القاهرة 05 ديسمبر 2023 الساعة 01:00 م
بقلم: سماح ممدوح حسن
انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو عن منطقة تم بناؤها وتجهيزها في مدينة الرياض وتدعى "بوليفارد ورلد" بالمملكة العربية السعودية، وتحتوي على كل المعالم المصرية الأثرية والحضارية، وذلك في إطار موسم الرياض الترفيهي، حيث شاهدنا بها نماذج مصغرة من الأهرامات وتمثال أبو الهول وبعض المعابد من مدينة الأقصر، حتى إنه بنى سراديب وضع بها مومياوات مستنسخة تشبه ديكورات السنيما، ليخوض الزائر فيها تجربة البحث والتنقيب عن المومياوات والآثار.
بالتأكيد أثارت هذه المقاطع العديد من الردود المتباينة من رواد هذه المواقع، إما بالسخرية وإما بالغضب من جراء هذا التزييف، أو الاستياء من إصرار المملكة على إقامة موسم الرياض الترفيهي رغم ما يحدث لإخوانهم الفلسطينيين على مرمى حجر، البشاعة التي أوجبت إلغاء معظم الفعاليات الثقافية والترفيهة في أغلب دول العالم العربي.
-
الثِقل الحضاري والمكانة الروحية والسياحة الدينية والثقافية
لكن إذا كان مقصد العربية السعودية، بعد إدراكها للقيمة الحضارية للآثار المصرية، من بناء مثل هذه النماذج للمعالم المصرية القديمة بأن تروّج للسياحة لديها وتحوّل أنظار السائح السعودي والخليجي "عامة" بإيجاد ما يرنو إليه بالسفر إلى مصر وأنه موجود في المملكة، فهذا قد يُرجعنا إلى مصر في عصر الدولة الفاطمية بالتحديد فى عهد الخليفة السادس "الحاكم بأمر الله" الذي أدرك المكانة الدينية والروحية في العالم الإسلامي للمدينة المنورة لما تحوية من ضريح النبي محمد، مقصد زوار بلاد الحجاز المسلمين، فقرر أن ينقل هذا الثِقل الروحي والديني إلى مصر ليزيد إلى مكانتها الحضارية والاقتصادية أيضًا المكانة الروحية ويحوّل قبلة الحجيج إليها، ولكن لم يكتب لهذه المحاولة الغريبة النجاح.
-
حقوق الملكية الفكرية لاستنساخ الآثار
توصل القانون المصري منذ العام 1942، الخاص بحقوق الملكية الفكرية إلى أن القانون لا يشمل فقط الإنتاج الفكري، الثقافي والفني، فقط بل هو ممتد إلى الأملاك المادية التي تمتلكها الدولة. والقانون ينص على التالي: "حق الدولة في الملكية الأدبية كحق الفرد وأنه ليس هناك ما يمنع من أن تمتلك الدولة أملاكًا أدبية كما تملك أملاكًا مادية".
ونقلاً عن وكالة "رويترز" فقد حث الباحث في مجال حقوق الملكية الفكرية المصري "ياسر عمر أمين" بلاده على وضع آليات لحفظ حقوق الملكية الفكرية الخاصة بمستنسخات الآثار الفرعونية المنتشرة في بعض الدول، وتشمل بنايات صرحية تشبه الأهرامات والمعابد الشهيرة إضافة لصنع مستنسخات لقطع أثرية بحجم صغير.
هذا بالإضافة إلى اتفاقية اليونسكو الخاصة بحماية التراث الثقافي الطبيعي الصادرة عام 1972 الموقعة عليها مصر والسعودية والتي تنص في مادتها السادسة على أن: "تتعهد الدول الموقعة على هذه الاتفاقية على ألا تتخذ متعمدة أي إجراء من شأنه إلحاق الضرر بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالتراث الثقافي والطبيعي والواقع في أقاليم الدول الأخرى الموقعة على هذه الاتفاقية"، والتي بموجبها تمتنع أي دولة من الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية عن استنساخ أو تقليد أي أثر من آثار أي دولة من الدول الأعضاء.
نفس المقاطع الآتية من السعودية هذه الأيام، سبق ووصلت إلينا في العام 2016، لكن جاءت حينها من الصين والمعروف عنها تقليدها كل منتجات الكوكب. حيث سبقت هي الأخرى وبنت نسخة للمعالم الأثرية المصرية لديها، مثل الأهرامات وأبو الهول، وحينها أثار ذلك الحدث سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من سخطهم، ففي مصر تشتهر المنتجات الصينية بعمرها القصير حيث يفسد أو يتحطم المنتج بعد عدد قليل جدًا من الاستخدام وهو ما كان يسخر منه الناس في مصر وقتها "عملوا هرم صيني". لكن لم يتوقف الأمر عند السخرية بل قامت الأجهزة المعنية بحقوق الملكية الفكرية بالاعتراض على ما فعلته الصين مما دفع الأخيرة لإضفاء بعض التغيرات على شكل التمثال.
وللسبب نفسه، إدراك قيمة المعنى الحضاري للأثر المصري القديم وسحره النابع من غموضه، أقامت مدينة لاس فيجاس بالولايات المتحدة الأمريكية فندق "الأقصر"والمصمم كنسخة من الهرم الأكبر، ويُعد ثاني أكبر فنادق المدينة. الفندق الذى يقام فيه مسابقة "America's Got Talent" كذلك سوق "مول وافى" في الإمارات المستوحى من المعابد المصرية القديمة، بني على شكل هرم وفي مدخله تمثال مستنسخ من أبوالهول.
|