القاهرة 30 ابريل 2024 الساعة 10:27 ص
بقلم: د. حسين عبد البصير
ساهمت الدراسات الحديثة بشكل كبير في فهمنا للكثير عن حياة ووفاة الملك توت عنخ آمون وفترة حكمه. ومن خلال دراسات علماء مصر الأفاضل من كل التخصصات المتعلقة بتاريخ وحياة ومومياء الملك الصغير، بما في ذلك الأشعة المقطعية التي أجريت على مومياء الملك، ألقت الأبحاث العلمية الحديثة التي قام بها علماؤنا المصريون العظام على العديد من الجوانب المختلفة من حياة الملك الشاب وسبب وفاته المبكرة ونهاية عهده وما تبع ذلك من تطورات سياسية في حكم مصر وفي البيت المالك في مصر ونهاية عصر العمارنة.
لقد اعتلى الملك الذهبي توت عنخ آمون العرش في سن التاسعة أو العاشرة تقريبًا. وحكم مصر في النصف الثاني من عصر الأسرة الثامنة عشرة، في عصر الدولة الحديثة، أو عصر الإمبراطورية المصرية العظيمة، في تاريخ مصر القديمة، منذ حوالي العام 1332إلى حوالي العام 1323 قبل ميلاد السيد المسيح عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة وأتم السلام. لقد توفي الملك الشاب في سن مبكرة، على الأرجح في حوالي سن 18 أو 19 عامًا من عمره القصير. وما يزال السبب الدقيق لوفاته محل دراسة بين العلماء. ويشير البعض من النظريات إلى أنه ربما أصابه مرض عضال، وربما قد تفاقم ذلك المرض بسبب عوامل عدة قد يكون منها مثلاً إصابته بالملاريا أو ما أصابه نتيجة بعض الاضطرابات الوراثية. وافترض البعض الآخر، بل وأكد، أنه ربما مات ضحية حادث أو حتى جريمة ما، على الرغم من عدم وجود أدلة قاطعة وقوية تؤيد ذلك على الإطلاق.
من خلال التحليل العلمي، بما في ذلك الأشعة المقطعية التي أُجريت على مومياء توت عنخ آمون، تمكن علماؤنا المصريون الأفاضل من استخلاص معلومات مهمة عن حالته الجسدية. وقدمت لنا عمليات المسح أدلة جديدة على وجود مشاكل صحية مختلفة عند الملك توت عنخ آمون، بما في ذلك وجود كسر في ساقه اليسرى، والذي قد يكون قد نتج عن إصابة أو حادث. وبالإضافة إلى ذلك، لاحظ العلماء وجود دليل على وجود اضطراب وراثي محتمل يُعرف باسم مرض كوهلر II (أي اضطراب العظام)، والذي يمكن أن يكون قد ساهم في أمراضه الجسدية.
بُذلت أيضًا جهود عدة لإعادة بناء تصور لوجه الملك توت عنخ آمون حينما كان حيًا؛ وذلك باستخدام تقنيات الطب الشرعي والتصورات الفنية بناءً على بقايا مومياء الملك. في حين أن عمليات إعادة التصور تلك وفرت رؤى جديرة بالاهتمام حول التصور النهائي لوجه الملك، غير أنها تظل تخمينية إلى حد كبير للغاية؛ نظرًا لمحدودية الأدلة المتاحة لنا.
لقد لعبت مساهمات العلماء والباحثين دورًا حاسمًا في كشف عن الكثير من أسرار فترة حكم وحياة ووفاة الملك الذهبي توت عنخ آمون وآثاره المهمة. وعلى الرغم من الألغاز التي ما تزال تحيط بحياة الملك توت عنخ آمون ووفاته، ما تزال الأبحاث والاكتشافات الأثرية مستمرة في زيادة فهمنا لتلك الشخصية الملكية المهمة والمثيرة للكثير من الأسئلة في تاريخ مصر القديمة.
|