القاهرة 28 يناير 2024 الساعة 05:57 م
حاورتها: إيمان السباعي
علي حميدة.. النجم الذي اشتعل وانطفأ فجأة، لم تكن تمر بشارع حتى تجد الأغنية تنبعث من مكان ما: "لولاكي لولا لولا..".. آفة النسيان التي تصيب حارتنا دائمًا ينجو منها الكاتب، الروائي خصوصًا، الذي لا تمر الأحداث عليه مرور ذبابة ينتهي طنينها بقتلها بل يظل الصوت والطنين في أذنه وعقله.. هذا ما حدث مع الروائية السكندرية دينا علي وهذا ما جعل روايتها في صيف88 الصادرة عن دار روافد بين أيدينا الآن..
سألت دينا عن رحلتها مع الرواية فأجابتني:
بدأت فكرة كتابة رواية عن علي حميدة تومض أمامي في يوم وفاة الفنان علي حميدة 11 فبراير 2021
كان مجرد فضول شخصي حول فنان انتشر وتصدرالأرقام في التسعينيات حتى خفت صوته تدريجيًا واختفى بعدها تمامًا.
كنت أكتب الفصول تدريجيا تماشيًا مع إجابات الأسئلة التي تطرحها وأبحث وراءها فأصل إليها.
ما الوقت الذي استغرقه كتابة الرواية؟
استغرقت ثلاث سنوات في كتابتها وكنت حتى اللحظة الأخيرة أغير في الفصول والأحداث وشخصيات الرواية.
التغيير حتى اللحظة الأخيرة.. هل كان المسار الذي أرتديه لروايتك غير واضح؟
كنت لا أكتفي أبدًا.. كل يوم يظهر شخص جديد ألتقي به وكنت من خلال هذا الشخص أعرف شيئًا جديدًا تتغير بسببه رؤيتي عن البطل وتناولي له، أو خيط يوصلني لشيء يدفعني إلى أن أغير أو أحذف أو أضيف وأعيد التفكير من "أول وجديد" في ملامح الرواية.
السفر ومقابلة الناس من خلفيات وأماكن وجنسيات وفئات مختلفة: بدو، ليبيون فلسطينيون، صحفيون وموسيقيون، أشخاص عملوا في الوسط الفني وتركوه من سنين وآخرون ما زالوا يعملون فيه
في خلال مسيرة فنية وحياتية تجاوزت ثلاثين عاما.
تبدو الرواية بالنسبة لي توثيقًا لسيرة الفنان.. فهي ليست رواية عن أي شيء أو شخص آخر تستند إلى حادثة تخص حياته أو تتقاطع معها. أليس كذلك؟
لا يمكن اعتبار الرواية توثيقا ما بحذافيرها لكن بالطبع وثقت بعض المعلومات واستخدمتها في الرواية فقد لجأت إلى بحث تعددت مصادره.
بحثت في الجرائد والمجلات في أعداد الثمانينيات و التسعينيات
والخوض في موضوعات قديمة متعلقة، علي سبيل المثال، بقضية الضرائب وأعماله التجارية خارج الوسط الفني والحياة الشخصية.
رواية مثل هذه عن شخصية أثارت جدلا..ما الصعوبات التي واجهتك في أثناء كتابة الرواية؟
أعتبر المعوقات الحقيقية التي قابلتني كانت الأفكار المسبقة للأشخاص.
كتاب تكتبه فتاة عن مطرب يعطي انطباعا فوريًا أنه سطحي وتافه!
كثيرون ممن تعاملت معهم، تعاملوا مع الموضوع بسطحية شديدة وعدم اكتراث، كأنه مقال أجمع فيه معلومات منتشرة بالفعل على اليوتيوب وشبكات البحث وليس تناولا حقيقيًا للشخصية.
بل إن بعض الناس تبرعوا بإعطائي أسماء شخصيات اعتبروهم عظماء يستحقون الكتابة عنهم أكثر بدلا من مساعدتي وإعطائي معلومات.. كأن كتابا عن حياة شخص ينبغي أن يجعله عظيما.
رغم إصراري على معرفة الحقيقة إلا أن الأحكام المسبقة راسخة أكثر مما تخيلت.
لقاء أشخاص حقيقيين والبحث عن مصادر حقيقية ومعلومات.. هل هذا في رأيك يقيد خيال الروائي.. كيف كتبت رواية سيرة غيرية بخيال روائي؟
هناك عدة كتب تتناول السير الذاتية للفنانين أو الشخصيات الشهيرة.
بعضها يكون مجرد تناول لحياة الشخص وسرد لها دون وجود فكرة يدور حولها النص أو لماذا تم تناول هذه الشخصية دون غيرها.
القليل منها يبحث و ويكتب بشغف شخصي حول الشخصية وليس شرطًا أن يرغب الناس في معرفة شيء عنها.
تتفاوت نسبة الخيال والحقيقة بين تلك الكتب فبعضها كتب ترص الحقائق والأحداث "المتعارف عليها بين الناس" لأن في النهاية من الصعب تحديد ماهية الحقيقة أصلا!
والبعض الآخر يغلبه خيال أو رؤية المؤلف ويعترف بهذا أو يحتفظ به لنفسه.
من الصعب جدا تحديد الفواصل بين الخيال و الحقيقة في الرواية، الرؤية والواقع.
هي في النهاية تخضع لرؤية وصدق الكاتب، أنا سعيت إلى معرفة الحقائق، تجاوزت ثلاثين عامًا جمعت ماهو مكرر وموثق كونت داخلي نسقًا لكل شخصية، استعنت بطبيبة نفسية.
من خلال المعلومات التي جمعتها وحدسي الشخصي، حاولت قدر الإمكان أن يكون خيالي حبيس ما أعرف وأرى.
تركت لرحلتي أن تقرر ما كتبته أكان حقيقة أم امتزج بأفكاري المسبقة ورؤيتي
وكانت الرحلة ذاتها أمينه تفرز ما المزيف وتبرز ما الحقيقي أو ما هو أقرب للحقيقة.
|