القاهرة 07 ابريل 2024 الساعة 06:40 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
مر أجمل شهور السنة بسرعة كعادته، مر بين لوعة وخوف على الأبرياء المحاصرين داخل قطاع غزة بين شقي الرحى، مجاعة تطال الجميع بلا استثناء، و مجازر يشيب من هولها الوِلدان، وبين أمنيات ودعوات صادقة لا تنقطع، هدفها واحد ألا وهو وقف الحرب التي يشنها العدو على العزل في غزة الحزينة، لم أكن أتخيل في أسوأ كوابيسي أن تستمر الحرب على غزة لهذه الفترة التي تكاد تقارب الستة أشهر!
فاق الوضع أي تصور، وسط تجبر وعدوان غاشم ليس بغريب على هؤلاء منعدمي الإنسانية، أصحاب الأطماع الاستعمارية التوسعية.
مر شهر رمضان المبارك، وهو يأبى أن يغادرنا دون أن يأخذ معه ذكرى جميلة من أجمل ذكريات حياتنا، أخذ معه طيف كان يعيش بيينا كالحلم، غادرنا في ليلة مميزة من لياليه المقدسة، حين غيب الموت "سلمى"، تلك الفتاة المفعمة بالنشاط والحماس والطاقة واللطف، أينما وجدت حلت البهجة وعلت الوجوه البسمة، بل أنه أينما وجدت لا تتوقف الضحكات.
خطفها طائر الموت أثناء عودتها من محافظة الفيوم، ذلك المكان الأقرب لقلبها.. لسلمى مواقف كثيرة كلها جميلة، قابلتها عن طريق الصدفة، منذ ما يقارب العامين تحدثنا كثيرًا، وضحكنا أكثر، واستمرت لقاءاتنا لبعض الوقت عبر الفضاء الإلكتروني، حتى أخذتنا الدنيا وفرقت بيننا..
عندما علمت بخبر وفاتها في حادث، لا أخفي عليك أني أصبت بصدمة كبيرة تلاها حزن شديد، وتساءلت لماذا يخطف الموت أجمل من فينا؟!
لماذا ينهي حياة ويئد أحلاما ربما كانت ستصبح يومًا منبرًا أو شعاع نور لجيل بأكمله، لماذا يخطف الموت زهرة ما زالت في مقتبل العشرينات متخطيًا العجزة والمرضى و المتألمين والمعذبين حول العالم؟!
لم تكن سلمى جميلة الملامح فقط، بل جميلة الروح والطباع.
عزاءنا الوحيد أنها لحقت بمن تحب في أفضل أيام الشهر، وأجمل شهور العام، شهر رمضان المعظم.
رحيلها المفجع ذكرني بحادث رحيلك المفاجئ.. تشابهت الأقدار لحد كبير حتى طريقة الموت تتشابه.
عزيزي عمر خورشيد،،
نحتفل الأيام المقبلة بحلول عيد الفطر المبارك، أعاده الله علينا جميعًا باليمن والخير والبركات، نستقبل أيام عيد الفطر بكل الحب آملين أن تتحقق دعواتنا التي دعونا بها طيلة الشهر، نستقبله بمظاهر البهجة والحب والسعادة كالعادة..
نستقبله بذكريات الطفولة، عندما كان لفستان العيد رونق، ولرائحة الهواء طابع مميز، وللعيدية بالنقود الورقية الجديدة فرحة..
نستقبله بأصوات الصواريخ والبمب، وكحك العيد، وتكبيرات العيد المبهجة..
نستقبله هذا العام بتكبيرات ووعد الحق "نصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".
عزيزي عمر خورشيد،،
كلما مرت الأيام أدرك حقيقة أن ما مر من أيامنا قد يكون أجمل أيام عمرنا، يكفي أننا هاهنا على أرض وطننا، وسط أحبائنا ونعيش ونعمر، نثير السخط والجلبة، لأن هنا حياة، وما زالت هنا وهناك حياة، نحن وحدنا أبطال قصتها، ونحن صناع بهجتها وألمها.
كلما مر أسبوع من عمرنا أتوقف أمام أيامه، وأتفقدها يومًا يومًا، لأجد أن بها نعمًا كثيرة لا تعد ولا تحصى، يكفي أنه كلما عدنا للوراء ازداد عددنا، بعكس التقدم للأمام الذي ربما تتسع دائرة معارفنا معه، لكن بالمقابل تتناقص أعدادنا بشكل كبير!
قد تكون سنة الحياة، ولا بد أن نؤمن بحتمية حدوثها، لكنه أنا من ترغب دائمًا في تثبيت الصورة على من فيها لأطول فترة ممكنة، حتى لا يغيب أحد أبطال حياتنا عنها تحت أي مسمى، ففي النهاية هناك عنوان وحيد للقصة وهو .. "الفراق".
عزيزي عمر خورشيد
أثقلت عليك كالمعتاد ونحن في أيام احترت في وضع توصيف لها، لكن يكفي أنها آخر أيام الشهر الفضيل، وبداية أيام عيد الفطر المبارك.
أتمنى لمصر ولكل قراء رسائلنا أعيادًا سعيدة، وحياة مديدة تملؤها السعادة والفرحة والهناء والخير.
عزيزي عمر خورشيد،،
كن بخير دومًا لأكتب لك.
|