القاهرة 21 يناير 2024 الساعة 01:05 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
احترت كثيرًا كيف أبدأ رسالتي هذا الأسبوع لذا اعذرني لتخبطي وحيرتي.. عندما تكون على موعد مع من تحب بصفة مستمرة ومنتظمة تكون حريصا على عدم إزعاجه، تحرص على إبهاره كل مرة أكثر من سابقتها.. هكذا أفعل معك ومع من يتابعنا من القراء الأعزاء..
دعني أخبرك بأجمل مفاجآت هذا الأسبوع، أعتبر ما سأقصه عليك أحد انتصاراتي الصغيرة التي لا تقدر بثمن.
سبق وأخبرتك أني التحقت بورشة لتعليم التمثيل والكتابة المسرحية، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، كل محاضرة أحضرها مع فريقنا الموهوب، أتعلم خلالها شيئا جديدًا، لأكتشف أنه مهما اعتقدت أني ملمة بالعلم والمعرفة إلا أنه ما زال هناك أشياء لا أعرفها، لا أخفي عليك تنتابني رغبة في الاستحواذ على كل هذه المعارف، وكل هذه المعلومات، لا أدري لماذا؟
لدي رغبة في معرفة كل شيء، لا لأتباهي بما أعرف وإنما لإرضاء نفسي أولا.. لأشعر بالرضا كون وجودي على ظهر هذا الكوكب لم يكن هباء، وإنما لقناعتي أني نلت نصيبي من كل شيء، من فضول ورضا، حب، معرفة، موهبة، صراع شجن، وحدة، تضارب، متعة، ومرح.
قابلت زميلتي التي تدرس معنا في ورشة المسرح، تصادف أن تقابلنا لبعض الوقت، فاجأتني بأنها تطلب نسخا مدفوعة الأجر من روايتي الأحدث "العازف"، أخبرتها أنها لم تطبع بعد، وأن أول وجود ورقي لها سيكون خلال أيام خلال معرض الكتاب.
تطرقنا لأمور عدة، حدثتني عن هوايتها عن كيف تقضي يومها، كيف تفعل ما تحب بحب.. ما استرعى انتباهي حقًا كونها أثنت على ما أكتب من قصاصات نثرية، ترى نفسها فيها وفق ما قالت، ترى أني قد أكون السبب في جعلها تعود للكتابة، للبوح، للقراءة، ترى أن ما أكتبه شجعها على البحث عن ذاتها المفقودة تحت رماد الأيام ومشاكل الحياة.
سعدت بما صارحتني به، لكن المفاجأة الأكبر كانت رسالة من الشخص الآخر الذي تحرص على إهدائه نسخًا من كتبي.. سيدة جميلة لن أذكر سنها، يكفي أن داخلها كل هذه المشاعر الرقيقة التي تتحدى قوانين الحياة، أخبرتها هذه الرقيقة أنها تتابع ما أكتب عن كثب، أنها ترى فيما أكتب حياة، بل أنها أوصتها أن نتحدث هاتفيًا!
أخبرتها بامتنان.. بالطبع أرغب، حتى إني أرغب في زيارتها، يكفي أن كلماتها جملت يومي وأنارت حياتي..
لهذا نكتب.. دائما أرى رفاقي يتساءلون.. ما جدوى الكتابة! أرى تساؤلاتهم وأبتسم كوني أعلم، كم يؤثر الحرف في الآخرين، ليقيني بمدى تأثير الكلمة المعجز الذي لا يستعشرونه!
عزيزي عمر خورشيد،،
من النادر أن تجد شخصا يتحدى الزمن في هذه الأيام، الجميع يستسلم للمرض، لليأس، للحزن، هناك مناضلون بينيا يناضلون بالحب، سلاحهم الحب ونشر الخير والسعادة.. كم أتمنى أن يكون هناك العديد من هؤلاء.
أرى نفسي مثلها يومًا أسافر وحدي برفقة كتبي، نباتاتي، قططي، ذكرياتي، أتنزه وحدي أو برفقة من أحب.. أخشى أن أصبح بمرور الزمن نسخة من أمي، سيدة وقورة آمنة، هادئة، تركن للبيت تتقن الطبخ ولا تغادر منزلها أبدا.. أتناقش دوما مع المحيطين بي أبثهم مخاوفي ليبثوني جنونهم الذي أحب.. يؤكدون أن الجنون حياة وأني أعقل مجنون رأوه.
عزيزي عمر خورشيد،،
كن على الموعد، لأكتب لك مجددًا.