القاهرة 08 مايو 2024 الساعة 6:50 م
بقلم: أحمد محمد صلاح
قد يختلف المؤرخين حول ترتيب وأهمية الحكماء السبعة الذين ذكرناهم آنفا، ولكنني أرى أن "سولون الأثيني" له أهمية حقيقية في الحياة الفلسفية وأيضا باعتباره أولهم، ويرجع ذلك إلى طبيعة نشأته، فقد ولد سولون لعائلة نبيلة في مدينة أثينا، واشتهر في بدايته كشاعر، وألف عدد من القصائد الحماسية التي كان لها دورا كبيرا في حث الأثينيين علي استراد جزيرة سلاميس المحتلة لفترة طويلة، عاش سولون في الفترة بين 640 ـ 560 قبل الميلاد ، وفي عام 594 ق.م انتخب رئيسا لقضاة أثينا.
كانت الطبقة الأرستقراطية من المزارعين والتجار في أثينا في ذلك الوقت هي المتحكمة في النشاط التجاري والاقتصادي، مما أدى لتفاقم أحوال الفقراء من سئ الي أسوأ، وكانت تلك الطبقة تضم في ثناياها النبلاء والنخبة والطبقات العليا ويتصرفون في كل أمور الدولة، حتى سن القوانين التي تتوافق مع مصالحهم.
ومن هنا تأتي أهمية سولون في التاريخ الفلسفي والقانوني، حيث يعتبر سولون مؤسس الديمقراطية، بعد أن قرر أن يحارب كل ذلك الجور علي الطبقة الفقيرة، فوضع حدا للقانون الذي يقضي بأن المدين الذي لا يستطيع سداد دينه يصبح عبدا رقيق لمن هو مدين له، كما أعاد تنظيم دستور أثينا بقسمة السكان إلى أربع طبقات، وحدد في ذلك الدستور حقوق كل طبقة وواجباتها وحدودها أيضا، كما أسس النظام السياسي للدولة على أساس الانتخاب للجمعية التشريعية، وكانت هذه أول أسس الديمقراطية التي استقى منها العالم هذه المزية الجديدة.
كانت البداية مع سولون في محاولات إلغاء نظام الرق في أثينا، هي بداية المحاولات الإصلاحية السياسية والإدارية بأثينا، تبعها مجلس الأعيان والذي يضم كل من تجاوز سن الثلاثين، وهذا الأخير مختص بتصريف شئون الدولة ومن ثم يقوم برفعها إلى مجلس الولاة لدراستها، نوع مهم من التدرج التشريعي والاداري، وقد أخذت العديد من الدول والممالك هذا النظام بعد تطويره لتحوله إلى منظومة ودولاب عمل إداري، كان نظام سولون يتيح لكافة الشعب الأثيني أن يشارك في حكم بلاده، وتعد بداية لنظام ديمقراطي حقيقي، بالرغم من أنه كان في وقته يصلح للتطبيق بسبب عدد سكان أثينا القليل بالمقارنة بما لو حاولنا تطبيقه الآن على أي دولة حتى ولو كانت صغيرة.
وقسم "سولون" المواطنين إلى أربع طبقات، وكان التقسيم يتم وفقا للدخل، ويسمح لكل المواطنين أن ينتموا إلى طبقة من الطبقات الأربع، كذلك أن ينضموا إلى الجمعية التشريعية والتي تتكون من 400 فرد، مهمتهم ممارسة السلطات السياسية في الأريوباغوس (المجلس القضائي)، ولكنه أبقى على تولي منصب الأرخون (الزعيم) إلى الطبقات العليا.
كانت إصلاحات "سولون" في وقتها خطوة رائعة نحو النظام الديمقراطي، ولكن احلامه لم تتحقق بالكامل، فيقول المؤرخون أن "سولون" بعدما انتهى من تلك الإصلاحات قرر أن يترك أثينا لمدة عشر سنوات ثم يعود إليها مرة أخرى لكي يري كيف أثمر نظامه الذي وضعه، وبالفعل عاد سولون بعد عشر سنوات ليجد أثينا تطحن تحت نير الحرب الأهلية.
وقد ترك سولون عددا من الوصايا منها:
- ثق بالخصال الحسنة أكثر من الوعود.
- لا تكذب.
- لا تتجعل في مصادقة الأشخاص، ولا تتعجل في هجرهم.
- يجب أن تتعلم كيف تطيع لتتعلم كيف تقود.
- صداقة الجاهل هم.
- الثروة تولد الشبع والشبع يولد الإفراط.
- لا تتهاون مع مرتكبي السوء.
|