القاهرة 03 ديسمبر 2023 الساعة 07:00 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
مر أسبوع أخر من رصيد حياتنا على ظهر هذا الكوكب.. بدأ شهر ديسمبر وبدأ معه الإحساس بالبرودة يزداد، وبات التدثر بالذكريات والأيام الجميلة والحنين لأجمل أيام مرت بحياتنا يلح بشدة على الجميع، رغم صعوبة الأوضاع على كافة الأصعدة.
دارت رحى الحرب مرة أخرى، مازال لنا أحبة هناك داخل القطاع، لي صديقات اعتدت أن أرى ملامحهم مشرقة كلها تفاؤل وحب ويقين بأن القادم أفضل في أسوأ الظروف.. رأيت صورًا ومقاطع فيديو لهم مؤخرًا اطلوا علينا بوجوه شاحبة، وملامح مجهدة، وقلوب تئن من الوجع والفقد، يجاهدن بصمود ويساعدن المكلومين والمحتاجين رغم كل شيء بتحد كبير.. يمدون الغير بالأمل في ظل انعدام أي شيء حتى حروف هذه الكلمة ذاتها.
لتتحرر الأوطان لابد من تضحيات كبيرة، وهذا ما نعاصره جميعًا هذه الأيام وعن قرب، خلال جميع الوسائل المتاحة .
عزيزي عمر خورشيد،،
أتصدق أنه قد قارب مرور عام على فراق أمي الحبيبة، في مثل هذه الأيام كنت أرافقها في رحلتها الأخيرة بين أروقة المستشفيات، بخوف وقلق ومحاولة إنكار أنه قد نكون في محطتها الأخيرة.
عبرت عن خوفي لأخوتي ولأصدقائي لأجد أخوتي يفكرون مثلي، أما أصدقائي فكانت مهمتم محاولة طمأنتي.. بكل الأحوال مر عام من عمرنا دون وجودها بيننا، اشتقت لحديثها، لشجارها، لعصبيتها، ولانفعالاتها ومكالمتها اليومية، اشتقت لرائحتها وحضنها وضحكاتها التي تنير يومي.
حدثت العديد من الأمور الجيدة التي مرت بفضل الله وكرمة وبركة دعواتها التي ترافقني أينما ذهبت، وددت أن تكون حاضرة لتشاركني هذه اللحظات المفرحة والتي مازال هناك العديد منها، كانت هناك بعض الأمور المعطلة أو المؤجلة أو التي تعد خطوات متأخرة نوعًا ما، كتب الله لها أن تكتمل ليزيد رصيد انجازاتي بكرم كبير من الله سبحانه وتعالى.
وددت أن تكون حاضرة لأرى بريق عينيها، والفرحة الخفية تزين وجهها عندما أنجز شيء أو أحقق تقدمًا ما، لتقول لي باقتضاب مبارك لكن.! وتبدأ وصلة من هذه اللاكن التي لا أفهم لماذا تقتحم أحاديثنا، خاصة لو كانت مكللة بانجازات ونجاحات كبيرة.!!
رغم كل ذلك افتقدها، افتقد ملمس بشرتها الناعمة، مازالت احتفظ بخصلة من شعرها وسط أشيائي الثمينة، تلك الخصلة تحمل رائحتها التي أخشى أن تتلاشى بفعل الزمن.
عزيزي عمر خورشيد،،
كنت اعتقد أن الهروب من الذكريات أمر يسير، يتم ببساطة بتجاهل المرور من الطرق التي عبرناها معا يومًا! لكن بمرور الوقت اكتشفت أنني أتحول تلقائيا لنسخة منها، أراها في المراة كل يوم، قد تكون أكثر انفتاحا، أكثر تروٍ وهدوء، لكني مازالت جزء منها، لذا لن أتمكن من الفرار منها أو نسيان ما كان بيننا في الماضي.
لا أخفي عليك أني كنت أظن أن السفر أو البعد جغرافيا عن أي شيء ملموس جمعنا يومًا، أو أي شيء يذكرني بها قد يفلح، لكني اكتشفت أن هذا ليس حقيقيا، فحتى أثناء سفري وجدت ما كانت توصيني بشراءه دوما أو ما تحبه.
أتوقف أمام هذه الأشياء وأتساءل أين هي؟
كل شيء موجود إلا هي!!
إلا أمي صاحبة الفضل الأول في كل شيء، يكفي أنها تركت لنا إرثا من الذكريات يصعب نسيانه، قد يعيننا على عبور ما تبقى لنا من ايام على ظهر هذا الكوكب الذي يدهشنا بتفاصيله وأحداثه!
عزيزي عمر خورشيد،،
أثقلت عليك هذه المرة بذكرياتي الحزينة، لكنها الصدفة أن أكتب لك في ذكرى جولتنا الأخيرة معها على ظهر هذا الكوكب.
في كل الأحوال رغم كل هذه الأحزان تظل أنت شعاع النور الذي يضيء أيامنا.
ما زال الأصدقاء يرسلون لي مقاطع فيديو ولقاءات لك، رغم أني مشاهدتها مسبقا، إلا أن رؤيتك دومًا تنسيني كل هموم قد تلقي بظلالها عليّ، ولا عجب في ذلك.. ألست ساحر القلوب؟!
عزيزي عمر خورشيد،،
كن بخير، لأكتب لك مجددا.
|