القاهرة 12 اكتوبر 2023 الساعة 12:52 م
بقلم: سماح ممدوح حسن
اختتم كثيرٌ من الرؤساء الأمريكيين مسيرتهم المهنية إما بفضيحة أخلاقية وإما بفضيحة سياسية، فمن الفضائح السياسية للرئيس السابق "دونالد ترامب" المتهم في 34 قضية جعلته أول رئيس أمريكي يصل إلى المحكمة الجنائية، منها قضية دفعة ل130 ألف دولار لممثلة إباحية مقابل العلاقة، وقضية التدخل في الانتخابات 2020 وقضية اقتحام الكونجرس، وبذلك يكون جمع بين الفضائح السياسية والأخلاقية، إلى الفضيحة السياسية للرئيس الحالي "جو بايدن" الذي واجه تحقيقا رسميًا بتهمة قيام نجله "هانتر بايدن" بمعاملات تجارية استفاد منها والده، وبلغت حوالي 20 مليون دولار على شكل مدفوعات من مصادر أجنبية من دول كالصين.
وعلى مدى التاريخ الأمريكي خرج العديد من رؤساء أمريكا أو أخرجتهم من مناصبهم إما فضائح سياسية أو أخلاقية. وهنا سنذكر أهم الفضائح التي خرج بها هؤلاء الرؤساء من البيت الأبيض. ولنبدأ بالفضائح السياسية:
• جمي كارتر و"مخلب العقاب"
فى عام 1979 قامت ما يعرف بالثورة الإسلامية فى إيران، وتزامن ذلك مع انتخابات الرئاسة الأمريكية التى كان يرأسها حينها الرئيس جيمس كارتر. وفي الفترة قبل الثورة الإسلامية اتسمت العلاقة بين البلدين، إيران وأمريكا، بالودية. حتى أن الشاه المخلوع حينها "رضا بهلوى" هرب إلى هناك. لكن بين عشية وضحاها انقلب الحال، وصار الحلفاء أعداء. وفى 14 نوفمبر 1979 اقتحم طلاب الثورة مناصري الخميني، السفارة الأمريكية بالعاصمة طهران وأاخذوا من موظفيها ال54 رهائن لأكثر من سنة وشهرين "أزمة الرهائن". وحينها انتهج كارتر إجراءات تعيسة تجاه الأزمة، فقطع العلاقة مع إيران، وجمد أموالهم في البنوك الأمريكية، وحظر التجارة معهم، واختتم فشل سياسته في الأزمة بعملية"مخلب العقاب"وهي عملية عسكرية فاشلة نفذتها القوات المسلحة الأمريكية بجانب القوات الخاصة 1980، العملية التي حاول فيها العسكريين تحرير الرهائن في السفارة بطهران، وأدى فشل العملية إلى تدمير الطائرتين وقتل ثمانية جنود حينها. وكانت الأزمة من أقوى الأسباب التى أدت إلى فوز الرئيس ريجان على كارتر.
• رونالد ريجان و"الكونترا"
رغم أن التحقيقات أثبتت تورط المخابرات الأمريكية في هذه الفضيحة السياسية حتى الآن لم تظهر المستندات التى تدين ريجان بشكل قاطع، إلا أنها ظلت العثرة السياسية في تاريخه. فعندما خاف الرئيس "دونالد ريجان" من وصول الشيوعية إلى بلاده من دول أمريكا اللاتينية عمل على إيقاع حكوماتها اليسارية هذه واستبدالها بقوى معارضة وموالية لأمريكا الشمالية، وحدث هذا في عدة دول من بينها "نيكاراجوا" وعندها موّل ريجان قوات "كونترا" المعارضة بأموال من بيع الاسلحة إلى إيران لتستخدمها في حربها على العراق، الأمر الذي كان محظورا حينها. وأيضا تمويلها بأموال الهرويين المُهرّب إلى نيكارجوا بإشراف من المخابرات الأمريكية. القضية التي صنعت منها هليوود فيلم من بطولة توم كروز.
• أكبر الفضائح السياسية الأمريكية "ووتر جت"
بطل هذه الفضيحة هو الرئيس السابع والثلاثين للرئاسة الأمريكية "ريتشارد نيكسون"، وهي الفضيحة التي أدت إلى استقالته من منصبه. بدأت القضية مع فوز الرئيس الجمهوري نيكسون على منافسه هيبرت همفري الديموقراطي. وبعد الفوز ألقي القبض على خمسة من أعضاء حملته الانتخابية بتهمة وضع أجهزة تصنت سرية في مكتب الخصم الديمقراطي في مبنى ووتر جت مقر الحملة حينها. اعترف أحد المدانين حينها بأنه قام بهذا بأوامر من جهات كبرى. وأثبت تورط جهات كوزارة العدل والمخابرات ومكتب التحقيقات الفدرالية والبيت الأبيض ممن حاولوا حينها التغطية على الحدث. ولما ضُيّق الخناق على موظفى البيت الأبيض المتورطين في القضية قرر الرئيس أن يقدم اثنين من الموظفين ككبش فداء وإقالتهم. لكن مع استمرار الضغط، سلّم الرئيس نيكسون حينها أشرطة تسجيلات المكالمات بين أعضاء الحزب محذوفة منها بعض النقاط التى اضطر في النهاية لتسلميها كاملة، وحينها أقرت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية استخدام الرئيس سلطته التنفيذية لحجب أجزاء من الأشرطة، وأدين بثلاث تهم، هي"استغلال النفوذ، وعرقلة مسار القضاء، وعدم الانصياع له" إضافة إلى تهمة "الكذب على مكتب التحقيقات الفدرالي"، حيث اعتبره القضاء مشاركًا في القضية، وبدأ الكونغرس مناقشات لعزله من منصبه قبل استقالته. أعلن نيكسون استقالته من منصبه في 8 أغسطس 1974 وبدأت محاكمته في سبتمبر من العام نفسه قبل أن يصدر الرئيس جيرالد فورد الذي خلفه، عفوًا عنه "لأسباب صحية".
• بوش وأسلحة الدمار الشامل.. كذبة القرن
فى 2003، غزت القوات الأمريكية العراق بحجة امتلاكها لأسلحة دمار شامل، وهو الأمر الذى تؤكده المعلومات المخابراتية الأمريكية والتي تمتلك أدلة قاطعة على إخفاء العراق لأسلحة تنوي استخدامها في تدمير إسرائيل وغيرها من الدول. تلك كانت الكذبة التي صدح بها الرئيس "جورج بوش الابن" وموظفوه على رأسهم كولن باول وزير خارجيته الذي وقف أمام مجلس الأمن يؤكد على أن معلوماتهم لا يمكن دحضها. وفى20 مارس 2003 بدأت أميركا وبريطانيا حرب احتلال العراق التي أدت إلى تدمير الدولة وتمزيقها وأشعلت بها الأزمات الاقتصادية والسياسية والتناحر العشائري الذي لم ينته حتى اليوم. الكذبة ذاتها التي أثرت المشاركين فيها بالأموال والمناصب السياسية والاعلامية على حساب موت الملايين.
وبعدها بخمس سنوات ومن نفس المنصة بمجلس الامن يعترف كولن باول بخطأ المعلومات التي على أساسها دمروا العراق، ويلحقه في الاعتراف بالخطأ، بوش الابن الذي تلقى ضربة من حذاء الصحفي العراقي "منتصر الزيدي" في اللقاء الذي جمعه و نور المالكي، بعدما شكك فى الأدلة التى قُدّمت إليه وقال"أكثر ما ندمت عليه خلال الرئاسة هو فشل المخابرات في العراق، فالكثير من الناس وضعوا سمعتهم على المحك وقالوا إن أسلحة الدمار الشامل سبب للإطاحة بصدام حسين.
وغادر جورج بوش البيت الأبيض بعد انتهاء فترة رئاسته الثانية في يناير2009 وسط انقسامات سياسية في البلاد تجاه الحروب الخارجية وقضايا داخلية.
• فضائح جنسية وأخلاقية
أما هذا النوع من الفضائح فقد اشتهر به الرؤساء الأمريكيين من بداية نشأت دولتهم، من الآباء المؤسسين". فمثلا تورط الرئيس "توماس جيفرسون" في علاقة غرامية مع "سالي هيمينج" والتي كانت إحدى العبيد، وأنجب منها طفل ثبت حديثًا بتحاليل الحمض النووى أنه ابنه.
الرئيس "وارن هاردينج" الذي حكم عامين فقط المدة التى كثر فيها الفساد السياسي والفضائح الجنسية، التى كشفت علاقاته المتعدده مع صديقات زوجته مثل كاري فيلبس، ومع المراهقة "نان بريتون" التي أنجب منها فتاة غير شرعية.
الرئيس"جون كيندي" الذي عُرفت علاقته مع ممثلة الإغراء مارلين مونرو، وغيرها حتى إن الصحفى "سيمور جريس" قال إن سجل كيندي كان حافلاً بكل أنواع النساء الجميلات بما فيهن فتيات النوادي الليلية ومضيفات الطيران وموظفات البيت الأبيض"، وكانت تلك من أهم أسباب الخلاف بينه وبين زوجته جاكلين بالاضافة إلى إدمانه على الأمفيتامين.
الرئيس "جروفر كليفلاند" الذي أقام علاقة مع السيدة "هالين" وأنجب منها ورفض الاعتراف بطفلها، فلما بدأت تشيع الأمر أدخلها المصحة العقلية وابنها إلى دار ايتام، وبعدها حاول رشوتها ببعض المال لتنكر ما قالته.
الفضيحة المعاصرة "كلينتون ومونيكا" في مثل هذه الأيام من 23 عامًا، خرجت إلى العلن الفضيحة الأخلاقية التى تدين الرئيس الأمريكي "بيل كلنتون" بأنه على علاقة غرامية مع متدربة البيت الأبيض "مونيكا لوينسكي"، لكن كلنتون حينها ظهر على التلفزيون ونفى علاقته بمونيكا التى خرجت بعدها على شاشة، أي بي سي، وأعلنت العلاقة التي نفاها الرئيس في البداية وعاد بعد سلسلة تحقيقات واعترف بها واعتذر عنها، وأدين بتهمة الحنث باليمين ثم بُرأ منها فيما بعد، وهى الفضيحة الأخلاقية التى كادت أن تقيله من منصبه حينها. وقد أنتج مسلسلا بعنوان "Impeachment: American Crime Story" العزل: قصة جريمة أمريكية، ويتناول علاقة مونيكا الغرامية بالرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون.
رغم إثبات الكثير من هذه الجرائم السياسية والأخلاقية على كثيرٍ من الرؤساء الأمريكيين إلا أنه لم يسبق وسُجن أحدهم في جريمته، يخرجون منها بطريقة أو بأخرى. قال المفكر والسياسي "نعوم تشومسكي" فى أحد لقاءاته مع ديفيد بارمسيان عن طريقة تعامل الولايات المتحدة مع سادة البيت الأبيض المتهمين: "نحن نتعامل معهم بشكل جيد جدًا".
|