القاهرة 16 يناير 2024 الساعة 10:27 ص
بقلم: د. حسين عبد البصير
اهتم المصريون القدماء بالتربية الجسمانية لأطفالهم. وكان هناك اهتمام كبير بالتربية الروحية والعقلية لأطفالهم. فقد كان الأطفال يتعلمون القراءة والكتابة غالبًا على أيدي والديهم قبل دخول المدرسة. وقد نشأت التربية في أول الأمر في محيط الأسرة. وكان الوالدان حريصين على دفع أبنائهما إلى التعليم، ناصحين لهم بأن يصبحوا كُتّابًا. وكانا يحثونهم على طلب المزيد من العلم. وكانا يوصيانهم بملازمة الكتب.
ومن الحكم المعروفة في مصر القديمة: "إن الكاتب دون سواه هو الذي يُدير أعمال جميع الناس، أما مَنْ يكره العلم فإن الحظ يتخلى عنه" وكانت العلاقة بين المدرس وتلميذه علاقة وطيدة للغاية. وكان المُربّي هو الأب العطوف والمسؤول الأول عن التلميذ. وكان هو الراعي الصالح له. وكانت التربية في المدارس تشمل تربية العقول إلى جانب تربية الأبدان.
وقد حرص الآباء والمعلمون على تلقين أبنائهم وتلاميذهم قواعد وآداب السلوك، وقد صيغت في أسلوب النصائح والوصايا التي كانت هي نماذج فارقة من الفضائل الخلقية. وقد حثّت تلك النصائح الأبناء والتلاميذ على التسلح بالتقوى، والخوف من الإله، والبر بالوالدين، والتسامح، والأمانة، والإخلاص، وغير ذلك من القيم الطيبة.
ومن حكم وتعاليم قدماء المصريين (للأبناء والتلاميذ)، في محيط الأسرة والمجتمع، نذكر من تعاليم الحكيم بتاح حتب ما يلي: "إن الثراء قد لا يدوم، ولكن الخُلق الحسن هو الغنى الدائم"، و"لا تَزهُ بعلمك، ولا تفتخر بنفسك، فتقول: إني أعلم"، و"إن الفضيلة التي يتحلى بها الابن لها قيمتها عند الأب، والخُلق الحسن يبقى شيئًا مذكورًا"، و"إذا وَجدتَ رجلًا يتكلم، وكان أكبر منك سنًا وأشد حكمة، فأصغِ إليه واحنِ ظهرك أمامه"، و"إن حدود الحق واضحة، والحلال بيّن والحرام بيّن". ومن نصائح موجهة إلى كاجمني، نذكر "إذا جلست للأكل مع أشخاص كثيرين، فلا تُقبل كثيرًا على الطعام حتى لو كنت تشتهيه".
ومن شكاوى الفلاح الفصيح) نذكر، "كُن ملجأ للناس، واجعل لسانك ينطق بالحق، ولا تحدِ عنه، ولا تقل قولًا زورًا"، و"يبقى الحق أبدًا، ويُصاحب من يتبعه في العالم الآخر". ومن تعاليم الحكيم آني نذكر، "ضاعف قدر الخبز الذي تُعطيه لأمك واحملها كما حملتك"، و"قدم الماء لأبيك ولأمك، وإياك أن تغفل هذا الواجب حتى يعمل ابنك مثله لك"، و"تخير الكلمة الطيبة قبل أن تنطق بها. واحبس الكلمة السيئة في جوفك"، و"لا تجلس إذا كان واقفًا مَن هو أكبر منك سنًا"، و"كُن مجتهدًا؛ لأن الذي لا يعمل لا يُساوي شيئًا"، و"لا تدخل بيت إنسان إلا بعد أن يُؤذن لك بالدخول ويقول لك صاحبه بفمه: أهلاً بِكَ".
ومن نصائح الطلاب من عصر الأسرة التاسعة عشرة، نذكر "تعلّم تَدِنْ لك الدنيا". ومن بردية من عصر الأسرة التاسعة عشرة نذكر، "اكتب بيدك واقرأ بفمك واستشر مَن هم أكثر منك علمًا".
ومن تعاليم الحكيم آمنموبي نذكر، "الإنسان يبني ويهدم بلسانه"، و"التأني قبل الكلام شيء محبب إلى الإله". ومن تعاليم الحكيم عنخ-شاشنقي نذكر، "مَن لم يجمع الحطب صيفًا، لن يجد الدفء شتاء"، و"لا تقل إني عَالِم، بل بادر وتعلّم".
|