القاهرة 20 فبراير 2024 الساعة 02:02 م
بقلم: رابعة الختام
لعب الروائي الشاب عمرو دنقل بشبكة ضمائر ضمن ألاعيبه السردية في روايته "فيلا القاضي"، ما بين ضمير المتكلم والمخاطب والسارد العليم.
قدم نماذج بشرية حقيقية نراها في الحياة العامة، وشرح دوافعها الإنسانية ومجمل خيباتها المتلاحقة.
في روايته الثانية "فيلا القاضي" خدع دنقل قراءه، فهذا الأربعيني الذي كتب من قبل رواية "نادي الأربعين" وكانت رغم كونها العمل الأول رواية فارقة، هذا الروائي الشاب مخادع، ربما لم تكن تلك روايته الثانية بل كانت الثانية عشر وكتب قبلها الكثير ولكن ضلت طريقها للنشر.
فالرواية التي تقع في 190 صفحة من القطع المتوسط والصادرة عن دار نشر "إشراقة" تناقش كيفية تصاعد موجات التطرف والإرهاب وبناء الشخصيات الضعيفة والمهزوزة لسهولة تجنيدها والسيطرة عليها، وعمليات التجهيل وطمس الهويات التي مارستها الكيانات الإرهاربية المتسترة بستار الدين وهو منها برئ.
في تشابك ظل يحافظ على خطوطه العريضة ولم تضع معالمه، تحدث عمرو دنقل عن ست شخصيات مهمة في الرواية هم: سعيد القاضي (عضو البرلمان والطبيب الثري الذي لا يوقف طموحه شيئاً، زوجته المتطلعة رغم ضعف موهبتها "سامية المهدي"، الكاتب والمفكر الدكتور "رجب فودة"، الخادمة الحسناء وهي المبدعة الحقيقية التي مارست عليها مخدومتها سلطتها وضحكت عليها بكلمة زائفة إذ جعلت منها "وصيفة" لها مقابل سرقة منتوجها الأدبي، "مديحة الوراق"
"تامر البيضا" ذلك الإرهاربي المضحوك عليه، "سيد الوراق" السائق الجاهل الذي يحركه الجهل والشهوة، سواء شهوة المال أو النساء.
"سنية البيضا" المرأة اللعوب المزواجة، التي تلعب على الرجال لامتصاص فحولتهم ثم تتركهم جثثًا هامدة وكان من أكبر ضحاياها السائق والد الخادمة الصغيرة.
تطرق دنقل لتفاصيل ربما تعيد إلى الأذهان قضية الدكتور الشهيد فرج فودة الكاتب المستنير الذي ظلمه جهل التيارات المستترة خلف قناع الدين رغم عدم قراءتهم لإنتاجه الأدبي، وفي تلميحات سردية ترتقي لدرجة تصريح قدم دنقل تماس واضح بين شخصيته الروائية "رجب عودة" والحقيقية "فرج فودة"، كما قدم عدة إسقاطات سياسية على غرق السفينة "سالم إكسبريس" وأحداث سياسية كبرى.
ويحسب للأديب الشاب أنه أعاد للأذهان أحداثا ربما ما زالت طازجة في مخيلة البعض وبهتت في عقول آخرين كونها أحداثًا حقيقية عاشتها مصر في الألفية الثانية وارتبطت بمآسٍ وجرائم قتل وتصفية جسدية لخصوم سياسيين.
تدور الأحداث في فيلا الدكتور سعيد القاضي وزوجته سامية المهدي التي حاولت مرارا أن تكون كاتبة مرموقة إلا أن ضعف موهبتها منعها هذا البريق الذي تشتهيه، فقررت استغلال موهبة خادمتها الشابة وسرقة أعمالها ووضع اسمها عليها.
في سياق سردي مواز تدور في ملجأ الإيواء كثيرٌ من الأحداث الصادمة من بلطجة وقتل وعنف ووحشية، حيث تسيطر سنية البيضا المرأة المتسلطة على الأحداث وتمسك بزمام الأمور في المنطقة العشوائية النائية وتدفعها الغيرة لحرق زوجة السائق سيد الوراق وأم مديحة لتتزوج بالسائق، بينما تفوز بالفتاة كزوجة لابنها كريم.
وتتجاور فيلا سعيد القاضي مع جاره المفكر الدكتور رجب عودة الغارق في كتبه ومؤلفاته ولا يكترث بتهديد الجماعات الإرهابية له بالقتل.
يتمتع النص ببنية سردية متماسكة وتمتين للأحداث، ورسم الشخصيات ربما كان مأخوذا من نماذج حقيقية مرت في تاريخ مصر وازدحمت بعضها في الأعمال الأدبية القديمة.
جاء الإهداء شاعريًا "إلى الذين تخلفوا عن عيد الميلاد صغارا، صرتم الآن رجالا، فهل أدركتم الحقيقة".
من أجواء السرد (هزمني سريعاً، أمطرني بوابل من كلمات الغزل تكفي لأسر كتيبة كاملة من المراهقات، من الأفضل للنساء قطع آذانهن، هي مصدر كل المتاعب بعد ذلك مع الرجال، قبل انتهاء لقائنا الأول كان قد وضع بصمته الخاصة على روحي، وبعد أقل من شهرين أصبحت السيدة الأولى لفيلا الدكتور سعيد القاضي).
|