القاهرة 01 مايو 2024 الساعة 11:25 ص
بقلم: أحمد محمد صلاح
لم ننته بعد من دراسة المدارس الفلسفية، ولكن لابد من وقفة صغيرة، فالمدارس تتداخل مع أسماء مهمة في تاريخ الفلسفة، وقد نضطر للإشارة إلى مدارس فلسفية في خضم الحديث عن نظريات أو أشخاص، فالفلسفة علم ضخم، يكفي أن أقول أن ما أكتبه هو رؤية بحثية خاصة قد يختلف معي فيها العديد، من حيث التناول سواء الأفقي أو الرأسي لمختلف الموضوعات الفلسفية الرئيسية.
ومن نافلة القول أن نذكر أهم الأسماء التي عرفت في تاريخ الفسلفة باسم عظماء الفلاسفة السبعة، ويقول الدكتور محمد جلوب الفرحان: صحيح أن الحكماء السبعة قد تقدموا على الفلاسفة، وأسهموا في تأسيس مباحث لعبت دوراً في بلورة نمط من التفكير النظري الذي سيتطور على يد جيل أول من الفلاسفة اليونان، وسيعلن عن هويته الفلسفية المستقلة عن التفكير الإسطوري الذي مازج الكثير من أطروحات شعراء الحكماء السبعة. وصحيح جداً أن تفكير وأطروحات الحكماء السبعة قد شكلت مرحلة التحول من الفكر الإسطوري إلى نمط جديد من الفكر سيصطلح عليه بالفلسفة أو التفكير الفلسفي..
والحكماء السبعة هم:
• سولون من أثينا
• خيلون الاسبرطي
• طاليس
• بياس من برييني
• كليوبولوس من لندوس
• بيتاكوس من ميتيليني
• برياندر حاكم كورنث
ويقول الأستاذ عبد الغفار مكاوي في مقدمه مسرحيته (الحكماء السبعة): كان أفلاطون هو أول من ذكَر الحكماء السبعة وأسماءَهم في محاورته "بروتاجوارس" 343ق.م، ثم جاء مؤرخ الفلسفة اليونانية "ديوجينيس اللائرسي" حوالي سنة 220 بعد الميلاد فروَى في كنزه النفيس، وهو كتابه عن حياة الفلاسفة المشهورين وآرائهم، الكثيرَ من أخبارهم وحِكَمهم الموجزة التي تلخِّص تجربة حياتهم، وأورد أسماءهم السبعة المعروفة، وقال: إن آخرين يُضيفون إليهم «أناخارسيس»، و«ميسون»، و«فيريكيديس»، و«إبيمينيدس»، وربما زِيد عليهم اسم الطاغية «بيزيستراتوس»، وأسماء أخرى تصل بهم إلى ثلاثة وعشرين حكيمًا!
وقد ظلَّ الناس يتناقلون أنباءَهم وحكاياتِهم وكلماتهم من العصر اليوناني إلى عصر النهضة.
وكان من الطبيعي أن تتغيرَ صُورهم وأسماؤهم وتفسير الرواة لهم من عصر إلى عصر، حتى لقد وصل ذكرهم وطرَف من أخبارهم إلى الشرق، فسَجلت قصةٌ من روائع الأدب الفارسي بعضَ أقوالهم الجامعة على لسان سندباد الحكيم والوزراء السبعة، في كتاب السندباد (سندباد نامه).
كما أشار إليهم بعض فلاسفة الإسلام ومؤرِّخي الحكمة وطبقات الحكماء إشاراتٍ لا تخلو من الطرافة «كالبيروني، والشهرستاني، وابن النديم، والشهرزوري، والمبشر بن فاتك».
لم يكن هؤلاء الحكماء فلاسفة بالمعنى الدقيق للكلمة، فقد كانوا -باستثناء "طاليس" أبي الفلسفة و"صولون" الشاعر والمشرع الأثيني المعروف- رجالَ عمل وبُناة دُوَل، اشتهروا بالأمانة والصدق وقهر النفس واحترام القوانين، وكانت تجارب حياتهم بين القرن السابع والسادس قبل الميلاد التي تبَلْورت في حكمهم وكلماتهم بمثابة البذور التي نمَت بعد ذلك في أشكال فكرية حية، فأصبحت «اعرف نفسك» عند سقراط نظريةً عن ارتباط الفضيلة بالعلم والمعرفة، وتطورت «لا تُسرفْ في شيء» عند أرسطو إلى ما يسمَّى بنظرية الوسط الذهبي، وتغلغلت أفكارهم المحورية عن التزام الحد والاعتدال في روائع العقل والوجدان اليوناني في الفلسفة والشعر، وأناشيد الجوقة في المأساة.
|