القاهرة 31 ديسمبر 2023 الساعة 11:51 ص
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
أكتب لك ونحن في آخر يوم من عامنا الذي التقينا بك وبهم على مدار أسابيعه، مر عام ثان من بدء رسائلنا التي قد لا تنتهي ولا تصل أبدا، لعل هذا سر استمرارها، كونها لن تصل يومًا، رغم أنها تصل إليهم.
كل عام ومصرنا بخير وسلام، نبدأ عامنا وأول أمنياتنا وآخرها أن تتوقف الحرب، أن يتوقف النزوح، أن يعود كل شيء لما كان أو أفضل مما كان!
ما زالت عجلة الحرب تدور رحاها، تحصد الأبرياء هنا وهناك ونحن هنا في مصر عالقين بين شقي الرحى، بين غلاء وارتفاعٍ مزرٍ في الأسعار، وبين مشاركة الأخوة حروبهم ومأساتهم الإنسانية في السودان وغزة.
رغم ذلك نحاول الصمود ومد يد العون قدر المستطاع، كل يقدم ما يمكنه من مساعدات حتى ولو كانت معنوية، بمشاركة صورة توثق أو تنقل ما يحدث.
يتهمنا البعض بالتخاذل، لكني أرى العكس، مجرد مشاركة الصورة بقصتها القصيرة جدًا المرعبة هدف، للتذكرة أنه لا أحد آمن، لا أحد بمأمن من غدر الأيام والزمن.
العام الماضي شاركتنا صديقتي احتفالاتها برأس السنة من بيتها الدافئ في شمال غزة، بثت الحب والسعادة والحياة برفقة أبنائها، واليوم هي هناك في خيمة بسيطة، تنام فوق الرمال، وتشرب الماء الملوث!
تخبرني أن كل ما يؤلمها نظرات الحزن بعيون أولادها.. تود أن تنسيهم ما رأوه وما عاشوه حتى وصلوا لتلك الخيمة البسيطة التي يستعينون داخلها بقلوبهم للتدفئة خلال أيام الشتاء الكئيبة الطويلة.
عزيزي عمر خورشيد،،
علمتنا هذه السنة أن لدينا نعم لا تعد ولا تحصى، لا بد أن نسجد لله شكرًا كوننا نملكها.
علمتنا أن لدينا نعمة تدعى "وطن" يضمنا، قد يقسوا علينا، لكنه يظل وطننا، الذي كبرنا في طرقاته، وتعلمنا به، ولعبنا على أرضه، وظللتنا سماؤه.. أحاطنا بذراعيه ولم نشعر يوما أننا في العراء.
لدينا وطن نسير في طرقاته بأمان، نقيم الاحتفالات وسرادقات العزاء معا، نصلي الظهر بالمسجد وبجوارنا تدق أجراس الكنائس بأمان، نحتفل فيه بقدوم العام الجديد معًا، ونحتفل بقدوم شهر رمضان حد السواء أيضًا.
وطن ذو نسيج واحد أذهل وما زال يذهل الجميع.
عزيزي عمر خورشيد،،
تلقيت دعوة كريمة لحضور صالون ثقافي، اعتقدت لوهلة أنني بصدد حضور جلسات أدبية مطولة، جافة، عن بعض الكتاب أو الكتابات.. لا أخفي عليك أني لا أميل لحضور هذه الجلسات إلا نادرًا، خاصة إذا كانت عن كاتب أحب كتاباته وأفكاره -وهذا نادرًا-.
أرى أن حضور هذه المناقشات يندرج تحت بند التحزب، لذا أكون بمنأى عن مثل تلك المناسبات، أقول دائما: أنا لا أفعل سوى الكتابة، دعونا نكتب، وسندعكم تناقشون ما نكتب.
توقعت أن الصالون الثقافي الذي سأحضره مثل ما سبق، وحضرته، لكني وجدت شيئا مختلفًا.. إنهم يمدون يد المساعدة للموهوبين في الغناء والرسم وخلافه، ويرعون المواهب الناشئة.. هالني ما رأيت، من النادر أن يجد من يهوى هذه الأشياء نافذة لتسليط الضوء على مواهبهم المميزة، من الصعب وجود نافذة توجههم للطريق السليم، نافذة تؤكد أن لدينا أطفال نوابغ، لهم حناجر ذهبية، وأنامل سحرية.
سعدت كثيرًا بالمشاركة في هذا الحدث الثقافي الممتع، وشعرت أن هذا العام يهدينا نوع من الأمل، من الحب.
هنا تولد الأحلام.. ومن هنا ستنطلق هذه الأحلام، للتحقق.
عزيزي عمر خورشيد،،
يقال إن الحياة لا تعطي كل شيء، لكني أقول إن الحياة تعطينا كل شيء نحن فقط لا نرى ما لدينا، دائما نشعر أن هناك شيئا ناقصا، وأن هناك المزيد والمزيد!
لولا تأملنا في الحصول على هذا المزيد لما استمرت رحلة الحياة، دوما هناك هدف في آخر الطريق نسعى إليه رغم أننا نمتلك كل شيء.
لولا هذا الهدف وتفكيرنا المستمر في اجتياز هذا الطريق، ما استمرت الحياة، وما تجددت الأحلام والطموحات.
عزيزي عمر خورشيد،،
كل عام وأنت أيقونة حياتنا الدائمة، كل عام وأنت الضوء الذي يضيء حياتنا بجميل ألحانك وموسيقاك الخلابة الآسرة..
كل عام ومصر والعالم بأكمله بخير وسلام، كل عام ونحن معًا رغم كل شيء، كل عام وكلمة الحرب تختفي من قاموس حياتنا للأبد.
عزيزي عمر خورشيد،،
كن بخير، لأكتب لك.
|