولادي، لقد كان أكثر من أخ لي).
وقال «عليش» عن عاطف السادات، «كان ولدا شجاعا وشهما وملتزما ولم يتكلم عن أخيه رئيس الجمهورية قط ولم يحاول استغلال سلطة أخيه أبدًا، وكان وسيم الوجه أبيض البشرة، وعلى خلق ولا يشبه أخاه الرئيس.. رحم الله الشهيد العظيم الذى لم يهرب من المعركة مستخدما سلطة أخيه الرئيس بل كان مقبلا على الشهادة ...»كم منا لو وضع فى الموقف نفسه يستطيع أن يأخد قرارا مثله ولا يستخدم سلطة أخيه أو أبيه للهروب من الموت (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) ولذلك كان لنا الانتصار.
ويقول اللواء تحسين فؤاد، قائد اللواء الجوى 203، وأحد مدرسى الطائرة «السوخوي7 «قبل حرب أكتوبر: «لقد كانت كنت مدرسا للطيار عاطف السادات وكان شابا خلوقا جدا ومحترما ووسيما جدا، وفى مرة قام عاطف السادات بعمل خطأ فى التدريبات يستحق العقوبة عليه وتم التصديق على الأمر وعوقب بالفعل فلم يتبرم ولم يستخدم سلطة أخيه فى الهروب من العقاب, فقد كان رجلا بمعنى الكلمة وبطلا حقيقيا فكان لاستشهاده قصة تؤكد الإصرار والعزيمة التى يتمتع بهما المقاتل المصرى لنيل إحدى الحسنين.
ونكمل فى المقال القادم..
|