القاهرة 14 يناير 2024 الساعة 02:23 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
كتب الله لنا اللقاء مجددا، ومر أسبوع آخر من عمر رسائلنا التي قد تصل يومًا.
بدأت رائحة الاحتفالات السنوية في الهبوب، بدأ الاحتفاء بالإصدارات الجديدة التي ستزين أرفف معرض الكتاب الدولي بالقاهرة في آخر هذا الشهر، كما اعتدنا أن يحدث كل عام.. عيدنا المنتظر والخاص جدًا، معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي سيفتح أبوابه قريبًا لنلتقي وجهًا لوجه مع نتاج أفكارنا، وعصارة ذهننا، ومشاركة مشاعرنا وأفراحنا وأمالنا، التي بالكاد تطال عنان السماء.
أشعر بفرحة كبيرة هذا العام إذ أسعدني الحظ وسيصدر لي العديد من الإصدارات المتنوعة، لعل أروعهم وأقربهم إلي هو كتابك الذي كتبته بحب وعن قناعة تامة.
أشارك في مهرجان الكتاب الثقافي هذا العام برواية رومانسية، وسلاسل للجيب لليافعين، وكتاب أراه ملهمًا للعديد، حيث يضم قصة كفاح ورحلة صعود لأمهر الفنانين، ممن اعتدنا رؤيتهم كنجوم للصف الثاني في الأعمال الدرامية المختلفة.. وختامه مسك مع كتابك أنت!
أتحفظ عن الإعلان عن تفاصيله بشكل مؤقت، ربما لأنه كلها أيام وسيتم الإفراج عن تفاصيله الكاملة، ورحلة صناعته التي أفخر بكوني العامل المؤسس وقد يكون المؤثر أيضًا!
أعتبر هذا المعرض فرصة خاصة جدًا للقاء القراء من مختلف الفئات، ممن حاولت إرضاء ذائقتهم الأدبية من خلال تغطية احتياجاتهم من الإصدارات المتنوعة، لذا كن على الموعد لأني سأكون هناك أنتظرهم بالنيابة عنك بالطبع.
عزيزي عمر خورشيد،،
وجود هذا الكم من الإصدارات يشير إلى أن لا شيء يستحيل أمام سطوة القلم وقوة الحرف!
عندما يكتب هؤلاء ينيرون الدرب للآخرين، لذا أعتبر هذه الصحوة الثقافية تحديًا للعالم بتعقيداته، للاقتصاد بموازينه المختلة، للزمان بتقلباته التي لا تنتهي.
لا شيء سيوقف مداد حروفنا، حتى ولو اختفت الخامات أو ارتفع سعرها لأضعاف مضاعفة. لا شيء سيوقف سيل أفكارنا، لا شيء سيتحكم في قدراتنا الإبداعية.
مجرد وجود كتاب بحد ذاته أمر مفرح، فكم من كتاب أثر في الآخرين، انتشلهم من دوامة الحيرة، دلهم على الطريق، ومنحهم الأمل.
الكتاب ما هو إلا فكرة، وكل أفكارنا معا تصنع المستقبل، تزيل عثرة عن الطريق، نضع أحجارًا قوية راسخة، درجات يخطوها من بعدنا من أراد أن يكمل مشوار التنوير الإبداعي.
عزيزي عمر خورشيد،،
لم تعد رحلة التنوير حكرًا على الدول الغربية وأوروبا، وإنما فاجأتنا القارة السمراء بموقف تاريخي بطولي لن يُنسى أبد الدهر.
أوقن أن من ذاق مرارة الظلم يكون أكثر الناس حساسية وشعورًا بآلام الآخرين، جنبا إلى جنب مع شجاعته، وإصراره، ونضاله لمناصرة الحق، حتى ولو كان في بئر عميقة.
ناضل الأفارقة السود حتى حصلوا على حقوقهم المسلوبة على مدار الأزمان، وها هم يناصرون أهلنا في غزة، بل إنهم حاصروا دولة الاحتلال داخل قفص الاتهام بمهنية وبراعة منقطعة النظير أمام محكمة العدل الدولية، لفوا حول أعناقهم حبالهم التي تباهوا بأنها شهدت على دق أعناق الأبرياء في قطاع غزة.
تباهوا بمجازرهم وتنكيلهم بالضعفاء، تباهوا بالإبادات الممنهجة ضد العزل والضعفاء، نشروا إنجازاتهم البربرية المقززة، لتصبح أدلة تدينهم أمام البشرية أجمعين عبر العصور، وخلال كتب التاريخ.
قام فريق قانوني من جنوب أفريقيا برفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية، يتهمون فيها دولة الكيان الصهيوني بارتكاب إبادة جماعية تضمنت مجازر وجرائم حرب، لا بد أن يعاقبوا عليها أمام المجتمع الدولي الأخرس المتواطئ بصمت بشكل مهين!
حددوا الموعد لعقد الجلسة، ووفوا بوعدهم، ليشهد العالم مرافعة تاريخية لفريق من المحامين الذين اختاروا النضال الذي لم يكن جديدًا عليهم، سبقهم نيلسون مادنيلا رمز السلام، وها هم يسيرون على الدرب نفسه.
عزيزي عمر خورشيد،
أجمل ما في هذا الشيء انه أعاد للجميع ثقته بكل شيء، أعاد لنا بوصلة الخير، وجهنا للخير مرة أخرى، بعد أن انتابنا شك من وجود عدل أو إنصاف بشكل عام، تذبذبت القناعات أمام حملات الإعدامات الممنهجة العلنية.
بتنا نظن أنه لا وجود سوى للشر، والشر المطلق فقط!
لم نر سوى ظلم تام، كالحادث مع أشقائنا في غزة، ويستمر إلى وقتنا الآن!
ما يحدث أن الله أراد أن تكون النهاية بشكل مغاير، غير معتاد!
قطعًا ستدهشنا، فنحن الآن في معركة ثبات قناعات، وليس مواقف أو حرب!
يتساءل الجميع إلى متى سيستمر الأمر على هذا النحو الظالم المأساوي؟! ما الجرم الذي اقترفه كل هؤلاء؟! إلى متى ستظل الأمور على هذا الوضع القاسي المؤلم؟!
تساؤلات لا ألوم أي أحد إذا فكر بها، فنحن بشر ومن حقنا الاعتراض والتذمر، جبلنا على الجنوح للسلم لا للحرب..
لكن إذا استدعى الأمر أن نحارب، سنحارب، ونصمد، ونساند دولتنا بالطبع.. فهذا حق الأوطان علينا، وهذا ما يفعله أخوتنا في غزة.. أنهم يتحملون بجلد وصبر الأولياء، مناصرة لقضيتهم ولمستقبل بلادهم!
عزيزي عمر خورشيد،،
ما حدث مؤخرًا أزاح الغبار عن أعيينا، منحنا الأمل، وضعنا على الطريق الصائب، وكأنه يبثنا الطمأنينة أنه آن الأوان أن تنقشع الغمة، وان تزول الأزمة، وأن نستمر بالمحافظة على بقايا ما نملك من خير، وضوء، وسلام!
وأن ندعو الله أن يديم نعمه علينا، وان يحفظ مصر آمنة من كل وأي شر.
|